مهما بلغت الصعوبات والتحديات والأزمات هتعدى لأنها مؤقتة وعابرة.. وحلولها فى أيدينا.. فى وعينا وإدراكنا ورؤانا وإرادتنا.. لكن الحفاظ على الوطن ودوام أمنه واستقراره وسلامته واصطفافه هو قضية وجود وحياة.. فالوطن الآمن المستقر قادر على عبور أى تحدٍ أو أزمة.. لكن ضياع الأوطان لا علاج له.. وربما تستحيل عودته مرة أخري.. ومع كل الأزمات والتحديات التى فرضتها الصراعات الإقليمية والدولية تبقى مصر هى شعاع النور فى منطقة حالكة الظلام.
الأمم العظيمة تواجه أحياناً تحديات وصعوبات معقدة.. لكنها دائماً قادرة على عبور هذه التحديات ولا تسمح لها أن تنال من إرادتها وعزيمتها وقوتها وقدرتها.. ولعل أهم أسباب قدرة الأمم العظيمة على تجاوز المحن والشدائد يكمن فى معدن شعوبها وقدرتهم على امتلاك الفهم والوعى والإدراك والإرادة.. والحقيقة أن مصر أمة عظيمة.. لطالما واجهت على مدار تاريخها عقبات وتحديات وتهديدات وشدائد.. لكن ذهبت هذه التحديات وولت وبقيت مصر وشعبها.. سيبلغان سنام القوة والقدرة ويحققان الأهداف والآمال والتطلعات التى ترسخ حلول الدولة المصرية.. لذلك أستطيع أن أقول «يا جبل ما يهزك ريح» ولن تقوى التحديات والأزمات التى فرضت علينا فى كسر إرادتنا أو النيل من وحدتنا واصطفافنا.. لكن السؤال المهم الذى يطرح نفسه كيف يعبر المصريون هذه التحديات والأزمات الطارئة؟ لا شك أن وحدة الصف وكون هذا الشعب كتلة واحدة وعلى قلب رجل واحد فيما يسمى بالاصطفاف الوطنى.. هو كلمة السر والسلاح الأهم فى معركة قهر التحديات والأزمات.. من هنا حاولت قوى الشر مراراً وتكراراً أن تضرب اللحمة المصرية وتحدث الوقيعة بين المصريين.. فالرئيس عبدالفتاح السيسى دائماً يكرر أن القيادة والحكومة وحدهما لن يستطيعا التغلب على التحديات والأزمات والمشاكل واحراز التقدم وتحقيق الآمال والتطلعات وتحويل الأحلام إلى حقيقة على أرض الواقع.. لذلك فإن الجميع كلنا مع بعض قيادة وشعباً وحكومة نمتلك القدرة على هزيمة أى تحديات.. القيادة والحكومة تعملان على مدار الساعة برؤية وإرادة والشعب يتحلى بالفهم والوعى والإدراك والعمل والصبر والتضحية أيضاً.. فلم تكن مصر قادرة على القضاء على الإرهاب وترسيخ الأمن والأمان والاستقرار إلا بهذا الاصطفاف الوطنى ووحدة المصريين وإصرارهم وإرادتهم على تحقيق هذا الهدف.. وأيضاً بتضحيات شهداء مصر الأبرار الذين افتدوا مصر بأرواحهم وضحوا من أجل كرامتها.. لذلك لابد أن نكون نحن من حصدنا ثمار هذه التضحيات فى أمن واستقرار وبناء وتنمية على قدر هذه التضحيات.. وأن نكون على قدر تضحياتهم وحسن ظنهم.. فقوة الوطن وقدرته وكرامته تحتاج إلى عمل وتفان ووعى وصبر وتضحيات.
الرئيس عبدالفتاح السيسى قال بالأمس: إننا قادرون على عبور الصعوبات الاقتصادية وان هذه التحديات سوف تنتهى و«لكن كله يهون إلا بلدنا».. والحقيقة أن هذه الكلمة تعنى الكثير والكثير.. فقدسية الوطن ووجوده وبقاؤه وأمنه واستقراره لطالما ضحى من أجلها عشرات الآلاف من المصريين قدموا أرواحهم ودماءهم وهو أسمى وأنبل عطاء يمكن لأى إنسان آن يقدمه لوطنه.. فما بالنا أن الوطن يحتاج منا بعض الصبر والتحمل والوعى والإدراك والعمل.. أعتقد انه لا مقارنة بين من ضحى بروحه وحياته وافتدى وطنه وبين من يعى ويصبر ويعمل ويتحمل.. لذلك علينا أن ندرك أن هناك من يريد أن يضرب وحدتنا وإحداث الفتنة والوقيعة بين الدولة والشعب.. بحيث تكون الحكومة فى جانب والمواطنون فى جانب آخر.. لذلك علينا أن نحذر من محاولات ممنهجة لتأليب الرأى العام من خلال الرهان على الأزمة الاقتصادية التى فرضت علينا وتزييف وعى الناس من خلالها.. ولعل ما حدث فى يناير 2011 مازال حاضراً بدروسه وكوارثه ونتائجه المأساوية من دمار وخراب وفوضى وغياب للأمن والاستقرار واقتراب من السقوط والضياع وخسائر اقتصادية فادحة وصلت إلى 470 مليار دولار.. وإنفاق على الحرب والقضاء على الإرهاب وصل إلى 120 مليار جنيه.. ناهيك عن الثمن والفاتورة من أرواح ودماء أكثر من 3 آلاف شهيد وأكثر من 12 ألف مصاب وإهدار الوقت واستنزاف الموارد.. واستهداف مؤسسات الدولة بالدمار والخراب وإشعال النيران وإشاعة الفوضى والإجرام.. وكل ذلك كان كفيلاً بإسقاط الدولة الوطنية المصرية لولا عناية الله وإرادة وعزم شرفاء هذا الوطن.. لذلك على المصريين الحذر من أى محاولات ومؤامرات لإحداث الوقيعة والفرقة وتزييف الوعى من خلال حملات على مدار الساعة لترويج الأكاذيب والشائعات والإحباط ومحاولات هز الثقة والتشكيك والتشويه.. فالحرب مازالت مستمرة والمعركة لم تنته بعد.. والمؤامرة تواصل استهدافها لمصر.. ولكن ليس من خلال حروب تقليدية ونظامية.. فمصر دولة قوية وعفية وقادرة ولكن من خلال استهداف العقول وبناء وعى مزيف ومحاولات لترسيخ الإحباط.. لذلك الرئيس السيسى قال بثقة واطمئنان مخاطباً المصريين «أى تهديد خارجى لا تخافوا منه على الإطلاق نحن قادرون على مجابهته.. المهم الحفاظ على وحدة ولحمة واصطفاف ووعى الداخل وأن يكون المصريون دائماً على قلب رجل واحد».
من حسن الأقدار أن المولي- عز وجل- يمنحنا الرسالة بعظمة النعمة التى نعيشها نحن المصريون فى أتون الأزمة الاقتصادية العالمية.. فإذا كانت مصر تعيش فى أعلى درجات الأمن والأمان والاستقرار ولا ينقصها شيء.. كل السلع متوفرة وإن غلت أسعارها.. بفعل الأزمات العالمية وأحياناً بجشع بعض التجار الذين يغالون فيها.. لكن ورغم كل ذلك إلا أن البلاد تعيش المفهوم الشامل للأمن بفضل تضحيات الشرفاء.. وأيضاً بفضل ما تحقق من إنجازات وبناء وتنمية ومشروعات قومية عملاقة فى كافة المجالات والقطاعات صنعت الفارق فى مجال توفير احتياجات المصريين.. لذلك لا نعانى إلا من مشكلة وأزمة وحيدة هى الدولار وإذا تم حل هذه الأزمة فليست هناك أى مشكلة.. والدولة والحكومة تعكف على حل هذه الأزمة بشكل نهائى وجذرى من خلال تعظيم زيادة الإنتاج وتوفير احتياجاتنا محلياً بالقدر المناسب وأيضاً بالصبر والوعى وعدم المزايدة على الوطن أو الانسياق وراء الجشع والاحتكار والشائعات حول سعر الدولار.
ربما نعرف قيمة وقدرة مصر والنعمة التى نعيش فيها.. إذا تركنا البصر والنظر يحلق من حولنا لنرى ونرصد أوضاعاً مأساوية فى دول الجوار.. حرائق مشتعلة واقتتال أهلى.. وضياع للدولة الوطنية وتشريد وهجرة بالملايين من هذه الدول إلينا وإلى غيرنا وأوضاع إنسانية كارثية تحيط بنا على الاتجاهات الإستراتيجية المختلفة.. فى الغرب والجنوب والشرق والبر والبحر.. ففى السودان نتمنى من الله السلامة للأشقاء وان يجتمعوا على كلمة سواء ويعلوا شأن السودان ومصلحة الشعب الشقيق ويعودوا من جديد على قلب رجل واحد.. فأمن السودان جزء لا يتجزأ من أمن مصر.. وما يحدث له تأثيراته وتداعياته على مصر.. وكذا الحال فى ليبيا الشقيقة ثم الأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة الغربية.. فأهالى القطاع يعانون بسبب الوحشية والبربرية التى تمارسها قوات الاحتلال وحصار وتجويع وحرب إبادة واستهداف وضرب المستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه وتدمير المساجد والكنائس وكافة مقومات الحياة والحيلولة دون دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية خاصة أن مصر تفتح معبر رفح دون توقف على مدار الساعة واليوم والأسبوع والشهر.. ولكن التعنت والتعسف الإسرائيلى وتأخير الإجراءات تحت دعاوى مختلفة أدى إلى نقص فى الإمدادات والمساعدات الإنسانية فى هذه الأوضاع الكارثية التى يعيشها الأشقاء فى قطاع غزة وتستهدف إسرائيل من ذلك ممارسة الضغوط على المقاومة الفلسطينية للإفراج عن المحتجزين والأسرى الإسرائيليين.. فقد كانت قبل الأزمة الراهنة تدخل يومياً من معبر رفح 600 شاحنة والآن وبسبب الإجرام الإسرائيلى لا تزيد على 250 شاحنة.. ورغم ذلك فإن أباطيل وخزعبلات وأكاذيب دولة الاحتلال لا تتوقف وتحاول عن قصد وكذب تشويه المواقف الشريفة.
ما يحدث فى المنطقة من اضطرابات وصراعات وحرائق مشتعلة وكوارث إنسانية ومشاهد مأساوية يرسخ وعياً حقيقياً لدى المصريين.. ليدركوا أهمية الأمن والاستقرار وتوافر كل شيء من احتياجاتهم خاصة أننا نرى المأساة فى الأراضى الفلسطينية وتحديداً قطاع غزة فقد تجاوزت أعداد الشهداء ما يقرب من 26 ألف شهيد وقرابة الـ70 ألف مصاب وتدميراً كاملاً لمنظومة الرعاية الصحية وشحاً فى المواد الغذائية والأدوية ومقومات وأسباب الحياة.. لذلك علينا أن ندرك حجم ما لدينا من نعم.. ونحن لا نتوقف عن دعم الأشقاء الفلسطينيين.. فمصر هى الداعم التاريخى للقضية الفلسطينية.. وكما أكد الرئيس السيسى أن مصر تبذل جهوداً متواصلة من أجل وقف إطلاق النار وادخال المساعدات بالقدر الذى يكفى الأشقاء واتساقا مع حجم المأساة الإنسانية.. وأيضاً الأعداد وأيضاً تحاول مصر العمل على الحيلولة دون اتساع نطاق ودائرة الصراع الذى يهدد الاستقرار الإقليمى ويلقى بظلاله على العالم أيضاً ويزيد من أوجاع وآلام المجتمع الدولى.. وقد جسدت مصر حجم الدعم للأشقاء الفلسطينيين سواء فى فتح معبر رفح على مدار الساعة وقد ساهمت بأكثر من 80٪ من حجم المساعدات التى تصل إلى أشقائنا فى القطاع.. لكن إسرائيل تعانى من الارتباك والهزيمة النكراء والفشل الذريع والتخبط والانقسام هو ما يفسر ترويج الأباطيل عن مصر لاشغال وإلهاء الرأى العام الإسرائيلى عن الفشل والتخبط.
الصعوبات والتحديات والأزمات هتعدى «لكن كله يهون إلا بلدنا».. فالكارثة الحقيقية هى ضياع أى وطن وليس ما يواجهه من تحديات وأزمات.. لانه طالما أن البلد بخير والعمل مستمر والتحدى قوى نستطيع أن نعبر أى أزمات.. فالدول التى تسقط من الصعب عودتها.. وربما لا تعود أو يستغرق ذلك عقوداً.. وضرب الرئيس مثلاً بالشقيقة الصومال التى تعرضت لأحداث إرهاب عام 1991 وكان نتاجها 7 مليارات دولار وتعدادها 25 مليون نسمة واستمرار الأوضاع الصعبة والإرهاب والصراع على مدار أكثر من 30 عاماً أضاع عليها فرص التنمية والنمو الاقتصادى وكان يمكن مع استقرار الأوضاع خلال السنوات الماضية أن تحقق مليار دولار زيادة فى ناتجها ودخلها القومى سنوياً ولو حدث ذلك لكان دخلها القومى يزيد الآن على الـ30 مليار دولار سنوياً.
من الطبيعى جداً أن تواجه الأوطان تحديات وأزمات عابرة أو حتى حروباً تنتهى فى فترات محدودة وتستطيع أن تعبر هذه الأزمات والمشاكل مع وحدة واصطفاف ووعى الشعوب.. لكن فى حال ضياع الأوطان وسقوطها ودمار الدولة الوطنية ومؤسساتها فلن تقوم لها قائمة.. وذلك من ضروب المستحيل وهو ما نراه الآن فى بعض دول المنطقة ومن حولنا.. لذلك لابد أن تقبض الشعوب على جمر الوعى والصبر والوحدة وعدم الالتفات إلى دعاوى وأكاذيب وشائعات وتشكيك قوى الشر.. فما هى إلا أزمات وتحديات عابرة ومؤقتة سوف تكون من الماضى أو التاريخ وسرعان ما تعود الدول إلى سيرتها الأولى من معدلات كبيرة للنمو والتقدم.. ومصر لديها أزمة تم تشخيصها بدقة تكمن فى محور أو جانب واحد وهو «الدولار».. والدولة تعكف على إنهاء هذا الأمر بشكل نهائى وهناك رؤية شاملة لتحقيق هذا الهدف.. وطالما أن «مصر- السيسي» وضعت هدفاً نصب أعينها فإنه سوف يتحقق هكذا عودتنا هذه القيادة الوطنية الشريفة التى صنعت لمصر الأمجاد والإنجازات والنجاحات وأعلى درجات الأمن والأمان والاستقرار.
السيسى مواطن مصرى مخلص وشريف.. قالها مراراً وتكراراً وبصدق «أنا واحد منكم يا مصريين وضعتم أمانة هذا الوطن ومسئوليته فى رقبتي».. لذلك دائماً ينحاز الرئيس السيسى لشعبه وللمواطن المصرى.. وخلال الاحتفال بالعيد الـ72 للشرطة المصرية قال الرئيس السيسى: «أقدر صلابة المصريين فى مواجهة الضغوط الاقتصادية وانه يسجل احترامه وتقديره للمواطن البسيط.. وان الجيل الحالى واجه جبالاً من التحديات والأزمات وتغلب عليها وان الحكومة وضعت رؤية لحل مشكلة الدولار».. لذلك فإن القيادة السياسية تستشعر نبض الناس ومعاناتهم.. ولا تتوقف عن العمل من أجل الوصول للحلول.. وبما أن الأزمة سببها مشكلة الدولار والدولة وضعت رؤية للحل.. اذن فالفرج قريب.. والعبور بات وشيكاً وهو ما يفسر أن الحل آت خلال أسابيع قليلة.. فالرئيس السيسى أبداً لا يسكت عن معاناة شعبه التى فرضتها أزمات عالمية وإقليمية وصراعات تموج بها المنطقة.. ويتألم منها العالم.. جاءت من معركة طاحنة بين قوى كبرى بين معسكرين الأول يحاول الحفاظ على النظام العالمى القائم الذى يضمن الهيمنة والسيطرة على مناطق النفوذ والمصالح بكافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة.. والمعسكر الثانى يسعى لإقامة نظام عالمى متعدد الأقطاب بشعارات البحث عن العدالة والقضاء على ازدواجية المعايير وتقليم أظافر الهيمنة.. لذلك فإن الصراع بين المعسكرين له تداعيات مؤلمة يصرخ منها العالم.. بل أن المعسكر الأول يسعى بكل جبروت وقوة لتنفيذ مخططاته ومؤامراته وصياغة جغرافيا جديدة للمنطقة والعالم واستقطاب قوى ودول ضمن معسكره.. وما بين صياغة جديدة للجغرافيا وتمديد لمناطق النفوذ والسيطرة وبين الاستقطاب.. هناك مخاض مؤلم قد يسفر عن بقاء النظام العالمى القديم والقائم أو ولادة نظام عالمى جديد.. لكن فى كل الأحوال «كله يهون إلا بلدنا».. أى أزمة أو تحدٍ أو مشكلة نحن قادرون على حلها.. المهم الحفاظ على أمن واستقرار وسلامة ووحدة واصطفاف هذا الوطن.. بالعمل والوعى والفهم والإدراك والإرادة.. فالحفاظ على الوطن واستقراره.. قضية وجود.