ساد «هدوء حذر» العاصمة السورية دمشق، صباح أمس، فى أعقاب الضربات الإسرائيلية التى طالت مقر وزارة الدفاع ومحيط قصر الرئاسة على خلفية تصاعد أزمة السويداء.
ووفق بيانات وزارة الصحة السورية، فقد أودت الضربات الإسرائيلية على العاصمة دمشق بحياة 3 أشخاص، وأصابت نحو 34 آخرين.
الوضع الميدانى والأمنى فى السويداء، تسوده حالة من الهدوء فى المدينة، مع بدء تنفيذ الاتفاق بين الحكومة السورية والوجهاء والأعيان بالمحافظة الذى انسحبت بموجبه قوات وزارة الدفاع.
أعلنت دار طائفة الدروز فى سوريا أمس الاتفاق مع دمشق لحقن الدماء وسحب القوات الحكومية من السويداء، قالت فى بيان نشر عبر صفحتها على «فيسبوك»، إنه تم تشكيل لجنة تقصى حقائق وتعويض المتضررين.
جاء ذلك، فيما انتشر مقاتلون دروز على جانب طريق فى إحدى القرى القريبة من مدينة السويداء مع انسحاب كامل قوات الجيش السورى من المحافظة فى مدينة السويداء التى بدت خالية من القوات الحكومية، إلا ممن يبحثون عن الجثث.
من جانبه، كشف المرصد السورى لحقوق الإنسان، عن ارتفاع عدد القتلى جراء أحداث العنف فى السويداء إلى 516.
وشهدت المحافظة الواقعة فى جنوب البلاد منذ صباح الأحد الماضي، اشتباكات عنيفة بين الأهالى «من الطائفة الدرزية» وعشائر البدو، ما دفع وزارة الدفاع السورية إلى إرسال تعزيزات عسكرية إلى المحافظة بهدف دعم الحواجز الأمنية، التى تعرضت للهجوم وفضّ الاشتباكات المسلحة فى المحافظة.
الرئيس السوري أحمد الشرع اتهم أمس إسرائيل بالسعى إلى تحويل سوريا إلى ساحة فوضي، مضيفا أنه لا يخشى الحرب.
وقال الشرع، فى كلمة متلفزة وجهها إلى السوريين على خلفية أعمال العنف التى شهدتها السويداء أن «الكيان الإسرائيلى الذى عودنا دائما على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مجددا إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية».
واعتبر أن إسرائيل تهدف إلى تفكيك وحدة الشعب السورى وإضعاف قدراته على المضى قدما فى «مسيرة إعادة البناء والنهوض».كما أكد أن «حماية حقوق الدروز وحريتهم من أولوياتنا»، وأن الحكومة السورية «ترفض أى مسعى يهدف إلى جرهم إلى طرف خارجى أو لإحداث انقسام داخل صفوفنا». وقال: «إننا جميعا شركاء فى هذه الأرض، ولن نسمح لأى فئة أن تشوه الصورة الجميلة التى تعبر عن سوريا وتنوعها».
وفى إسرائيل قال زعم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه تم انتزاع وقف اطلاق النار فى السويداء بالقوة مؤكدا أن زعيم الدروز فى إسرائيل طلب منه التدخل لمساعدة دروز سوريا.
من جهته، أدان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، استهداف القصر الرئاسى فى العاصمة السورية دمشق، أمس الأربعاء، واصفا الاستهداف بأنه «تصرف متهور».وأكد لابيد، فى مقابلة مع برنامج بثته القناة الثانية الإسرائيلية، أن «حماية الدروز فى سوريا أمر مهم، لكن دون استهداف القصر الرئاسي بدمشق. وعارض «إسقاط النظام» فى سوريا، مشددا على أن إسرائيل «بحاجة إلى استقرار سوريا».
ورسميا، قال مسئول إسرائيلى إن بلاده تعزز قواتها على الحدود مع سوريا تحسبًا لأى تطور قد يحدث فى المنطقة.. وأضاف أن الجيش الإسرائيلى أمهل نظيره السورى بضعة أسابيع لسحب قواته وأسلحته من محافظة درعا، وفقا لما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية.. وأكد المسئول أن إسرائيل متمسكة بمطلبها القاضى بنزع السلاح فى الجنوب السوري، بما يشمل منطقة درعا.
فى السياق، أظهرت صور مباشرة من الحدود الإسرائيلية السورية، أمس، انتهاء تجمعات الدروز، وأفادت إذاعة الجيش الإسرائيلى بأن محاولات عبور الدروز الإسرائيليين لسوريا توقفت.كما أوضحت الإذاعة الإسرائيلية أنه لا يزال عدد من الدروز الإسرائيليين داخل سوريا، وجارٍ العمل على إعادتهم.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد ناشد، الأربعاء الماضي، الدروز بعدم عبور الحدود إلى سوريا، وذلك بعد أن رصد الجيش حالات عبور للسياج الحدودى فى منطقة مجدل شمس.
على صعيد ردود الأفعال الدولية، نددت وزارة الخارجية الروسية، أمس، بالغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، وقالت إنها تشكل انتهاكا لسيادة البلاد وللقانون الدولي.وقالت الوزارة، فى بيان: «موجة العنف الجديدة فى سوريا مثيرة للقلق بشكل بالغ، وتشكل انتهاكا صارخا لسيادة البلاد والقانون الدولي.
كما دعت الصين إلى احترام سيادة سوريا، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية لين جيان: «فى ظل الاضطرابات المتواصلة فى الشرق الأوسط يجب تجنب الأفعال التى تسهم فى تصعيد الوضع».
من جانبه، شدد وزير الدولة البريطانى لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هيمش فولكنر، على ضرورة احترام سيادة سوريا، مشيرا إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيها تهدد بزعزعة الاستقرار.وأعرب الوزير البريطانى عن القلق إزاء التصعيد فى سوريا، مشيرا إلى أهمية حماية المدنيين والالتزام بوقف إطلاق النار، ومحاسبة مرتكبى أعمال العنف فى السويداء.
أما وزير الخارجية الألمانى يوهان فاديفول، فقال إنه ينبغى ألا تصبح سوريا ساحة للتوتر الإقليمي، داعيا جميع الجهات الفاعلة المحلية والدولية إلى الإحجام عن أى شيء يعرض الاستقرار وعملية الانتقال السياسى فى سوريا للخطر».
من ناحية أخري، نقلت «رويترز» عن مصادر دبلوماسية القول إن مجلس الأمن الدولى يجتمع، فى وقت لاحق، لبحث الهجمات الإسرائيلية على سوريا.ودعت سوريا، وفقا لرسالة اطلعت عليها «رويترز» مجلس الأمن الدولى إلى الانعقاد فى أقرب وقت ممكن «لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلى على الأراضى السورية».