صياغة الوعى وتثبيت الهوية
فى زمنٍ تتشابك فيه الخيوط السياسية، وتتعدد فيه ساحات الحرب بين العقول والميادين، يصبح الإعلام أداة استراتيجية، لا لنقل الخبر فقط، بل لصياغة الوعي، وتثبيت الهوية، والرد على الأكاذيب بمنطق القوة والمعرفة.. نحن فى مصر، الدولة التى واجهت على مدار التاريخ أطماعًا، وتحديات، ومؤامرات، لم تعد المواجهة الإعلامية رفاهية.. نحن بحاجة مُلحة لجيل جديد من المحللين السياسيين والاستراتيجيين، جيل واعٍ، مدرب، مثقف، يمتلك أدوات الرد، ويملك الحضور والحنكة، ليكون صوت مصر فى مواجهة حملات التضليل وطمس الحقائق.
نماذج نفتخر بها
نحن لا نفتقر إلى النماذج، بل لدينا أسماء أثبتت حضورها بقوة على الساحة السياسية والإعلامية.. الكاتبة الصحفية هند الضاوي، نموذج مشرف لمحلل سياسى يتعامل مع المعلومة بوعي، ويدرك أين يضع الكلمة ومتى يشهرها كالسيف.. مداخلاتها وتحليلاتها لا تكتفى بقراءة السطح، بل تذهب مباشرة إلى العمق، إلى الجذور، لتعرى الأكاذيب وتفضح المخططات.
أما الدكتور ماك الشرقاوي، المحلل السياسى المتخصص فى الشأن الأمريكي، فهو مدرسة مستقلة فى قراءة الخطاب السياسى الأمريكي.. لا يُبهره الوهج الإعلامى ولا ينساق خلف العناوين البراقة، بل يضع يده دائمًا على مكمن اللعبة السياسية، كاشفًا الوجه الحقيقى لما يدور خلف الأبواب المغلقة فى واشنطن.
نحتاج جيشًا من العقول.. لا يكفى أن ننتصر على الأرض، بل يجب أن ننتصر فى الوعي.
الحرب اليوم ليست فقط دبابات وطائرات، إنها حرب عقول، كل تغريدة، كل تصريح، كل مداخلة على قناة أجنبية، هى معركة بحد ذاتها.. وهنا تكمن الحاجة الماسة إلى صناع وعي، إلى من يعرف متى يتحدث، وكيف يوصل رسالته، دون أن يقع فى فخ الاستفزاز أو الشعارات الجوفاء.. نحن بحاجة إلى وجوه جديدة، تُدرب، تؤهل، وتُسلح بالمعرفة، وباللغة، وبالثقافة السياسية، لتكون خط الدفاع الأول عن مصر أمام ماكينات الإعلام المعادية، وعلى رأسها الإعلام الإسرائيلي، الذى يحاول جاهدًا تشويه كل ما هو مصري، وتشكيك المواطن العربى فى قدرات الدولة المصرية.