لا أحد يستطيع أن ينكر ما تقوم به منظومة التأمين الصحى التقليدى من دور رائد فى تقديم الخدمات العلاجية والتشخيصية لأكثر من نصف الشعب المصرى.. فهى تقدم خدماتها المتطورة لجميع أصحاب المعاشات وللملايين فى الشركات المشتركة فى منظومة التأمين، بخلاف حالات الطوارىء.. وهو ما يعبر عنه أحد المستفيدين من خدمات التأمين الصحى، عندما أُجريت له مجانا عشرات الفحوصات التشخيصية التى تتكلف فى القطاع الطبى الخاص عشرات الآلاف من الجنيهات للتحضير لعملية المياه البيضاء، وأُجريت له الجراحة وزرعت له عدسة.. كل ذلك دون أن يتكلف جنيهاً واحداً.. فيما يحكى شخص آخر من أصحاب المعاشات كيف سقط من ارتفاع وعانى كسراً فى مفصل الحوض، وأُجريت له جراحة كبرى، وتم تثبيت الكسر بشرائح معدنية ومسامير وأمضى فى المستشفى قرابة العشرين يوماً، خرج بعدها سليماً معافى، دون أن يتكلف جنيهاً واحداً، ولو أجريت له هذه الجراحة فى مستشفى خاص لتكلفت قرابة نصف المليون جنيه.. هذا بخلاف الآلاف من عمليات القلب المفتوح وزرع مفاصل وغيرها من الخدمات المتقدمة الأخرى التى تقدم على أعلى مستوى وبشكل مجانى تماما.
فى مقابل هذا، فإن بعض العاملين فى التأمين الصحى يتعمدون تعذيب المستفيدين بقرارات وإجراءات تخرج عن قواعد المنظومة ولا علاقة لها بضوابطها.. وعلى سبيل المثال فإن صاحب المعاش عندما يتوفى تنتقل بطاقته التأمينية إلى زوجته تلقائياً ويتم استخراج بطاقة تأمين للزوجة فى دقائق.. يحدث هذا فى الإسكندرية والجيزة والعشرات من محافظات مصر.. وعندما ذهبت زوجة أحد أصحاب المعاشات بعد وفاته لاستخراج بطاقة تأمين صحى فى القاهرة، رفض العاملون فى إدارة التأمين الصحى استخراج بطاقة تأمين لها دون إبداء أسباب أو توضيح مبررات، .. لا لشىء سوى إنها من سكان القاهرة التى تطبق نظاماً غير النظام وقواعد لا علاقة لها بالقواعد المنظمة لمنظومة التأمين.. فهل القاهرة تحديداً مستثناة من هذه القواعد دون غيرها من المحافظات.. لا أحد يعرف ولا أحد يجيب على تساؤلات الحائرين أمام شبابيك التأمين الصحى فى القاهرة.
ومن القاهرة الى الاسكندرية.. ذهبت سيدة إلى عيادة التأمين الصحى بمتاعب شديدة فى مفصل الركبة، ولكن موظفو العيادة رفضوا عرضها على الطبيب المختص، بحجة ان بطاقة التأمين الصحى لم تجدد، وانها المفروض أن تجدد بطاقتها سنوياً حتى لا تحرم من خدمات التأمين.. بينما فى القاهرة بطاقة التأمين الصحى غير محددة المدة ويستطيع المستفيد استخدامها طوال حياته دون تجديد إلا فى حالات امتلاء صفحاتها ببيانات التشخيص والعلاج وهنا نجد أنفسنا أمام تساؤلات حائرة.. أولها، لماذا يتوجب على المستفيد فى الإسكندرية تجديد بطاقته سنوياً، ولا ينطبق الأمر نفسه على المستفيد فى القاهرة؟!.. وثانيها، ما الهدف من التجديد السنوى، فالبطاقة عليها صورة المستفيد وهو إذا توفاه الله فرضاً، فبالتأكيد لن يستخدمها شخص آخر، بالإضافة إلى أن التجديد السنوى لا يتطلب تقديم أى بيانات أو مستندات جديدة، ولا هدف منه سوى تعذيب المستفيد، الذى هو غالباً شخص على المعاش وكبير فى السن وربما لا يستطيع الذهاب إلى إدارة التأمين والوقوف فى طابور التجديد أو ربما ينسى التجديد السنوى، ليجد نفسه محروماً من تقديم الخدمة العلاجية حتى يجدد بطاقته.
المفروض أن قواعد وضوابط التأمين الصحى واحدة فى جميع المحافظات ولا تختلف من محافظة إلى أخرى.. فمحافظة تطلب التجديد السنوى ومحافظة لا تطلبه، ومحافظة تستخرج بطاقة تأمين صحى لزوجة صاحب المعاش المتوفى، ومحافظة لا تستخرجها.. وكأن كل محافظة لها قواعدها الخاصة التى لا علاقة لها بالمنظومة الموحدة للتأمين.