أكدت الدكتورة أماني أبو زيد، المفوض السابق للبنية التحتية والطاقة والرقمنة في الاتحاد الأفريقي، أن تنمية أفريقيا ترتكز بشكل أساسي على حل تحدي الطاقة الأكثر إلحاحًا.
أوضحت أن التعامل مع هذا التحدي يتجاوز مجرد توليد الطاقة؛ بل يمثل إطلاقًا للنمو المستدام، والحد من الفقر، ورسم مستقبل القارة بشروطها وظروفها الخاصة.
قالت الدكتورة أماني أبو زيد في مقال لمؤسسة ” ONS ” النرويجية ” إن القارة الأفريقية تتمتع بمصادر ضخمة ومتنوعة من الطاقة والمعادن التي توفر لقارتنا فرصًا عظيمة لتحقيق أهدافنا التنموية كما هو منصوص عليه في الأجندة الأفريقية 2063 من حيث النفاذ الشامل، وتسريع النمو الاقتصادي والتصنيع، والحد من الفقر، وتعظيم الأرباح من خلال القيمة المضافة والتنويع.
أضافت ” إننا نواجه تحديًا أساسيًا: تحقيق التوازن بين ثلاث أولويات متنافسة في معضلة الطاقة ــ أمن الطاقة أي توفيرها بشكل مستمر ، والعدالة في مجال الطاقة أي نفاذية الطاقة و وصولها لكل سكان القارة و بأسعار مناسبة، والاستدامة البيئية”.
شددت المفوض السابق للبنية التحتية والطاقة والرقمنة في الاتحاد الأفريقي أنه بالرغم من أن معضلة الطاقة هي إشكالية تواجهها العديد من المناطق في العالم، إلا أنها ملحة بشكل خاص بالنسبة لأفريقيا، حيث يعيش أكثر من 600 مليون شخص هنا بدون كهرباء، ولا يملك 900 أفريقي أي وسيلة للطهي النظيف، كما أن انقطاع التيار الكهربائي متكرر يهدد جهود الصناعة و الاقتصاد، وتغير المناخ له تأثيره على توفر بعض مصادر الطاقة مثل الطاقة الهيدروليكية.

أكدت علي أن هذا العجز الخطير في الطاقة في قارتنا، كونها المنطقة ذات أدنى معدلات الوصول إلى الطاقة عالميًا، يُسهم في خسائر اقتصادية جسيمة تُقدر بما يتراوح بين 1% و6% من ناتجنا المحلي الإجمالي سنويًا. وهذا يُترجم إلى خسارة مليارات الدولارات سنويًا، مما يُعيق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل والحد من الفقر.
أضافت يُعاني العالم من صدمات وأزمات خارجية عديدة، بشرية وطبيعية، و تُصيب هذه الصدمات قارتنا الافريقية التي تُكافح للتعامل مع موضوعات التعليم و الصحة و البنية التحتية والديون والفقر والأمن في آنٍ واحد، في ظل محدودية الحيز المالي.
أشارت إلي أنه في عصرٍ حافلٍ بالفرص الهائلة والتحديات الكبيرة، يجب على قطاع الطاقة في أفريقيا الاستفادة من مواردنا لتحقيق النمو والتنمية والاستدامة على المدى الطويل.
وقالت ” إن النمو السكاني الأفريقي، والوتيرة السريعة للانتقال للمناطق الحضرية، وتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية (AfCFTA)، وضمان أنظمة طاقة قوية، وتوسيع البنية التحتية، وتعزيز المرونة والأمن – من بين العديد من التحديات الملحة الأخرى – تتطلب مضاعفة معدل توليد الطاقة الحالي في القارة ثلاث مرات، بل أربع مرات، باستخدام مصادر الطاقة المتاحة، وتوسيع البنية التحتية للطاقة الإقليمية والعابرة للقارات، وذلك بفضل السوق الأفريقية الموحدة للطاقة (AFSEM) التي أطلقها الاتحاد الأفريقي عام ٢٠٢١، على أن تدخل حيز التنفيذ بكامل طاقتها عام ٢٠٤٠.
أوضحت الدكتورة أماني أبو زيد أن المشهد الحالي للطاقة في أفريقيا يُظهر أن الوقود الأحفوري لا يزال المصدر الرئيسي للطاقة في أفريقيا، مشيره إلي أنه من المتوقع أن يُمثل 69% من إجمالي قدرة الطاقة في أفريقيا عام 2025. وبحلول عام 2035، ستُسهم مصادر الطاقة المتجددة بحصة أكبر في مزيج الطاقة، حيث يُتوقع أن تبلغ حصتها 45% من إجمالي قدرة الطاقة، حيث تُولي بلداننا الأفريقية، إلى جانب شركائنا الدوليين والمؤسسات المالية، الأولوية لتسريع وتحسين الوصول إلى الكهرباء من خلال توسيع البنية التحتية لتوليد الطاقة والشبكة الكهربائية بالتزامن مع مشاريع الطاقة المتجددة.
قالت المفوضة السابقة للطاقة والبنية التحتية في الاتحاد الأفريقي ” ويتماشى هذا مع “الموقف الأفريقي المشترك بشأن الطاقة” لعام 2022 ، الذي أكد على استخدام جميع مواردنا من الطاقة مع الاستمرار في زيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الأفريقي.
أشارت الدكتورة أماني أبو زيد الي أنه إطار استراتيجيات الاتحاد الأفريقي المختلفة، تتبنى أفريقيا نهجا شاملا ينظر إلى أجندة الطاقة ليس فقط كمدخل للأنشطة الاقتصادية ولكن أيضا كأجندة تنمية من خلال التأكيد على أهمية زيادة المعالجة المحلية والتصنيع المرتبط بالطاقة، وبناء قاعدتنا الصناعية، وتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
نوهت إلي أن استراتيجية التصنيع الأفريقية تعطي الأولوية لبناء روابط محلية بين إنتاج الطاقة، و الصناعات التحويلية لثرواتنا من الموارد الطبيعية، وقطاعات الاقتصاد الأخرى. وفي مجال الطاقة المتجددة، يشمل ذلك خططًا لبناء قدرات تصنيعية للمكونات الرئيسية للألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، والبطاريات.
يُسهم هذا الجهد التصنيعي في بناء روابط خلفية من خلال توفير موادنا الخام، مثل الليثيوم والكوبالت والنحاس والجرافيت – وهي مدخلات أساسية لتقنيات الطاقة النظيفة – بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية والخدمات المساندة من القطاع الخاص المحلي داخل القارة.
شددت في ختام المقال الدكتورة أماني أبو زيد المفوض السابق للطاقة والبنية التحتية في الاتحاد الأفريقي علي أن معالجة عجز الطاقة في أفريقيا تتطلب إعطاء الأولوية لأجندة تنمية أفريقيا بناءً على واقعنا واحتياجاتنا الملحة. وهذا يتطلب حشد استثمارات هامة ونقل التقنيات.
ونبهت إلى انه يجب على بلداننا تكثيف جهودها لجذب الاستثمارات في المشاريع المتعلقة بالطاقة ، مضيفة ” علينا في أفريقيا أن نستغلّ نقاط قوتنا: وفرة الموارد، وشباب السكان، وموقعنا الجغرافي المركزي، وشراكاتنا مع جميع الجهات المعنية عالميًا، وأكبر منطقة تجارة حرة. وفي الوقت نفسه، علينا أن نواصل تقديم قيمة تتجاوز مجرد توفير موارد الطاقة أو المواد الخام، بما يضمن توازنًا دقيقًا يقتضي تحقيق ربح للجميع بدلًا من أن يستحوذ احدهم على كل شيء.