ثلاثة من طلاب شهادة الثانوية العامة انتهت حياتهم في لحظات تهور واستهتار، وبدون سابق إنذار، لتظل أسرهم تعيش في حسرة وأحزان ما تبقى من العمر. الأول ألقى بنفسه في النيل لعدم رضاه عن حلوله في الامتحان، والثاني تناول “حبة الغلة” السامة لشعوره بعدم التفوق الذي اعتاد عليه. أما المأساة الثالثة، فكانت لفتاة سقطت فوقها معدة بناء أثناء توجهها للامتحان، لتُنهي حياتها في الحال. حُررت محاضر للضحايا، وأُخطرت النيابات المختصة التي تولت التحقيق.
هموم وأحزان
القصة الأولى للطالب عبد الرحمن خالد المقيم بإحدى قرى مركز طلخا بمحافظة الدقهلية. كان حريصًا طوال مشواره الدراسي على التفوق لتحقيق حلمه في الالتحاق بالكلية المرموقة التي يتمناها، لكن توتره خلال الامتحان جعله غير راضٍ عن نفسه، خاصة في مادة اللغة العربية. فبسبب سحب ورقة الإجابة في آخر دقيقة قبل أن يكمل الحلول المطلوبة، خرج حزينًا مهمومًا مصابًا باليأس والإحباط. شعر به شقيقه ووالدته، اللذان حاولا تهدئته لنسيان الماضي والتركيز فيما هو قادم، مهما كانت النتيجة. ليردد لأمه بنظرات حزينة ودموع باكية وهو يحتضنها: “سامحيني، مش هاقدر أحقق حلمك بعد تعبك معايا.” لتهدأ من روعه دون أن تدرك ما يدبره لنفسه.

صرخات الأم
ظلت الضغوط النفسية تسيطر على الشاب “عبد الرحمن” كثيرًا، إلى أن خرج بعدها إلى الشارع مهمومًا تراوده “وساوس شيطانية” بضرورة التخلص من حياته. وظل على هذا الحال إلى أن توجه إلى النيل وألقى بنفسه في المياه دون أن يشعر به أحد. ولعدم معرفة الأهل بما حدث، قاموا بعد تأخره في العودة بالبحث عنه لدى المعارف والأصدقاء أملًا في أن يكون توجه لأي منهم، لكن دون جدوى. ليسرعوا بعدها بنشر صورته على “فيسبوك”، تطالبه أمه المسكينة التي يحترق قلبها حزنًا عليه بالعودة رحمة بها، لكن بلا فائدة. لم يكن أمامهم سوى تحرير محضر بغيابه، ليكتشفوا بعد عدة ساعات ظهور جثته طافية بمياه النيل وانتشال قوات الإنقاذ لها، وتعرفهم عليها في مشهد صادم وصرخات مدوية حزنًا على فراقه.

حبة الغلة
والمأساة الثانية بطلها الطالب أحمد شريف، ابن مدينة بلقاس بمحافظة الدقهلية أيضًا، والذي لم يتوقع أحد تلك النهاية الدرامية له. فقد كان دائمًا من الأوائل بشهادة الجميع، ملتزمًا في حياته ولديه هدف حريص على تحقيقه والوصول إليه بثقة وثبات. إلى أن حدث ما لم يخطر له على بال عندما أصابته فجأة حالة نفسية سيئة أثناء أيام الامتحان، جعلته يخرج مضطربًا بعد مادة الفيزياء، لتنتابه حالة اكتئاب حزنًا على انهيار حلمه وطموحه. فقرر عدم إكمال المشوار التعليمي، وأسرع بتناول “حبة الغلة” السامة والقاتلة في غفلة من الأهل، الذين أسرعوا به إلى المستشفى في محاولة لإسعافه، لكنهم اكتشفوا أنه دمر نفسه وفارق الحياة، ليعيشوا في أحزان لا تنتهي.
شهيدة العلم
أما الضحية الثالثة فهي الطالبة عائشة سعد، بنت مركز إدفو بصعيد محافظة أسوان، والتي كانت تحظى بحب الجميع واحترامهم، ودائمًا مصدر سعادة أهلها الذين كانوا يفتخرون بتفوقها. وكعروس في زهرة شبابها ونضجها وأنوثتها، كانوا يعدون الساعات والليالي للخروج من كابوس الثانوية العامة الذي عانت منه كثيرًا، استعدادًا للالتحاق بالجامعة وأحلام وردية. انهارت كلها فجأة عندما فوجئت أثناء خروجها لأداء الامتحان رفقة شقيقها الذي كان يقوم بتوصيلها، بسقوط معدة رفع مواد البناء فوق رأسها بالقرب من المنزل، لتقضي على حياتها وتُسقطها جثة هامدة في الحال، ويُصاب هو الآخر. نتيجة الإهمال الذي دمر الأهل نفسيًا ومعنويًا حزنًا على فراقها المفاجئ.