السادات محرر سيناء.. ثلاث كلمات بسيطة لمعانٍ عظيمة وخالدة فى حياتنا وفى تاريخنا فى مصر والأمة العربية ويحلو للمصريين ان يقولوا السادات بطل العبور لكنهم يقولون فى واشنطن ان السادات بقرار الحرب فى ٦ أكتوبر 1973 قد تمكن من تغيير وجه العالم وتغيير موازين القوى الإقليمية والعالمية وقد صدر كتاب بهذا العنوان لصحفى أمريكى مخضرم يدعى توماس ليبمان وهو على دراية واسعة بشئون الشرق الأوسط والعالم العربى.
فقد قام احد الأقمار الصناعية الأمريكية ببث صور لمنطقة الصراع العسكرى بين مصر وإسرائيل قبل الحرب بــ 24 ساعة فقط، أى بعد ظهر يوم ٥ أكتوبر 1973 فقد اتضح من الصور ان الرئيس أنور السادات قد أمر بحشد خمسة فرق عسكرية مصرية كاملة على الضفة الغربية لقناة السويس تضم 100000 ضابط وجندى و1350 دبابة والفى قطعة مدفعية ثقيلة وكانت كبارى العبور والزوارق المطاطية واضحة على حافة المياه.
كل شيء كان يؤكد ان الحرب على بعد ساعات وليس أيام لكن إسرائيل لم تصدق ولم تتصور جولد مائير رئيسة وزراء إسرائيل ان السادات يمكن أن يتخذ قرار الحرب ويغامر بتعرض مصر لهزيمة أخرى أمام إسرائيل.
يقول ليبمان ان أنور السادات أثبت انه من أهم زعماء العرب والعالم فى العصر الحديث كله، فقد تحمل السادات مسئولية قرارات تاريخية كبرى، أولاً: قرار الحرب فى ٦ أكتوبر 1973 وثانيًا: قرار مبادرة السلام فى 1977 وهما قراران تاريخيان نجح بهما السادات فى تغيير وجه العالم.
قرار الحرب هو الذى صنع النصر العظيم للقوات المسلحة المصرية وهو أول انتصار للجيوش العربية فى التاريخ الحديث كله وقراره بمبادرة السلام هوالذى فتح الأبواب واسعة أمام السلام بين مصر وإسرائيل.
قرار الحرب كان مفاجأة استراتيجية مذهلة زلزلت الارض تحت أقدام قادة وجنرالات إسرائيل واحدث ذهولاً واسعًا فى واشنطن وفى عواصم العالم الكبرى وحتى قبل وفاته بأيام قليلة كان هنرى كيسنجر يؤكد انه لم يتصور للحظة واحدة ان يستيقظ ذات يوم على مفاجأة قرار السادات ببدء الحرب على إسرائيل فى ٦ أكتوبر 1973.
بعد صدمة قرار الحرب جاءت صدمة حظر البترول العربى على أمريكا ودول أوروبا المؤيدة لإسرائيل مما أدى لاضخم أزمة اقتصادية عالمية فى ذلك الوقت لم تتوقف توابع وهزات قرار الحرب عند هذا الحد بل سرعان ما ادت لانهيار سياسة الوفاق بين القوتين الاعظم فى ذلك الوقت أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق وهكذا بقرار واحد اتخذه السادات بالحرب ضد إسرائيل تغير وجه العالم مرة واحدة وإلى الأبد.
قبل الحرب كانت إسرائيل تزهو وتفتخر بانتصارها على الجيوش العربية فى حرب الايام الستة فى يونيو 1967 لكن السادات كان يا هو ويفتخر بحرب الساعات الست فى أكتوبر 1973 التى انهت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذى لا يقهر.
وأجهش موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي بالبكاء يوم ٨ أكتوبر 1973 وهو يقول لم يعد لدى إسرائيل دبابات تدافع عن تل أبيب اذا قرر السادات الدخول بقواته إلى عمق سيناء وما بعد سيناء وطلب ديان من جولدمائير الاستعداد للحرب داخل اراضى إسرائيل خلال يوم او يومين وفى هذه اللحظات انهارت جولدمائير تماما وراحت فى نوبة بكاء لا تنتهى بعد أن علمت باستيلاء القوات المصرية الكامل على الضفة الشرقية لقناة السويس وسقوط وتدمير حصون خط بارليف تماما بعمق يتراوح من 30 إلى 50 كيلو متراً وبذلك أصبح يوم ٧ أكتوبر 1973 هو يوم الهزيمة الأسود فى تاريخ إسرائيل.
يقول توماس ليبمان ان انور السادات هو بطل القرارات التاريخية الكبرى واذا كان قرار الحرب ينطوى على مخاطر عسكرية كبرى فإن قرار السلام كان اهم قرار فى تاريخ الشرق الأوسط حتى هذه اللحظة.
مازال العالم يتحدث إلى اليوم عن أنور السادات وكيف اتخذ قرار الحرب وكيف تعامل مع هنرى كيسنجر ومع الرئيس الامريكى ريتشارد نيكسون أخطر رؤساء أمريكا فى العصر الحديث.
منذ 1972 تم التواصل بين الرئيس أنور السادات وهنرى كيسنجر وزير الخارجية وقتها والرئيس نيكسون بهدف محاولة للدخول فى علاقات جديدة بين مصر وأمريكا ولم ينتظر السادات طويلا وفى يوليو 1972 قام بطرد الخبراء السوفيت من مصر.
وفى بداية 1973 التقى حافظ إسماعيل مستشار السادات للامن القومى مع هنرى كيسنجر مرتين لبحث إمكانية بدء مفاوضات سلام بين مصر وإسرائيل وحين تباطأ كيسنجر فى الاستجابة بدعوى ان مصر مهزومة ولا يوجد ما يمكن عمله كان صبر السادات قد نفد ولم يعد له وجود واتخذ على الفور قراره الحاسم بالحرب والعبور فى يوم ٦ أكتوبر 1973.
يقولون اليوم فى أمريكا وإسرائيل ان اتصالات السادات مع كيسنجر لم تكن سوى ستائر الدخان الدبلوماسي التى تعمد السادات صنعها للاخفاء والتمويه على قراره التاريخى ببدء الحرب اى ان اتصالات السادات مع كيسنجر كانت جزءا من خطة الخداع الاستراتيجي لامريكا وإسرائيل من أجل صنع المفاجأة الاستراتيجية فى الحرب ويعترف ليبمان بأن السادات لم يكن زعيما عاديا.
ولم يكن بعقليته الاستراتيجية الفذة ليقبل بالسلام مع إسرائيل بدون ان يستعيد لمصر وللأمة العربية شرفها وكبرياءها العسكرى فى معركة فاصلة كما حدث فى أكتوبر 1973.
ببساطة السادات كان يعرف الطريق إلى تحرير سيناء جيدًا أو هو السادات محرر سيناء.