فى الاحتفال بذكرى تحرير سيناء سألت نفسي: كم مرة ذهبت إليها؟ وكانت الإجابة مرة واحدة إلى العريش فى رحلة لاحد النوادى !،وأدركت أننا لانقوم بواجبنا تجاه هذه المنطقة الرائعة من ارضنا التى تشرفت بالكثير من عطايا الخالق إلى مصر بما فيها من جغرافيا وملامح وأماكن ليس لها مثيل، ومما جعلها أيقونة العالم من خلال رحلة العائلة المقدسة، ثم هذا الطمع فيها من الكثيرين، وخاصة إسرائيل وشركاءها التى احتلت فلسطين وتسعى إلى احتلال سيناء فهل قدمنا عبر قوانا الناعمة ما يعبر عن أهمية سيناء وأهلها والأدوار التى قاموا بها عبر تاريخ طويل بدأ عام 1956 بالعدوان الثلاثى على مصر، وحتى حروب الارهاب التى عرفتها مصر عبر مجئ الإرهابيين إلى سيناء عبر الحدود مع دولة الاحتلال، وهو ما رأيناه عبر أعمال سينمائية ودرامية عديدة لا تنسى مثل الجزء الاول من مسلسل «الاختيار» عام 2020 وقصة بطولة المقاتل «أحمد المنسي» كقائد كتيبة امتلأت بمقاتلين أبطال، ومثل مسلسل «الكتيبة ١٠١» 2023 التى يعرفها المجتمع السيناوى لدورها فى حمايته باعتبارها الكتيبة المصرية القابعة عندالحدود مع اسرائيل تواجه أى مفاجآت، وهناك أيضا مسلسلات أسبق عن الارهاب والارهابيين وسعيهم للنفاذ إلى مناطق اخرى فى مصر. غير سيناء مثل مسلسل «هجمة مرتدة» عام 2021 ومسلسل «العائدون» الذى يقدم مطاردات الارهابيين فى بعض البلاد العربية للمصريين وقتلهم ،وايضاً مسلسل «بطلوع الروح»الذى يطرح نفس الرؤية ولكن بصورة أخري.
السقوط فى بئر سبع
الطريف فى قصة انتاج هذه الأعمال عن سيناء أنها بدأت بعمل مختلف تماماً هو «السقوط فى بئر سبع» فى بداية التسعينات والذى كان يتحدث عن نكسة يونيو فى البداية ويصل فى النهاية إلى انتصار أكتوبر، وكيف استجابت عائلة موظف يعيش فى سيناء للضغوط والدعايات الإسرائيلية الموجهة لاهالى سيناء بعد احتلالها بفعل النكسة، وحيث تحول إبراهيم وزوجته انشراح «سعيد صلاح وإسعاد يونس» إلى جاسوسين ينقلان تحركات أهل سيناء من المصريين والأعراب إلى سلطات الاحتلال «وهو مأخوذ عن رواية للكاتب عبد الرحمن فهمى التى كتبها للتليفزيون بالاشتراك مع سامى غنيم وأخرجها نور الدمرداش»، وبعدها بسنوات قليلة «1998» جاء المسلسل الثانى عن سيناء «وادى فيران» والذى اعتمد أيضا على احداث حقيقية للكاتب عبده مباشر الذى كان مراسلاً عسكرياً لجريدة قومية وقتها ورأى صوراً مختلفة لمقاومة أهالى سيناء للاحتلال الاسرائيلي، ومحاولته السيطرة على عقول ووجدان السيناوية، خاصة الشباب من خلال أساليب جديدة للترفيه وادعاء الاهتمام بهم وبعدها صمتت الدراما لفترة غير قليلة عن التصوير فى سيناء والاهتمام بأهلها، وتقديمهم اجتماعيًا حتى المرحلة الأخيرة التى بدأت من خلال «الاختيار» وصولا إلى ما قدمه مسلسل «مليحة» مؤخرا عن دور بعض أبطال سيناء الكبير فى دعم وطنهم مصر، ومنهم الشيخ سالم «قام بدوره الفنان سامى مغاوري» الذى قدم الدعم والحماية للشابة مليحة وجدتها ووعدهم بالأمن حتى تعودان لفلسطين عبر المعبر، أما الشيخ «سالم الهرش» او شيخ المجاهدين فقد وقف معبرا عن رفضه ورفض كل مشايخ وشعب سيناء لفصل سيناء عن مصر، وتدويلها كما عرض الاسرائيليون على المشايخ من خلال مؤتمر أقامته وقتها باسم الحسنة، لإعلان سيناء منطقة دولية، لكن الشيخ الهرش ورفاقه فاجأ العالم كله بكلمات واضحة «سيناء مصرية وستظل مصرية مائة فى المائة، ولا يملك الحديث عنها إلا السيد الزعيم جمال عبدالناصر» وفى تقديرى ان هذا الرجل كان يستحق فيلما يبقى على جسارته ومحبته لمصر لدى الاجيال الجديدة برغم تكريمه من الدولة ومن الرئيس عبد الناصر نفسه، لكن الإعلام الان هو كتاب الذاكرة الجمعية المؤكد.
سيناء والسينما و«الطريق المستقيم»
الطريق المستقيم فيلم لم يعرفه أغلبنا لكنه أول فيلم مصرى قدم سيناء كمكان للإقامة والحياة منذ ثمانين عاما، فقد كتبه يوسف وهبي، وقام ببطولته عام 1943 بعد بدايات السينما المصرية، وفيه يقوم بدور رجل متزوج استجاب لاهتمام ومطاردة امرأة اخرى اتضح انها متلونة وشريرة فغضب من نفسه وقرر الابتعاد إلى شبه جزيرة سيناء وصحرائها التى شعر بالراحة فى فضائها، وبالأمان مع أهلها فاستمر طويلا، وحين عاد كان أولاده قد كبروا، وتزوجوا، واصبح جداً وبعد 16 عاماً عادت السينما المصرية من جديد إلى سيناء من خلال فيلم «سمراء سيناء» عام 1959 بإخراج نيازى مصطفى فى فيلمين مهندس بترول مصرى يذهب للعمل فى سيناء ويقع فى غرام ابنة احد شيوخ القبايل «يحيى شاهين وكوكا»،وبعد 13 عاماً، يأتى الفيلم المصرى المختلف عن سيناء، وهو «أغنية على الممر» للمخرج على عبد الخالق عن سيناريو وحوار مصطفى محرم، والذى انتجته «جماعة السينما الجديدة» التى انشأها مجموعة من النقاد والسينمائيين الجدد بعد نكسة 1967، وفيه نرى خمسة جنود محاصرين فى ممر بسيناء لا يعرفون كيفية التواصل مع فرقتهم المصرية، وليس لديهم المقاومة ودعم بعضهم البعض حتى تأتى النجدة، فيلم مختلف ومؤثر ويعبر عن جزء مما قد يلاقيه المقاتل إذا فرق القتال بينه وبين كتيبته وقيادته، بعدها قدمت السينما أعمالاً أخرى عن سيناء وحروب مصر مع العدو الإسرائيلى مثل «اعدام ميت» و»المصلحة» غير انها توقفت الآن لتقدم أفلاماً عن الإرهاب، والسؤال الآن هو لماذا لا يعود الاهتمام بتقديم أفلام جديدة عن سيناء تطرح الكثير مما لا نعرفه عنهم وعن حياتهم، ان على جهات الانتاج ان تدرك اهمية تنمية الوعى الجمعى بكل محافظات مصر وأبنائها دعما لتماسك الوطن وحقوق أبنائه، وأظن ان لدينا من القصص والكتابات عن سيناء وأهلها الكثير مما يستحق ان نراه قريبا على شاشاتنا الكبيرة والصغيرة.