فى البيت الأبيض وخلال زيارته الأخيرة اجتزأ رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من المشهد جرائمه فى حرب الإبادة التى يخوضها فى غزة ، وراح يقدم أوراق ترشيح إسرائيل للرئيس الأمريكى دونالد ترامب للحصول على جائزة نوبل للسلام، نفس الفعل «التناقضى» نفذه نتنياهو مع السوريين، ففى الوقت الذى قامت فيه قوات الاحتلال بالتوغل فى الأراضى السورية واقتحام مخازن للسلاح تابعة للجيش ، كان هناك وفد إسرائيلى بالعاصمة الأذربيجانية» باكو» للقاء وفد من سوريا لبحث عملية التطبيع بين دمشق وتل أبيب (؟!)، أيضا فإن نتنياهو الذى يمتلك كيانه الصهيونى نحو مائتى رأس نووى وتوقف قبل أسابيع عن حرب قصيرة ضد إيران ، عاد ليهدد باستئناف هذه الحرب لأنه ببساطة تأكد أنه لم يدمر كل المفاعلات النووية الإيرانية، ولأنه متأكد أن أمريكا ستواصل دعمها للمخططات والأطماع الإسرائيلية.
>>>
مشاهد مريبة ومتناقضة تشكل إسرائيل القاسم المشترك فيها، وترصد نتنياهو باعتباره «عفريت العلبة» الذى أحضرته الولايات المتحدة قبل سنوات ولم تستطع أن تصرفه، فتغول عليها وعلى إداراتها المتعاقبة حتى بدا أنه يستطيع فعل أى شىء فى أى وقت، وفى ذلك نعود لنشرات الأخبار التى بثت قبل أيام واجتماع نتنياهو بترامب مرتين فى واشنطن وعلى مدى ساعات، ونتوقف فقط عند لحظة إمساك نتنياهو ببعض الخرائط وتقديمها لترامب وإبداء الأخير موافقته على هذه الخرائط دون التمعن فيها، عقب ذلك شاهد المجتمعون «فيديو» لشخص «أخفته الكاميرات» وتم الاستماع إليه بإعجاب شديد، وبدا على المجتمعين أن هذا الشخص هو شريك فى إعداد الخرائط أو أنه ممول العمليات العسكرية الإسرائيلية سواء فى غزة أو إيران، والتى تتم بموافقة الرئيس الأمريكى الذى يسعى وسط هذا المناخ الملبد بالانحياز وبالتغاضى عن الجرائم الإسرائيلية للحصول على جائزة نوبل للسلام.
>>>
هكذا يفعل «عفريت العلبة» أو شيطان الشرق الأوسط «نتنياهو» والذى فاقت جرائمه جرائم النازية والفاشية ، وستسجل باسمه أبشع جرائم إبادة جماعية فى التاريخ، ورغم ذلك فهو الوحيد فى هذا العالم الذى يستطيع أن يقصف ويهدد ويتوعد وأن يقتل ويدمر دون أن يحاسبه أحد، وفى نفس الوقت يمكنه أن يضحك ويبتسم وأن يجلس «منتشيا» وبالساعات مع الرئيس الأمريكى ترامب الذى فاجأ الجميع عند لقائه بخمسة من رؤساء الدول النامية ومطالبته لكل منهم بتعريف نفسه ودولته والاختصار فى الحديث لأن جدوله ملىء بالمقابلات والمشغوليات، وحقيقة فإن هذه «المفارقة « إلى جانب مفارقات مماثلة تنمر خلالها ترامب بقادة دول صديقة وحليفة لبلاده، تستوجب من جميع الدول أن تعيد النظر فى علاقاتها بالولايات المتحدة، وأن تبحث فى إمكانية بناء تحالفات جديدة من شأنها تحقيق المصالح المشتركة والحد من الهيمنة الأمريكية ومنع «الغطرسة الترامبية».
>>>
على الجانب الآخر، وفى عاصمة غينيا الاستوائية «مالابو» بدت المشاهد إيجابية تماما، مشاهد تعيد الثقة والأمل والتفاؤل لكل الدول النامية ودول العالم الثالث، فقد حرص قادة الدول الأفريقية على المشاركة فى أعمال الدورة السابعة لاجتماع القمة التنسيقى لمنتصف العام للاتحاد الإفريقى، وبدا حرصهم على الحضور هذا العام نابعا من إدراكهم للمتغيرات الإقليمية والدولية الخطيرة والمتلاحقة ، وكذلك لإدراكهم أن قوة الدول الأفريقية لن تتحقق إلا بالتعاون والتكامل وبالتنمية ، الملاحظة المهمة فى هذا السياق هى هذا الاستقبال الحافل وهذا الترحيب الكبير بالرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الدورة الحالية للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الانمائية للاتحاد الافريقى» النيباد» ورئيس الدورة الثانية للقدرة الاقليمية لاقليم شمال افريقيا، وذلك لعوامل عديدة من بينها حجم التحديات التى تواجه أفريقيا فى الوقت الحالى التى تتطلب المزيد من المواقف الموحدة والتنمية، وإدراك الزعماء الأفارقة لأهمية الدور المخلص الذى يقوم به الرئيس السيسى فى هذا الصدد، أيضا إدراك اولئك الزعماء أن مصر ستظل الدولة الافريقية الوحيدة القادرة على إدارة وتنفيذ مشروعات تنموية أفريقية شاملة تجبر العالم على الاعتماد على الكنوز البشرية والطبيعية للقارة السمراء.
>>>
فى كلمتين متتاليتين باجتماعين متعاقبين بهذا التجمع الأفريقى الكبير فى «مالابو» ، تحدث الرئيس السيسى عن أهمية التنمية وتعزيز القدرات الإفريقية لمواجهة التحديات، وأشار إلى الدور المحورى الذى قامت به «النيباد» تحت الرئاسة المصرية فى مختلف المجالات التنموية فى افريقيا وتنفيذ أجندة افريقيا التنموية 2063 وتطوير الاستثمار فى البشر فى مجالات الصحة والتعليم وتوفير كافة الفرص لتحقيق التنمية والازدهار، كما تحدث الرئيس السيسى عن الجهود المصرية لتعزيز السلم بإفريقيا وقال: إن تفعيل وتعزيز الاليات الإقليمية المعنية بحفظ السلم والأمن بالقارة بات أمرا ملحا وأن القوة الأفريقية الجاهزة أصبحت تشكل ركيزة أساسية فى منظومة السلم والأمن الإفريقية وتتمتع بالقدرة على دعم وحفظ السلام.
>>>
وحقيقة فإن ما شاهدناه وسمعناه «بواشنطن وباكو ومالابو» هذا الأسبوع، يحتاج للمزيد من القراءة والتحليل لأنه يحمل الكثير من الرسائل التى يجب يدركها الجميع، والتى تتلخص فى أنه لا بديل عن التنمية وامتلاك القوة للحفاظ على السلام والكرامة الإنسانية لكل الشعوب الإفريقية.