عجزت جماعة الإخوان عن تقديم نموذج معتدل للحكم فى مصر
شتان الفارق بين تلك المسيرة التى حاول بعض العناصر القيام بها تحت مسمى «قافلة الصمود» محاولين من خلالها اقتحام الحدود البرية المصرية للوصول إلى منفذ رفح تحت شعار دعم الشعب الفلسطينى وهم فى ذلك كانوا يستهدفون إحداث حالة من الفوضى والقلاقل والتوتر داخل الأراضى المصرية وأعتقد أن هذا هو السبب الرئيسى لتلك المسيرة …. وبين مسيرة الملايين من الشعب المصرى الذى خرج على بكرة أبيه لإسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية التى إستولت على البلاد لمدة عام واحد مارست خلاله جميع أساليب القمع والإقصاء والإرهاب وأغلب الظن أن لها دوراً كبيراً فيما أطلق عليه «قافلة الصمود» فى محاولة منها لإعادة نشر الفوضى والإرهاب مرة أخرى بالبلاد.
وبعودة سريعة لما قبل أحداث يناير 2011 فقد شاركت فى اجتماع حضره كبار قيادات وزارة الداخلية وكنت الرتبة الأصغر بينهم وكانت تعليمات السيد/ حبيب العادلى وزير الداخلية عدم استخدام العنف أو القوة ضد المظاهرات المزمع القيام بها يوم 25 يناير وإن أقصى سلاح نلجأ إليه هو خراطيم المياه أو القنابل المسيلة للدموع …. وشتان الفارق أيضاً بين تلك التعليمات التى تم تنفيذها بكل دقة وبين استخدام العنف والقوة التى لجأت إليها جماعة الإخوان اعتباراً من يوم 28 يناير واستمرت فى هذا النهج طوال 3 سنوات مارست فيها كل أنواع التنكيل لأى معارض لتلك الأساليب حيث شاهدنا حصار المحكمة الدستورية ومدينة الإنتاج الإعلامى ومبنى الإذاعة والتليفزيون والتجمهر أمام وزارة الدفاع وتزوير نتيجة الانتخابات الرئاسية ناهيك عن سياسة الإنقسام المجتمعى والطائفى وهو المشروع الذى تبنته الجماعة بمجرد وصولها الى حكم البلاد.. لقد عجزت جماعة الإخوان عن تقديم نموذج معتدل للحكم فى مصر عندما أتيحت لها الفرصة ومنذ سقوطها المدوى فى ثورة 30 يونيو وهم يمارسون كافة أشكال التأثير على وعى المواطنين عبر الأكاذيب والتشويه الممنهج لكل ما تمثله الدولة الوطنية من إنجازات ومواقف أخلاقية وإنسانية وباتت تراهن فقط على نشر الفوضى والبلبلة والتشكيك.
نحتفل هذه الأيام بالذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو ومن الواضح أن هذا الاحتفال يأتى فى ظروف عربية وإقليمية ودولية بالغة الصعوبة تستلزم من الشعب المصرى أن يتكاتف مرة أخرى ويصطف مع قائده الرئيس عبد الفتاح السيسى لمواجهة تداعيات العدوان الإسرائيلى الغاشم على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية وتهجير شعبها إما داخل سيناء أو عبر الدولة المصرية وهو ما ترفضه مصر بإصرار ووضوح للعالم أجمع… وكذلك تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران حالياً والتى سيكون لها تداعيات أمنية واقتصادية على المنطقة بالكامل ومن المؤكد أن مصر سوف تتأثر إقتصادياً بشكل مباشر إما لوقف إمدادات الغاز من إسرائيل أو لإغلاق مضيق باب المندب تجاه التجارة البحرية الدولية العابرة إلى قناة السويس وأيضاً عسكرياً إذا استلزم الأمر ذلك لحماية حدودنا البرية شرقاً وغرباً وجنوباً.
لقد أثبت الشعب المصرى الذى خرج بالملايين لإسقاط حكم جماعة الإخوان الإرهابية أنه قادر على التصدى لأى تحديات قد تتعرض لها البلاد وقت الأزمات ومن المؤكد أننا نشهد اليوم أزمات غير مسبوقة بالمنطقة…. ومن هنا فإن الشعب المصرى لابد أن يكون له كلمته الداعمة لقيادته السياسية فى مواجهة تلك التحديات التى تتعرض لها البلاد.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن خطى التغيير والتنمية الشاملة من خلال الآلآف المشروعات القومية تسير وفقاً لرؤية صائبة بمختلف محافظات الجمهورية وذلك استكمالاً لتحقيق الحياة الكريمة لكل مواطن مصرى على أرض الوطن وتحويل طموحات الثورة ومطالبها لحقائق على أرض الواقع.
إننى أعتبر أن ثورة يونيو كانت كاشفة عن الزيف والأباطيل التى روج لها الإخوان حتى تمكنوا من الاستيلاء على الحكم كما كانت تمثل مرحلة مفصلية فى تاريخ الأمة المصرية نقلتها من مرحلة الضياع والانهيار والتفكك وتكالب الأطماع عليها الى مرحلة من البناء والتنمية الحديثة المستدامة… كذلك كانت الغايات والمقاصد العليا للوطن تمثل الهدف الأسمى الذى سعى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى لتحقيقه من اجل الحفاظ على الدولة الوطنية وتثبيت أركانها ومؤسساتها المختلفة بمقوماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
لقد شهد الحفاظ على مكتسبات ثورة يونيو 2013 أكبر التضحيات من رجال القوات المسلحة والشرطة والمدنيين الذين سقطوا شهداء من أجل نجاح تلك الثورة نتيجة أعمال العنف التى ارتكبتها الجماعة والتنظيمات الإرهابية التى تدور فى فلكها حيث سطر الشعب المصرى وخلفه جيش مصر القوى وشرطته الأبية على مدار 12 عاماً ملحمة خالدة للحفاظ على هوية الوطن وبرهنت بعزيمتها القوية أن المواطن المصرى حين ينتفض لا يمكن أن يقف أمامه عائق مهما كانت التضحيات…. وما أحوجنا اليوم إلى استعادة تلك الروح ونحن نتعرض للعديد من تصاريف القدر ما بين محاولات الشر الإرهابية بالداخل والأزمات العالمية المفاجئة بالخارج والحروب الدولية والإقليمية العاتية من حولنا والتى تفرض علينا مواجهة تحديات ربما لم تجتمع بهذا الحجم وهذه الحدة عبر تاريخ مصر الحديثة…. وهنا نستعيد كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى «إن هذه التحديات لم نكن لنصمد أمامها لولا عراقة هذا الشعب العظيم وما بذله من جهود خارقة عبر السنوات الماضية لإعادة بناء بلادنا وتقوية بنيانها بما يمكننا من إجتياز أية صعوبات بمشيئة الله».