عندما تحدث ترامب عن قدرته على ايجاد حل لمشكلة السد الإثيوبى بين القاهرة وأديس أبابا أكد على أمرين مهمين الأول ان النيل يمثل بالنسبة للمصريين حياة والثانية الاعتراف بخطأ الولايات المتحدة فى تمويل السد.
مصر رحبت بتصريحات ترامب وأكدت تقديرها لحرصه على التوصل لاتفاق عادل يحفظ حقوق الجميع حول السد.
هذا الترحيب المصرى مبنى على ثوابت واضحة لا تنازل عنها، أعلنتها مصر بشكل واضح وأكدت مراراً وتكراراً على أنها تمثل مبادئ غير قابلة للنقاش، أولها أن حقها فى مياه النيل مسألة حياة أو موت وخط أحمر غير مقبول التساهل والتسامح معه.
وثانيها ان مصر التى تدعم التنمية لكل الأشقاء لا تقبل ولن تسمح أن تكون التنمية على حسابها.
الثالث ان التفاوض والحل السلمى هو خيارنا وكل الخيارات مفتوحة للدفاع عن حقنا المائي.. فالقاهرة التى تقبل كل الحلول الدبلوماسية لا تسمح بتجاوز حقوقها المائية أو أمنها القومي.
أكد السفير محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق ، أن ثوابت مصر فى التعامل مع أزمة السد الاثيوبى قائمة على احترام حقوق الدول المشاطئة للنيل فى التنمية ،وفى الوقت نفسه احترام حقوق دول المصب التاريخية المكتسبة ما يؤدى إلى تحقيق الرخاء لدول حوض النيل .
وتابع أن السياسة المصرية تحترم كل جهود الحلول السياسية والتفاوضية لكنها ترفض فرض أى وصاية على نهر النيل بحجة أن منابعه تقع فى دولة أخري، فقواعد القانون الدولى واجبة الاحترام و»القاهرة «منذ بداية الأزمة اختارت التفاوض سبيلا للوصول لحل الأزمة بما يضمن تحقيق المنفعة المشتركة ولا يضير أى طرف.. موضحا أن ثوابت الموقف المصرى تقوم على طرح منظور شامل للتعاون الإقليمى لبناء مصالح مشتركة ، يربط بين بلدان شرق القارة ليضيف مزيدا من الاستقرار وتحقيق المصالح الاقتصادية المتبادلة، ويجعل من النقل والطاقة والمياه والتجارة ضمن نطاق منظومة تعاون إقليمى يحقق مصالح الجميع بدلا من أن تكون المياه هى المكون الوحيد للتعاون وأن يكون النهر واحة للتعاون والرخاء ليس مصدرا للقلق والتوتر، فاقليم شرق أفريقيا يشكل أهمية استراتيجية كبيرة لارتباطه بأمن الخليج والبحر الاحمر.. ويشير إلى أن الحلول المطروحة لابد أن تحترم هذه الثوابت المصرية لأنها تمثل أمناً قومياً لنا.
ويرى الدكتور عباس شراقى استاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة أن ثوابت مصر فى التعامل مع أزمة السد الاثيوبى تستند إلى أن «النيل» نهر دولى وأن إقامة أى مشروعات عليه لابد أن تكون عبر التوافق بين دول حوض النيل ،فسياسة مصر تعتمد على ضرورة تطبيق مبادئ القانون الدولى فى هذه القضية والتعاون وليس فرض الأمر الواقع الذى لا تقبله مصر ولا تسمح به.
ويستعرض د.شراقى المبادئ التى تحرص مصر على تطبيقها استنادا لقواعد القانون الدولى وهى ضرورة التزام اثيوبيا بالاتفاقيات الموقعة فى السابق ، قائلا إن أديس أبابا تتنكر لهذه الاتفاقيات وتزعم أنها «قديمة» ووقعت فترة الاستعمار وهذا غير حقيقى فأثيوبيا وقعت على هذه الاتفاقيات وهى غير مستعمرة وهى ملزمة بها وأى خروج عليها يمثل خرقاً لقواعد القانون الدولي.
ويشير إلى أن مصر تصر على ضرورة الإخطار المسبق بإنشاء اى سدود على نهر النيل وتقديم الدراسات الخاصة بها، والتأكد بأنه لا يوجد اى ضرر عليها.. كما أنه مثلما تحترم مصر حق الأثيوبيين فى التنمية فلابد أن يحترموا حقوقنا المائية التاريخية التى لا تقبل التهاون لأنها مسألة حياة أو موت للمصريين.
ويستكمل د.شراقى أن إثيوبيا لم تلتزم بهذه المبادئ ، واعلنت عن إنشاء السد الإثيوبى فى 2011 باتخاذ قرارات منفردة ومنها تخزين المياه خلف السد ومصر ترفض ذلك تحقيقا للمبدأ الرئيسى بأن «النيل»نهر دولى وينبغى التوافق قبل إقامة أى مشروعات مؤكدا أن ثوابت الدولة المصرية ظلت على مدار السنوات الماضية ترتكز على ضرورة التشاور وعدم إلحاق الضرر بحصة مصر من المياه ولكن اثيوبيا هى التى رفضت ذلك.. ولهذا فأى تفاوض يجب أن يلتزم بالثوابت المصرية لأنها تتوافق مع القانون الدولى والواقع الذى يعرفه الجميع.