لا شك أن 30 يونيو 2013 كان حدثًا تاريخيًا غير مسارنا السياسي والاجتماعي، حيث خرج الملايين من المواطنين إلى الشوارع مطالبين بالتغيير والإصلاح.. كانت هذه الثورة تعبيرًا صادقًا عن رغبة الشعب في استعادة الأمن والاستقرار، وإنهاء حالة الفوضى التي عانوا منها.. شكلت هذه اللحظة نقطة تحول حاسمة في تاريخ مصر الحديث، إذ مهدت الطريق لإعادة بناء مؤسسات الدولة.
«جمهورية العلم» تُعد أحد أهم نتائج ثورة 30 يونيو، فهي رؤية مستقبلية لبناء مجتمع قائم على المعرفة والابتكار، حيث أصبحت العلوم والتكنولوجيا الركيزة الأساسية للتنمية والتقدم، والتعليم والبحث العلمي محركات رئيسية للنهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة.
شهد التعليم في مصر تحولات كبيرة عبر العقود الماضية، حيث تداخلت العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تشكيل مساره.. بعد ثورة يوليو 1952، ركزت الدولة على تعميم التعليم ونشره مجانًا، مما أدى إلى زيادة أعداد المتعلمين بشكل ملحوظ، إلا أن التركيز كان على بناء جهاز بيروقراطي كبير من الموظفين، ما حدّ من جودة التعليم وربطه بسوق العمل.
مع مرور الوقت، حدث تراجع في جودة التعليم الرسمي، مما دفع الأسر إلى الاعتماد بشكل متزايد على التعليم الخاص والدروس الخصوصية، وهو ما يعكس فشل السياسات التعليمية التقليدية في تلبية احتياجات المجتمع.
في السنوات الأخيرة، ومع تحقق مخرجات خطط عمل ثورة 30 يوينو، شهدت مصر محاولات تطوير جادة للنظام التعليمي، فأطلقت وزارة التربية والتعليم خطة استراتيجية 2024-2029 التي تهدف إلى تحديث المناهج وجعلها أكثر ارتباطًا بالواقع وحاجات سوق العمل.
النظام الجديد يركز على تنمية مهارات التفكير النقدي والإبداع وربط التعليم بالتحديات المجتمعية، مع اعتماد تقنيات حديثة مثل التابلت في التعليم الثانوي، كما شهد الإنفاق الحكومي على التعليم زيادة كبيرة تجاوزت 46% بين 2014 و2023، مع توسع في الأبنية التعليمية وتطوير البنية التحتية الرقمية، مما يعكس إرادة سياسية واضحة للنهوض بالتعليم.
مع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة في جودة التعليم وتنافسيته على المستوى الدولي، حيث تشير المؤشرات إلى تحسن في إتاحة التعليم لكنه أقل وضوحًا في جودة المخرجات التعليمية، فنحن بحاجة حقيقية لتطوير قدرات المعلمين بشكل مستمر، مبادئ “الجمهورية الجديدة” تؤمن إيمانًا راسخًا بأن السبيل الأمثل لبناء دولة حديثة قادرة على المنافسة إقليميًا وعالميًا يكمن في محورين أساسيين: الاستثمار في العقول البشرية وتوفير بيئة محفزة للابتكار. هذان المحوران هما حجر الزاوية الذي ترتكز عليه رؤية المستقبل، فبدونهما لا يمكن تحقيق التقدم والازدهار المنشود.