الناس فى مصر أو بالأحرى فى منطقة قناة السويس التى تشمل بورسعيد .. الإسماعيلية..السويس.. عندما خرجوا للتصدى لجيوش ما سمى العدوان الثلاثى لم يخرجوا للمنظرة أو لمحاولة إثبات واقع جديد لهم.. بل ركزوا جل همهم على هذا العدوان ودحر المشاركين فيه دون تفكير فيما سيضحون به وكيف يمكن توفير الطعام والشراب والدواء والكساء لهذا الشعب الأعزل..!
ولعل ما يلفت النظر وقتئذ أن الحكومة التى شددت على ضرورة تهجير هؤلاء المواطنين لم يعترضوا ولم يحتجوا ولم ينظموا مظاهرات أو أشياء من هذا القبيل.. بل تقبلوا التعليمات.. فى نفس الوقت الذى بيتوا فيه أمرا أو أمورا كثيرة حيث شكلوا فيما بينهم كتائب فدائيين تخرج لمواجهة المعتدين الذين جاءوا من البحر وهبطوا فوق أرضهم بالمظلات وقذفتهم الطائرات الحربية وسط الشوارع والحارات واحتلوا البيوت والمحلات ومواقع الجيش..
بكل المقاييس لم يتوقع الغزاة تلك المقاومة الباسلة من جانب أهالى القناة الذين أجبروهم على الفرار كالجرذان ومحاولة الاختباء بين أنقاض المساكن أو داخل الخرابات التى حولوها إلى معسكرات التدريب.. وصد العدوان والأسر لكل ما يسقط فى أياديهم.
ولقد شاءت إرادة الله أن يتحقق نصر الله للمصريين بعد إجبار الغزاة على الرحيل مخلفين وراءهم أسوأ صور الذل والمهانة وليبادر هؤلاء الشجعان بإقامة مشروعات صغيرة سرعان ما تحولت إلى مراكز حققوا ومازالوا يحققون من خلالها أفضل وأنقى وأطهر الأرباح.
وإنصافا للحق لم يتوقع هؤلاء الأبطال الممثلون فى أبنائهم وأحفادهم أو أشقائهم وخالاتهم وأخوالهم أن يضعهم البعض فى مقل العيون وأن ينالوا التكريم والتقدير من زعيم البلاد الحالى الذى لم يكونوا بالطبع يعرفونه أو يعرفهم فليس هذا هو المسار العادى أو المفروض لكن الموقف بالنسبة للرئيس السيسى كان مختلفا فهو الرئيس الذى يرى فى مصر والمصريين تاريخا تليدا وتراثا تزيده الأيام والشهور والسنون عظمة وفخارا وتقديرا ويؤمن إيمانا جازما بقول الله سبحانه وتعالي:» ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون». وبالتالى يهيئ لهم ولأهلهم كافة دلالات الإعزاز والتقدير.
نعم.. لقد مضى على الانتصار فى حرب 1956ما يقرب من 86 عاما يعتبرها الكثيرون أنها باتت تاريخا مضيئا ومشرفا للمواطنين لكن الرئيس عبد الفتاح السيسى أضاف إلى كل ذلك إجراءات عملية ستستمر إلى قيام الساعة فدعاهم إلى حضور احتفال تعتمد أركانه على معانى التضحية والفداء مستثمرا إياهم فى إحياء ذكرى أهاليهم وأقاربهم بالفعل وبكل مشاعر المحبة والتقدير فى نفس الوقت الذى يضفى فيه على كل مواطن مصرى وكل مواطنة مصرية أن تقدم التضحية وبذل روحه وروحها وماله ومالها ما يرفع شأن مصر.. فلابد أن يظل فؤاده دائما مثار ارتياح وسرور وسعادة ولقد أدت تلك السياسة التى ينتهجها الرئيس السيسى عن قناعة ويقين إلى نظرية جديدة فى قواعد وأصول الحكم ليس على المستوى المحلى والإقليمى فحسب بل تشمل الدنيا بأسرها.
هذه النظرية تقول:
السلام يجلب السلام..الرئيس السيسى يحرص فى أشد الأزمات تعقيدا بل ورغم ارتفاع أصوات عالية مدوية يرى أصحابها أن ترطيب الأجواء لا يفيد نجد الرئيس يجيء لينبه إلى قدرة مصر وقوة جيشها فيفيق إلى رشده ويدرك من كان على وشك الوقوع فى الخطأ أن السلم أفضل الطرق المؤدية للحل العادل والمستديم.
والآن ليس من المنطق فى شيء أن يمر هذا التقرير مرور الكرام على «شخصية» فرضت نفسها ومازالت على تاريخ أمريكا وأعنى بها شخصية الرئيس دونالد ترامب.
لقد خرج الرئيس من البيت الأبيض صاغرا لكنه مرفوع الهامة حيث رفض أن يسلم الحكم لرئيس يؤمن فى أعماقه أنه فاز فى الانتخابات بالتزوير وظل متحملا كل المحاولات للزج به فى السجن دون جدوي..بل آثر فى قرارة نفسه أن يعود للبيت الأبيض بشتى السبل والوسائل والأمانى على أنه سيحقق مآربه وربما هو الذى يضع عدوه اللدود جو بايدن فى السجن.
لكن السؤال:
هل سيكون موقفه من إسرائيل محايدا أو مؤيدا أو مؤازرا؟
الإجابة باختصار..كلهم بنيامين نتنياهو..
بس خلاص..
و..و.. شكرا