من أهم الايجابيات فى مصر على مدار 12 عامًا، وضع المواطن على رأس الاولويات وهو ما يحرص عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى ولعل ما حققه فى هذا الإطار يشهد بذلك خاصة أن قضية بناء الإنسان المصرى، تستحوذ على اهتمام القيادة السياسية بالقطاعات المختلفة كالصحة والتى حققت نجاحات هائلة خاصة فى القضاء على «فيروس سى» وبات تجربة عالمية، والقضاء على قوائم الانتظار ومبادرة «100 مليون» وغيرها من المبادرات الناجحة وأيضا لا ننسى اطلاق المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» لأكبر وأضخم مشروع قومى إنسانى وهو تطوير وتنمية قرى الريف المصرى والذى يستهدف قرابة 60 مليون مواطن مصرى يعيشون فى القرى والنجوع على امتداد ربوع الوطن.
الحقيقة الساطعة التى ترسخت على مدار 12 عامًا أن الإنسان المصرى يستحوذ على الاهتمام، وهو أيضا مصدر الإلهام، وكما وصفه الرئيس السيسى هو البطل الحقيقى لما تحقق فى مصر والمنطقة تواجه تحديات وصراعات ومتغيرات جيوسياسية وحروبًا مشتعلة، بطبيعة الحال ألقت بآثارها وظلالها وتداعياتها القاسية على دول المنطقة وشعوب المنطقة ومصر جزء من العالم والمنطقة، ، وهنا فرضت عقيدة القيادة السياسية، ذات التوجه الإنسانى والانحياز إلى المواطن المصرى، وتخفيف معاناته، واتاحة العيش الكريم له ولأسرته، من خلال العديد من الإجراءات والقرارات، وتوسيع مظلة الحماية الإنسانية والاجتماعية من هنا لفت نظرى ما أقدمت عليه وزارة التضامن الاجتماعى بتوجيهات رئاسية، تتسق مع طبيعتها الإنسانية تشارك فيها الجمعيات الأهلية والمجتمع المدنى المصرى الذى أثبت قدرته الفائقة على العطاء والدعم والتكامل والمساندة لذلك جاء توجه وزارة التضامن الاجتماعى إلى التوسع فى إستراتيجية وطنية هى «أهل الخير للإطعام» وتوزيع الوجبات الغذائية، على الفئات الأكثر احتياجًا والإطعام هو فضيلة دينية تعظمها كافة الأديان السماوية، ونجحت الوزارة فى حشد جهود وطاقات وقدرات الجمعيات الأهلية التى تعمل فى هذا المجال بالإضافة إلى أهل الخير من القادرين والأغنياء ورجال الأعمال فى انطلاقة قوية فى هذا العمل النبيل والإنسانى والذى أرى أنه سيتوسع خلال الفترة القادمة، ويتحول إلى عمل مؤسسى عملاق.
اللمسة الإنسانية والعطاء والخير، والتكافل فى أوقات الأزمات والشدائد طبيعة وعقيدة مصرية أصيلة، لذلك يقينًا ستنجح مبادرة وزارة التضامن التى ترسخ لإستراتيجية إنسانية فى توقيت دقيق، لكن ظنى أنها ستكون عمل مستدام فى مراكز للإطعام ثابتة وأيضا متحركة لتوزيع الوجيات الغذائية على المواطنين، من هنا التحية واجبة لوزارة التضامن على هذه المبادرة التى ستكون مستدامة بعد النجاح الكبير الذى شهدته البدايات والأرقام تؤكد ذلك والاقبال الكبير ودعم ومساندة الدولة ومؤسساتها والمجتمع المدنى والجمعيات الأهلية، فالأرقام تؤكد أننا أمام عمل إنسانى مبدع، ومطلوب بشدة فى هذا التوقيت، وتأكيد لمعدن المصريين النفيس من أهل الخير ووقفة وطنية ويكفى أن أقول أن وزارة التضامن قامت بتوزيع «100 مليون» وجبة فى الفترة من أول يناير وحتى 30 مارس بنهاية شهر رمضان منها 52 مليونًا فى الشهر الكريم، لكن المهم هو الإعلام والإعلان عن هذه المبادرة أو الإستراتيجية العظيمة للإطعام ودعم الفئات الأكثر احتياجًا ويجب أن يدرك الأغنياء والقادرون وأهل الخير أن العطاء وثواب الإطعام أجره من الله عزوجل وهو عظيم فى ظل تداعيات الأزمات الإقليمية والدولية وانعكاساتها والأرقام أيضا تتحدث عن النجاح والتأكيد على أننا كمصريين نستطيع فقد قامت وزارة التضامن بتوزيع 2.5 مليون وجبة خلال شهر ذى الحجة وعيد الأضحى المبارك بالشراكة مع عدد من الجمعيات.
الإطعام وتوفير احتياجات المحتاجين أو الفئات الأكثر احتياجًا ليس أمرًا جديدًا على المصريين فالإطعام أمر منتشر فى دول العالم، وأكبرها مثل الولايات المتحدة الأمريكية هناك المطابخ الخيرية والوجبات المجتمعية، وهى جزء من تقاليد راسخة وتدار من قبل جمعيات خيرية وتدعم المشردين والأسر ذات الدخل المنخفض، وفى كندا شبكات واسعة من المطابخ الخيرية تشبه النموذج الأمريكى وفى بريطانيا وترتبط بشبكات بنوك الطعام ومبادرات مكافحة الفقر وقد زاد الطلب عليها مع ارتفاع تكاليف المعيشة وأيضا فى ألمانيا فى شكل بنوك الطعام وفرنسا وإستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية وفى الهند لديها تقاليد عريقة فى المطابخ المجتمعية وكذلك الارجنتين والبوسنة والهرسك وفى العديد من الدول الإفريقية وأمريكا اللاتينية، والمطلوب تطويرها وتدعيمها و أن تعمل بشكل مؤسسى تتضافر فيها جهود الدولة ومؤسساتها والمجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والخيرية واسهامات وتبرعات الأغنياء والمقتدرين ورجال المال والأعمال والشركات الكبرى بل اقترح أن تكون لها مركز وإدارة من خلال وزارة التضامن والشركاء من المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية، وأن نعمل فى إطار مراكز ثابتة ومتحركة فى كافة ربوع البلاد وفق قواعد بيانات دقيقة وهى متاحة وتصدر لها بطاقات أو كوبانات يمكن الدخول بها إلى المراكز الثابتة للإطعام كما أنه توفيرًا للنفقات وحفاظًا على الاستدامة والاستمرارية يمكن ألا تكون الوجبات سواء فى المراكز الثابتة أو المتحركة من اللحوم والدجاج والاسماك ويمكن اقتصارها على ثلاثة أيام أو يومين فى الأسبوع حسب المتاح والقدرات، وتوفير وجبات من نوعيات طعام أخرى متوافر فيها كافة احتياجات الإنسان من السعرات والمواد الغذائية أى صحية.
الحقيقة أن هذا النجاح الذى تحقق من خلال مبادرة وزارة التضامن الاجتماعى للإطعام وفقًا للأرقام تستحق التحية، ويستوجب الاستمرارية ولا بد من تطوير وتوسع وعمل مؤسسى لأنها مبادرة فى توقيت مهم للغاية، وترسخ توجيهات القيادة السياسية فى دعم الفئات الأكثر احتياجًا والحقيقة أننا كمصريين نستطيع أن نحول هذه المبادرة إلى أسلوب حياة وإستراتيجية مستدامة تتوافر لها كافة القدرات والامكانيات وهى عطاء لله عزوجل وللوطن أيضا أيًا كانت المسميات تظل الأهداف والمقاصد النبيلة والإنسانية والمجتمعية أسمى وأغلى، وعلينا أن لا نلقى بالاً للمثبطين والمحبطين والمشوهين.