ما جعلنى أكتب هذا المقال فى أننا اليوم نتعرض للعديد من الابتلاءات والامتحانات باختلاف أنواعها وأشكالها، البعض لا يعرف هل هذا ابتلاء أم بلاء؟! هل هذا غضب من الله أم رضا، فأردت أن أبحث عن إجابة من كتاب الله والرجوع إلى معانى كلامه وتفسيرها الصحيح والاسترشاد بقصص الأنبياء وما حدث معهم ليكونوا قدوة دائمًا لنا، فجميع الرسل والأنبياء تعرضوا لامتحانات عدة ومن يتمعن يجد أن كلًا منّا تعرض لِما تعرض له الأنبياء باختلاف أنواع الابتلاء، ولكن الفيصل هو كيفية التعامل مع الابتلاء، فهناك من فَقَدَ أبناءه، وهناك من تعرض لغدر من أقــرب الناس إليه، وهناك من أُتهم ظُلما وسـُجِنَ ظُلما، وهناك من تحدث الناس عنه بسوء وهناك من اُبتلى بابن عاصِ، أو زوجة عاصية، أو أب عاص، فالثواب على قدر المشقة.
فجميع الرسل والأنبياء تعرضوا للابتلاءات وللعديد من الامتحانات، فتعرض سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لامتحان الضعف ونجح فيه، وتعرض لامتحان القهر كذبوه وسخروا منه وأساءوا إليه، امتحن امتحان القهر فصبر، وامتحن امتحان النصر فتواضع، وامتحن امتحان الفقر فصبر، وامتحن امتحان الغنى فشكر، امتحن بموت الولد، وامتحن امتحان الظلم فى واقعــة الإفــك وانقطــع الوحى عنه 40 يوما فصبر، امتحن امتحان الهجرة، وامتحن بكيد الأعداء وافتعلوا المؤامرات عليه، وقالوا عنه الأبتر شماتة فيه لموت أطفاله فأنزل الله سورة الكوثر.
كما تعرض سيدنا إبراهيم للعديد من الامتحانات.. واُبتلى سيدنا نوح فى ابنه، وتعرضت ستنا مريم لامتحان أيضًا فصبرت، وتعرض سيدنا يوسف لعدة امتحانات من إلقاء إخوته له فى البئر لبيعه كعبد لإغواء امرأة العزيز له لسجنه ظلما. وسيدنا أيوب تعرض أيضًا للعديد من الامتحانات بعد أن أنعم عليه الله بالعديد من النعم سلبت منه فصبر ثم أرجعها إليه مرة أخرى. سيدنا موسى اُبتلى بقومه، سيدنا يعقوب اُمتحن فى ابنه يوسف، ابتلى سيدنا لوط بزوجة عاصية.
وفى ذكرى يوم عاشوراء الذى نجّى فيه سيّدنا موسى عليه السّلام وقومه بنى إسرائيل من بطش فرعون وملئه، ليضرب الله لنا مثلآ بأن فى حياتنا الدنيا قد يتعرض البعض لمثل هذا الموقف فقد يحاط به الخطر والظلم من جميع الجهات؛ وليس بذكائك؛ فهل كان موسى يصدق ان عصاه سوف تنجيه من هذا الموقف الصعب ؟! هل كان يصدق أن الله سيشق له البحر لينجيه؟! فهذا المشهد درس لنا جميعا فالله سبحانه وتعالى قد ينجيك بأضعف الأسباب وبأقل الوسائل لتعلم أن الوسائل والأسباب عاجزة بدون الله.
الجميع يتعرض لابتلاءات ولا تظن أنك وحدك مُبتلى ولكن ما يفرق بين البعض والبعض الآخر رد الفعل إزاء تلك الابتلاءات وبالتالى من ينجح فيه ومن يرسب! فلكى تخفف من وقع الابتلاء عليك تذكر أنه مؤقت وأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها وتمعن فى حكمة الابتلاء ستعلم أن الله كان رحيما بنا وما ابتلانا إلا ليخفف عنّا، ولو تمعنا الحكمة فى المنع سنعلم أن المنع كان عين العطاء.