الإبادة الجماعية لن تتوقف إلا بحراك عالمى شامل
كل الحروب تبدأ وتنتهي، إلا حرب الإبادة فى غزة، التى تقترب من إكمال عامها الثاني، الناس تموت من الجوع والمرض والقصف ولا شيء يتغير!.
ما يثير التساؤل والدهشة معا، أن القوى الدولية التى أثبتت وجودها بسرعة بالتدخل القوى لإنهاء صراع الـ 12 يوماً بين إسرائيل وإيران هى نفسها التى تركت الفلسطينيين وحدهم يواجهون آلة الحرب الإسرائيلية، وفشلت فى إيقاف نزيف الحرب المستمرة من عامين تقريبا فى غزة!
غزة التى ترك أهلها بين مطرقة الرصاص وسندان الجوع، تعود للأخبار من جديد، معاناة سكانها تتفاقم مع اشتداد الحصار وتدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية يومًا بعد يوم، فميدانياً لا يزال الفلسطينيون فى غزة بين فكى نيران إسرائيل وحصارها ولا تزال الأنباء المرتبطة بسقوط ضحايا من الساعين للحصول على مساعدات تتصدّر المشهد فى القطاع.
رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو كان حريصًا على إنهاء الحرب مع إيران بسرعة، فى وقت لا يُبدى فيه أى استعجال لإنهاء العدوان على غزة وقال للصحفيين: «لا شك أن إنجازاتنا الكبرى فى إيران تُسهم أيضا فى تحقيق أهدافنا فى غزة»، نتنياهو يستغل استمرار حرب غزة كورقة سياسية تخدم مصالحه الشخصية، مدفوعا بضغوط اليمين المتطرف، فها هو وزير المالية اليمينى المتطرف، بتسلئيل سموتريتش يطل برأسه كالأفعى من جديد رافضا تهدئة التصعيد، وقائلا: الآن نتوجه بكل قوتنا إلى غزة، لإتمام المهمة بتدمير حماس وإعادة رهائننا، كما أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلى إيال زامير أن تركيز الجيش سينصب على العودة إلى غزة، ما يوحى بنوايا إسرائيل فى استكمال هذه الحرب دون أى نية لإنهائها.
صحيح هناك جهود ووساطات وحراك عالمى حول غزة، لكن فى النهاية مع كل الأسف النتيجة صفر، صحيح هناك العديد من القادة فى العالم والمسئولين فى الأمم المتحدة يعربون عن أملهم فى أن يلى الهدنة بين إسرائيل وإيران، وقف لإطلاق النار فى غزة، وصحيح أن مصر وقطر على اتصال بالجانبين فى محاولة لإيجاد «حل وسط» بشأن مقترح الهدنة الأخير الذى طرحته الولايات المتحدة على الطاولة، والذى يدعو إلى إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين وجثث 18 إسرائيليًا آخرين كجزء من وقف إطــــــــــــلاق نار لمـــــدة 60 يوما.. وصحيح أن حركة حماس قالت فى وقت سابق من هذا الشهر إنها لم ترفض المقترح، لكنها طالبت بضمانات أقوى بشأن إنهاء الحرب، وصحيح أن الرئاسة الفلسطينية طالبت بأن يشمل وقف إطلاق النار مع إيران قطاع غزة، لكن فى الأخير لم نر ثمة بادرة أمل حتى الآن.
حتى فى الداخل الإسرائيلى نفسه بعيدا عن نتنياهو وعصابته من اليمين المتطرف، هناك من يريد إنهاء الحرب، ففى أول تعقيب له بعد دخول قرار وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران حيز التنفيذ، طالب يائير لابيد زعيم المعارضة الإسرائيلية بإنهاء الحرب على غزة، وتحريك ملف الأسرى لدى حماس مجدداً، وقال فى منشور على منصة إكس «الآن غزة، حان الوقت لإنهاء الأمر وإعادة المحتجزين وإنهاء الحرب»، كذلك علّق يائير غولان، زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، بأن «هذا هو الوقت المناسب لإتمام المهمة: إعادة جميع المحتجزين، وإنهاء الحرب فى غزة، ووقف الانقلاب القضائى الذى يهدد بجعل إسرائيل ضعيفة ومنقسمة وعرضة للخطر»، كما طالبت عائلات المحتجزين الإسرائيليين فى بيان بتوسيع اتفاق وقف إطلاق النار ليشمل غزة أيضاً وإعادة ذويهم، مطالبين حكومة نتنياهو بالشروع فى مفاوضات لتحقيق ذلك، قائلين إن من يستطيع التوصل إلى وقف إطلاق نار مع إيران، يمكنه أيضاً إنهاء الحرب فى غزة.
الخلاصة: انتهت الحرب بين إيران وإسرائيل، رغم تهديدها بالتصعيد الإقليمي، سريعا بموجب اتفاق كامل وشامل أعلنه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بفضل وجود إرادة سياسية واضحة من جميع الأطراف مدفوعة بمصالح إقليمية ودولية، وغياب هذه الإرادة ذاتها هو ما يطيل أمد الحرب على غزة، إذ لا يبدو أن أى طرف يمتلك نية حقيقية لإنهائها.
الإبادة الجماعية فى قطاع غزة لن تتوقف إلا بحراك عالمى شامل، بهدف إيصال رسالة قوية إلى إسرائيل والعالم مفادها أنه يجب وقف هذه الحرب فورا.