من الثمار المميزة لثورة 30 يونيو أنها حرصت على الاستثمار في البشر من خلال بناء أجيال قادرة على الابداع والابتكار في مختلف المجالات.. واستطاعت المؤسسة الدينية باعتبارها رائدة القوة المصرية الناعمة أن تحقق قفزات مميزة على المستويين المحلي والدولي.. ومؤخرا فاز الدكتور حماده محمد السيد خطاب عضو هيئة التدريس بكلية القرآن الكريم للقراءات وعلومها بطنطا جامعة الأزهر الشريف وعضو لجنة مراجعة المصحف بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في المسابقة العالمية للقرآن الكريم التي تم تنظيمها على مستوى حجاج دول العالم بالمملكة العربية السعودية.. المسابقة شارك فيها أكثر من ألف حاج من مختلف الدول.. وأسفرت عن فوز 18 متسابقاً، وأقيم حفل لتكريم الفائزين بحضور الشيخ ماهر المعيقلي إمام المسجد الحرام نيابة عن الدكتور عبدالرحمن السديس رئيس شؤون الحرمين الشريفين..حاورت الجمهورية د. خطاب في العديد من القضايا وتفاصيل الفوز بالجائزة.
قبل الحديث عن تفاصيل فوزك بالجائزة العالمية في حفظ القرآن الكريم.. نود الحديث عن دور الأزهر في ثورة 30 يونيو؟
كان للأزهر دور بارز في دعم إرادة الشعب المصري في 30 يونيو، حين وقف إلى جانب القوى الوطنية والدولة المصرية، حيث شارك شيخ الأزهر، الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، في اجتماع 3 يوليو 2013 الذي شهد إعلان خريطة الطريق، وقد وثق المصريون برؤية الأزهر الشريف ومكانته كمرجعية دينية وطنية مستقلة، بعدما حاولت جماعة الإخوان الهيمنة على المؤسسات الدينية، لكن موقف الأزهر دائما يؤكد استقلاله ورفضه تسييس الدين، رافضا الانحياز الحزبي
حدثنا عن الجهود التي قام بها الأزهر عقب ثورة 30 يونيو؟
عقب رفض تيارات الإسلام السياسي القرار الوطني الشعبي الذى نطقت به ميادين 30 يونيو ظهرت موجات من التكفير والإلحاد والعدوان والكراهية مما فرض على الأزهر عدة مبادرات لتجديد الخطاب الديني ومواجهة التطرف والإرهاب، فقام بإنشاء «مرصد الأزهر لمكافحة التطرف»، وفعّل دور «بيت العائلة المصرية» للحوار بين المسلمين المسيحيين، وكانت فتاوى الأزهر واضحة تحرّم العنف والإرهاب وتكفير المجتمع والدولة، وشارك في جهود المصالحة الوطنية، وكان له دور في احتواء الأزمات الطائفية، كما توسعت بعثات الأزهر إلى الدول الأفريقية والآسيوية لتعزيز مكانته كمصدر للإسلام الوسطي، وزاد عدد الطلاب الوافدين للدراسة بالأزهر، باعتباره حصنًا للعلم والدين المعتدل
كيف أسهمت ثورة 30 يونيو في إحداث طفرة حقيقية في تطوير المؤسسات الدينية ودعم التعليم الأزهري؟
ساعدت ثورة 30 يونيو في عملية تحديث المناهج الازهرية بما يتوافق مع توجه الدولة في تجديد الخطاب الديني وقيام الدولة الأزهر بدوره مقرا للوسطية الفكرية في محاربة التشدد والانحراف ونشر السلام في العالم كله، كما أسهمت ثورة 30 يونيو في توسع وانفتاح الأزهر على العالم الخارجي بما للأزهر من مكانة في قلوب المسلمين جميعا من شتى البلاد، كما تحرص الدولة على تحصين مكانة الأزهر بإصدار قانون يحدد تنظيم الفتوى بحيث يكون المختص بالفتوى الأزهر بمختلف مؤسساته ومنع أي أحد إصدار أي فتوى إضافة إلى جهود الدولة في دعم قيم الحوار والتسامح ونشر ثقافة التعايش السلمي ومواجهة خطاب الكراهية باعتبار ذلك من ركائز بناء الدولة الحديثة بعد ثورة 30 يونيو.
ما أوجه الدعم التي حظي بها الطلاب المتميزون في حفظ القرآن الكريم بعد ثورة 30 يونيو سواء من خلال الجوائز أو الرعاية المؤسسية؟
دعم الكتاتيب والرواق الازهرية ونشرها في كل مكان في أنحاء الجمهورية وأيضا المسابقات الدولية التي يكرم فيها الرئيس حفظة القرآن الكريم من شتى أنحاء العالم فتم مضاعفة الجوائز لتكون الجائزة الأولى مليون جنيه، كما تم إنشاء قسم القراءات للبنات بكلية الدراسات الإسلامية للبنات بالقاهرة وافتتاحه العام الماضي ومقارئ القراءات العشر بالجامع الأزهر والمقارئ القرآنية بمختلف أنواعها التابعة لوزارة الأوقاف صار التوجه نحو دعم المؤسسات الدينية في مصر باعتبارها القوة الناعمة لمصر ويعتبر الأزهر هو مرجعية في الوسطية والفتوى الدينية المعتدلة التي تتماشي مع متطلبات العصر ومع تطور حياة الناس وواقعهم بما لا يخل بالثوابت الدينية الواردة في الكتاب والسنة
كيف جاء ترشيحك في مسابقة القرآن الكريم لحجاج بيت الله الحرام؟
أنا أمثل جميع حجاج مصر ووفقا لمعلوماتي بلغ عدد الحجاج المصريين هذا العام نحو 78 ألف حاج وقد شارك عدد من الحجاج من داخل مصر وخارجها ممن يحفظون القرآن الكريم ولم ينجح من بين الحجاج المصريين سوى أنا فكنت أمثل حجاج مصر
هل كان هناك مراحل تأهيل أو تصفيات داخلية في المسابقة؟
نعم سبق الامتحان النهائي مرحلة تصفيات أولية وكان المطلوب من كل متسابق أن يذهب إلى أحد شيوخ الحلقات في الجامع ليقوم هذا الشيخ باختباره وتقييم مستواه وكان لكل شيخ من شيوخ المقارئ داخل المسجد الحق في ترشيح متسابق واحد فقط ليمثله في الامتحان النهائي
كم عمر هذه المسابقة؟ وماهي شروط الاشتراك بها؟
البداية كانت هذا العام ووضعت الجهة المنظمة عددا من الشروط الدقيقة والتي تنظم مشاركة المتسابقين حيث تم تقسيم المسارات إلى 3 مسارات: حفظ القرآن الكريم كاملًا، وحفظ نصفه، إضافة إلى مسار التلاوة، كما اشترطت اللجنة أن يكون المتقدم من الحجاج الرسميين القادمين إلى المملكة بتصريح حج رسمي
ما التحضيرات التي قمت بها وشعورك لحظة إعلان فوزك؟
سبق لي المشاركة في مسابقات عديدة دولية، ودائما على استعداد لدخول أي اختبار في القرآن الكريم والقراءات بحكم تخصصي في المجال وصلتي بكتاب الله، وجوائز المسابقة هدايا رمزية وقيمتها في شرف الزمان والمكان فقد أقيمت في الحرم وأيام الحج، ولأنني أمثل بلدي فشعوري بالسعادة والفخر لا مثيل له فالمسابقة تقدم لها ألف حاج ولم ينجح إلا 81 متسابقا ولم يكن من مصر إلا واحد فقط
ما دور كلية علوم القرآن الكريم في دعم الطلاب والأساتذة؟
تعد كلية القرآن الكريم من الكليات المتفردة في مصر وتمثل المرجعية العلمية الأولى في مجال علوم القرآن والقراءات وهي المؤسسة التي تخرج منها من يمثلون مصر في مسابقات القرآن الكريم والقراءات سواء على المستوى المحلي أو الدولي وتقوم الكلية بتدريس القراءات العشر برواياتها العشرين دراسة تجمع بين الجانب النظري والتطبيق العملي مما يمنح الطلاب تأهيلا علميا دقيقا ومتخصصا في هذا المجال فالنجاح فيها يتطلب صبرا وجلدا وهمة عالية إذ تعتمد الدراسة فيها على الحفظ والمراجعة المستمرة وهو ما لا يستطيع أن ينهض به إلا من يمتلك عزيمة حقيقية وإرادة قوية
ما الرسالة التي توجهها للشباب المُقبل على حفظ القرآن الكريم؟
صاحب القرآن لا يُضام أبدا فالقرآن خيره عظيم وصاحبه مكرّم في كل مكان عندما تذهب حاجا ترى مكانتك وقدرك مرفوعين وحين تسافر إلى أي مكان يتم تقديمك للإمامة وتحاط بالتقدير والاحترام فصاحب القرآن مرفوع في الدنيا والآخرة ولا يُطلب منه إلا الإخلاص فإن أخلص لله في حفظه وداوم على مراجعته وعمل بما فيه وفهم معانيه وسعى لنشر دين الله ونشر القرآن في كل مكان أكرمه الله عز وجل في الدنيا والآخرة
وما النصيحة التي تقدمها للطلاب المقبلين على دراسة القرآن وعلومه؟
النجاح ليس وليد لحظة بل هو ثمرة إخلاص وجد واجتهاد وصبر طويل فلابد للإنسان أن يخلص في سعيه ويجتهد دون ملل ويصبر على المشقة حتى يبلغ نهاية الطريق فكثيرون يبدؤون ويقطعون شوطا ثم يتراجعون أما من جاهد نفسه مقبلا غير مدبر فذلك هو الذي يُمنح الخير كله
في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي كيف نحصن شبابنا من المفاهيم المغلوطة؟
لا بد من تنظيم الوقت مع الانترنت والحذر في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي لأنها سارقة للوقت وأحيانا تكون سببا للهلاك والفساد الأخلاقي والانهزامية والتفكك الاجتماعي فيجب على طالب العلم أن يحذر من وسائل التواصل الاجتماعي فهي تحتاج إلى صاحب حكمة وإلى من يقدر أن يتحكم في نفسه وهواه حتى لايقع فيما يضره ويبعده عن الخير
