وافق مجلس النواب، على تعديلات قانون الإيجار القديم، مع اعتراض نواب المعارضة، على عدد من مواد القانون، إلا أن ذلك لم يؤثر فى موافقة نواب الأغلبية..
يرى البعض أن القانون بصورته التى أقرها مجلس النواب مؤخرًا مثالًا على انحياز المشرع لطرف بعينه – وهو المالك – دون النظر بشكل كاف إلى حقوق المستأجرين المستقرة بحكم عقود الإيجار الطويلة، والتى تكونت لها حماية قانونية واجتماعية راسخة على مدى عقود من الزمن .
فالقانون وفق هذه الوجهة يعيد تنظيم العلاقة الإيجارية بصورة قد تؤدى عملياً إلى تهجير أعداد ضخمة من المستأجرين، خصوصاً من ذوى الدخول المحدودة، إذا لم تنجح الحكومة فى أن توفر لهم ضمانات انتقالية عادلة أو تعويضات مناسبة، ودون توفير بدائل سكنية بأسعار ميسرة، مما يتعارض مع المبادئ الدستورية.
سيصبح القانون واجب النفاذ، حال تصديق القيادة السياسية عليه، وهو ما سنعرفه خلال الفترة القادمة، ووفقا للدستور، فقانون الإيجار بتعديلاته يخالف الحق فى السكن، وفق نص (المادة 78 من الدستور)، ويؤدى إلى الإخلال بالعدالة الاجتماعية وفق (المادة 8)، كما يشوبه التمييز غير المبرر بين المالك القوى والمستأجر الضعيف، بمخالفة مبدأ المساواة وفق المادة 53، كما يفضى إلى المساس بالمراكز القانونية المستقرة بما يهدر وحجية العقود وفق (المادة 94) من الدستور، فسيادة القانون أساس الحكم، والدولة تلتزم باحترام أحكام القضاء وصون الحقوق المكتسبة، كما ان الكثير من عقود الإيجار القديمة تعتبر عقودًا مستمرة ومستقرة بحكم القضاء والقوانين السابقة، ومن ثم فإن تعديلها بشكل مفاجئ قد يهدد استقرار المراكز القانونية المكتسبة، مما قد يعتبر جورا على حقوق أطراف العلاقة التعاقدية المستقرة تاريخيًا.
من أجل ذلك ربما تشهد الأيام المقبلة الطعن على القانون أمام المحكمة الدستورية العليا، سواء بالطريق غير المباشر المتمثل فى الدفع بعدم الدستورية أمام المحكمة الموضوعية (مثلاً محكمة الإيجارات الجزئية أو الابتدائية)، وإذا رأت المحكمة الموضوعية جدية الدفع بعدم الدستورية، تقرر إحالة الدفع إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، وإذا قضت بعدم الدستورية، يعتبر القانون أو المادة المقضى بعدم دستوريتها كأن لم تكن.
أو بالطريق المباشر حيث يُتاح فقط لرئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو عدد من أعضاء مجلس النواب (20٪ منهم) إحالة القانون مباشرة للمحكمة الدستورية للنظر فى مدى دستوريته قبل إصداره أو بعده.
خاصة أن الحق فى الطعن مكفول لأى شخص متضرر من تطبيق القانون (مثلاً مستأجر صدر ضده حكم إخلاء بناء على القانون الجديد)، كذلك من حق محامى الشخص المتضرر الدفع بعدم دستورية القانون أثناء نظر دعواه أمام المحكمة العادية (مدنية أو إيجارات).. الأمر الذى قد يغير الواقع الذى أحزن عشرات الآلاف من المواطنين، ومازال حزنهم مستمرا.
القانون فى رأيى، يحتاج لمراعاة للبعد الإنسانى وعدم تجاهل جوهر العدالة الاجتماعية التى يفترض أن تحكم وتنظم العلاقة الإيجارية، ولعل ذلك يكون دافعا قويا لسرعة تعديله، أو إيقاف العمل به لحين التأكد من دستوريته.