رسالة تهنئة قصيرة بمولد المصطفى صلوات الله وسلامة عليه.. أنعشت الذاكرة وأخرجت من دهاليزها مواقف غريبة طريفة محورها الأسماء وأصحابها.. وصاحب الرسالة أحد أبطال هذه الحكايات الغريبة.. حيث ينتهى اسمه بلقب «الصرماتى».
فى بداية حياتى العملية ارتبطت بثلاثة من نجوم وأساتذة ومبدعى الصحافة المصرية يجمع بينهم بالإضافة إلى وحدة المكان حيث كانوا يعملون جميعا ـ رحمهم الله ـ فى جريدة الجمهورية.. غرابة الاسم إلى الدرجة التى كانت تجعلنى أشعر بالحرج من مجرد مناداتهم بألقابهم.. وهم جلال العريان ومحمد الغلبان ومحمد الحيوان.. وأذكر أن الكاتب الصحفى القدير ناجى «قمحة» مدير التحرير.. طلب منى ذات يوم عرض أحد الموضوعات على الأستاذ «الحيوان».. وقتها كنت حديث عهد بالعمل فى الجريدة ولم أسمع من قبل عن أستاذ بهذا الاسم.. فى هذا اليوم التقيت لأول مرة مع أحد أبرز و«أظرف» الصحفيين المصريين، محمد الحيوان رحمه الله، والذى لاحظ ارتباكى فقال ضاحكا لكى يخفف من وطأة شعورى بالخجل والاضطراب «أنا الصحفى الوحيد فى مصر الذى لا يغضب إذا قيل له يا حيوان».
شاءت ظروفى العملية أن أشارك فى إصدار أول صحيفة حزبية معارضة فى مصر منذ قيام الثورة، وكان ذلك فى أواخر عقد السبعينيات، وهى صحيفة الأحرار.. وهناك التقيت بنجم آخر من نجوم الأسماء الغريبة هو الأستاذ محمد «الغلبان» مدير التحرير بالجمهورية والمحامى فى باب الشعرية، وكان شخصية شديدة الظرف، والأهم من ذلك انه كان بطلا لقصة طريفة سمعتها فيما بعد مرات عديدة من الزملاء فى الجريدة وإن كنت لست متأكداً من صحتها.. تقول القصة إن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان يزور إحدى محافظات قناة السويس، ربما محافظة الإسماعيلية، وفى اليوم التالى طالع التغطية الصحفية للجمهورية تتصدرها أسماء ثلاثة محررين أذكر منهم جلال «العريان» ومحمد «الغلبان» والثالث بالتأكيد أكثر فقراً، الأمر الذى أثار انتباه الرئيس عبدالناصر ليعلق مازحا «من يقرأ أسماء هؤلاء الصحفيين يعتقد أننا نعانى من مجاعة».
مقالب الأسماء الغريبة من عينة خيشة وخشبة والجحش وغيرها، كثيرة، ولكن بالنسبة لى كان أغربها وأطرفها ذلك الذى حدث لى مع أحد مهندسى الديكور والمعمار البارزين، حيث كاد ينتهى بمواجهة حادة بعد أن اعتقدت لوهلة أن هذا المهندس اللامع كما قيل لى، ليس سوى نصاب.. ولذلك قصة.
جاءنى المهندس أسامة مع صديق لتصميم وتنفيذ بعض التشطيبات فى شقتى بالقاهرة، وبعد جولة سريعة فى الشقة اخذ يدون ملاحظات ويرسم مجسمات و«يشخبط» أشياء «لزوم» الهندسة.. وقبل أن يغادر طلبت منه رقم هاتفه للاتصال به عند الضرورة، ولأنه لم يكن يحمل بطاقة تعريف شخصية فقد كتب اسمه ورقم هاتفه فى ورقة قدمها لى، وهنا كانت المفاجأة التى ألجمتنى.. «الباشمهندس» النــابه اللامع لا يعرف كيف يكتب اســـمه، ومن يكتـــب أســـامة «أوسامة» لا يمكن أن يكون قد اجتاز أربع مراحل تعليمية بتفوق وتخرج فى كلية تصنف ضمن أهم كليات القمة.
المشكلة أن هذا المهندس الذى أيقنت انه «شبه أمى» وأنه لا «مهندس ولا يحزنون» كان مرشحا من قبل صديق عزيز أثق فيه، والمشكلة الأكبر أننى شعرت بالخجل من مصارحته بأن مرشحه ربما لا يكون أكثر من عامل بناء.
المواجهة بينى وبين «أوسامة» كشفت أن الواو الزائدة والتى وضعها بالخطأ كاتب مكتب الصحة الذى حرر له شهادة الميلاد سببت له من المعاناة ما يفوق الوصف، ولكنها فى المقابل جعلته من أشهر مهندسى الديكور بسبب غرابة اسمه والمواقف «الواوية» التى يتعرض لها كل يوم.