تعددت الثورات فى تاريخ مصر الحديث والمعاصر.. وقد تختلف أو نتفق الآراء نحوها.. ولكن تبقى ثورة يوليو 1952 التى نحتفل بذكراها الثالثة والسبعين غداً لها مكانتها فى عقول وقلوب المصريين خاصة الجيل الذى عاصرها وتفاعل مع أحداثها الكبرى.. وانتصاراتها، وتحدياتها.. ومبادئها وأهدافها الستة التى تحققت على مدى العقود السبعة الماضية.
وما زال المخلصون والأوفياء للوطن والشعب يواصلون العطاء، ويجددون من مخرجات هذه الثورة الملهمة فى ظل التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهذا التحول الهائل الذى يشهده العالم على كافة الأصعدة والمجالات.. وايضا فى إطار التطور الإقليمى من حولنا، والمؤامرات والأطماع والتى تحيط بعالمنا العربى الذى نال اهتماماً خاصاً من تلك الثورة المصرية وزعيمها الرئيس الخالد جمال عبدالناصر.
وعلى الرغم من تباين درجات النجاح فى تحقيق المبادئ الستة لهذه الثورة خاصة ما يتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية أو اقامة حياة ديمقراطية سليمة.. إلا أنه لا يختلف إثنان على نجاح كل القادة والزعماء الذين خرجوا من رحم هذه الثورة، وتوالوا على قيادة مصر فى الحفاظ، والسعى، والتأكيد دوماً على اقامة جيش وطنى قوى.
وهذا بفضل الله وإرادة المصريين وإيمانهم بهذا المبدأ، هو أعظم ما حققته هذه الثورة.. فجيش مصر هو الحصن والملاذ للمصريين.. وهو الدرع والسيف الذى يجعل الأعداء والطامعين يعملون ألف حساب لهذا الجيش العظيم، قبل أن يفكروا للحظة واحدة أن ينفذوا بمخططاتهم ومؤامراتهم صوب أرض الكنانة.
وأظن أن العديد من المؤامرات والفتن والأطماع قد تحطمت منذ الوهلة الأولى فى كل التطورات السياسية التى مرت بها منطقتنا العربية منذ ما عرف بثورات الربيع العربى، وموجات الفتن والجماعات الإرهابية المتأسلمة.. ثم هذا المخطط الصهيو ــ أمريكى تجاه الشرق الأوسط ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، وتهجير سكان قطاع غزة لأحلام وأطماع وخرافات دينية توسعية.
كان جيش مصر القوى الراسخ هو البنيان العظيم الذى انطلقت منه صيحة مصر الرافضة لهذه المؤامرات.. ومعها نجحت الدبلوماسية المصرية فى إقناع العالم بأسره برؤية مصر الواضحة الثابتة التى لا تعرف بيعاً أو مقايضات فى سبيل مبادئها التى منها استحقت عن جدارة أن تكون قلب العروبة النابض.. الصامد.. المدافع دوما عن كل القيم العربية والإسلامية النبيلة.. والتى لا يستطيع ولا يقدر أحد أن ينكر دورها.
<<<
وفى ذكرى هذه الثورة الأم، مايزال السعى الثورى الذى تحول إلى شرعية دائمة منذ أكثر من 60 عاماً يواصل البناء والتنمية.. وتحقيق المكاسب لجموع الشعب المصرى، خاصة البسطاء منهم والمهمشين وأتصور أن مشروع حياة كريمة الذى أطلقته دولة ثورة الثلاثين من يونيه 2013 بقيادة قائدها المخلص الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى انحاز لإرادة المصريين لإنتزاع دولتهم من قبضة جماعة الإخوان الإرهابية.. هذا المشروع القومى للارتقاء بحياة أكثر من 60 مليون مصرى فى الريف والحضر، وتوفير الخدمات الأساسية والتعليم والرعاية الصحية المتكاملة عبر التأمين الشامل هو العمود الفقرى لثبات الدولة المصرية على أسس المساواة والعدالة الاجتماعية بين المصريين، للارتقاء بمستويات حياتهم وحياة أبنائهم وتطلعاتهم نحو المستقبل المشرق الزاهر، رغم تحديات كثيرة تجابه مصر وفى مقدمتها الزيادة السكانية.. والتغيرات السياسية والاقتصادية التى تلقى بظلالها على مسيرة العمل الوطنى.
<<<
بالتأكيد.. إن السعى لتحقيق مبادئ هذه الثورة التى تمددت فى عالمها العربى والإفريقى والأسيوى بل وأمريكا اللاتينية كثورة ملهمة مازال ماضياً رغم الصعوبات والتحديات والمؤامرات.. ولتبقى هذه الثورة رغم سنوات عمرها التى تجاوزت الثلاثة والسبعين، ثورة شابة لأنها تجدد نفسها، وتصلح من اخطائها، وتواكب عصرها.. تسلم رايتها المشرقة، الملهمة جيلاً من بعد جيل.. كرمز للعطاء.. وبقاء مصر العظيمة رغم أنف الطامعين والمتأمرين.