لست الأول ولا الأخير الذى يتحدث عن هذه الظاهرة، خاصةً فى ظل الرقمنة وسعى الجميع نحو تعليم أفضل والحصول على شهادات ودرجات علمية معتمدة، تفتح لهم أبواب المستقبل والتطور المهنى، ما زالت ولا تزال «الكيانات الوهمية» سواء كانت جامعة أو أكاديمية أو مركزاً أو معهدآ، تشكل تهديداً كبيراً على المجتمع ومؤسساته، من الناحية التعليمية والاقتصادية والأخلاقية، وفى هذا التوقيت بالأخص يجب أن نكون حذرين تماماً من كثرة الأنشطة الدعائية التى تملأ «الفيس بوك» وغيره، معلنة عن كيانات تعليمية جديدة بعضها «نصب»، تزعم قبول الطلاب الحاصلين على الثانوية العامة والأزهرية والدبلومات الفنية، بمجاميع متدنية تبدأ من 50٪، للدراسة فى المجالات المختلفة، بالإضافة إلى الإدعاء بإتاحة درجة الماجستير أو الدكتوراه من جامعات معتمدة.
نجد أسباب كثيرة أدت إلى انتشار هذه الظاهرة منها «الطلب المتزايد على الشهادات» بسرعة وسهولة، و«الجهل بالاعتماد الأكاديمى» عدم وعى البعض بكيفية معرفة اعتماد هذه المؤسسة من عدمه، و«غياب الرقابة» السمة الأكثر رواجاُ عبر الأنترنت، وقد تتسبب هذه الكيانات «المزيفة» فى وقوع آثار سلبية جسيمة على المجتمع، تتمثل فى «انحدار المستوى الأكاديمى» نتيجة لظهور «التعليم المغشوش» الذى يخلق جيل يفتقر إلى الكفاءة الحقيقية فى سوق العمل، مما يضعف الإنتاجية والمهنية فى المؤسسات، بالإضافة إلى «إثارة حالة من الإحباط والضرر النفسى» على البعض بسبب إهدار أموالهم الطائلة مقابل شهادات لا قيمة لها غير معتمدة، كما انها «تهدد الأمن الوظيفى» عن طريق وضع أشخاص غير مؤهلين تماماً فى وظائف حساسة، وبالتالى قد تحدث أخطاء كارثية تهدد حياة وسلامة المجتمع، وفى النهاية كل هذا ينتج عنه «تشويه صورة التعليم فى مصر» مما يؤثر سلبًا على الجامعات المعتمدة أيضًا، ويبدأ المجتمع فى فقدان الثقة بجودة التعليم بشكل عام والتعليم العالى بشكل خاص.
ولا أحد ينكر أن هناك أيضاً جهوداً ملموسة تبذلها الدولة ممثلة فى وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، لرصد مثل هذه الكيانات ومجابهتها بكافة الطرق الممكنة، أبرزها «نشر الوعى المجتمعى» من خلال إطلاق حملات توعوية وتثقيفية لمعرفة كيفية التحقق من اعتماد المؤسسات التعليمية، و«التحذيرات المتتالية» من خلال إطلاق تنبيهات لأولياء الأمور والطلاب والمتقدمين للحصول على الماجستير والدكتوراه، بعدم الانسياق وراء مكاتب التعليم الوهمية، ثم «تشديد الرقابة القانونية» حيث حرصت الوزارة على زيادة عدد أعضاء لجان الضبطية القضائية لضمان سرعة الرصد والإغلاق، ومن تم «فرض عقوبات صارمة» على من يديرون أو يروجون لمثل هذه الكيانات، بالإضافة إلى «التعاون فى الاعتمادات الدولية» حيث يتم التنسيق مع دول العالم للتأكد من صحة الشهادة المقدمة من الخارج، كما تقوم وزارة التعليم العالى بـ»دعم منصات التحقق» للمواطنين، من خلال نشرها «قائمة سوداء» بأسماء الكيانات الوهمية المضبوطة والتى تجاوز عددها الـ250 «كياناً مزيفاً» فى مختلف محافظات الجمهورية، ويتم تحديث هذه القوائم باستمرار على موقع الوزارة وصفحات التواصل الاجتماعى، فـ»يا ريت ناخد بالنا» ان كل هذه الأدوات وضعت بين أيدينا لعدم التلاعب بنا فأرجو أن نستخدمها ونبحث فيها لنتأكد من شرعية الكيان التعليمى ولعلها تكون حصن الدفاع لنا ضد النصابين والمحتالين.
من الأخر.. الكيانات الوهمية تمثل خطرًا حقيقيًا على جودة التعليم العالى فى مصر ومصداقية شهاداته ومؤهلاته، لذا يجب أن تتكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية والإعلامية للقضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها، ضمانًا لتكافؤ الفرص التعليمية وحفاظًا على العدالة الاجتماعية.