حادث إجرامي مروع راح ضحيته طفلين علي يد والدهما الذي تجرد من كل مشاعر الرحمة والإنسانية.. وأنهال عليهما في لحظة تهور شيطانية ضربا وتعذيبا بلا رحمة لتوسلاتهما حتي لفظا أنفاسهما الأخيرة.. بينما نجا شقيقهما الثالث من الموت بعد فراره هربا من “الأب” الذي نفذ جريمته بسبب رغبتهما في تركه والإقامة لدي والدتهما التي انفصل عنها منذ عدة أشهر، تم القبض علي المتهم وأخطر اللواء محمود أبوعمرة مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن العام وتباشر النيابة التحقيق.
تشرد وضياع
الجريمة البشعه وقعت بقرية قويسنا البلد بمحافظة المنوفية وهزت ضمير المجتمع والذي انتفض لها “رعباً وفزعاً” لما وصلت إليه القلوب المتحجرة من قسوة لأقرب الناس إليها نتيجة للخلافات الزوجية والتي يدفع ثمنها الأبناء دوما كما حدث الآن وغير ذلك الكثير من المأسي المحزنة والمتكررة يوميًا بلارحمة “لفلذات الأكباد” الذين تنتهي حياتهم إما بالموت أو التشرد والضياع بلا ذنب بسبب أنانية الوالدين وعنادهما سويا.. وهو مايوجب سرعة تدخل من يهمة الأمر من الأجهزة المسؤلة بالدولة بحملات توعية بمفاهيم العلاقة الأسرية بشكل صحيح حفاظا علي استقرارها وعدم انهيارها.
تفاصيل الماسأة
وقد دارت فصول الحادث المأساوي من البداية عندما دبت الخلافات والمشاكل بين والدي الأطفال الثلاثة ليستمر الصراع بينهما دون مراعاة لصغارهما وضرورة توفير حياة هادئة أمنه لهم.. أنتهى الأمر أخيرا بالطلاق بعد فشلهما في التفاهم ليصبحوا هم الضحية ويعيشوا منكسرين مهمومين وبحالة نفسية سيئة وفي حيرة من أمرهم أمام النزاع علي حضانتهم ويستقروا في نهاية المطاف لدي “جدتهم” لوالدهم والتي عوضتهم بعض الشيء عما فقدوه من حرمان عاطفي وأسري وقدر استطاعتها.

جبروت أب
هكذا سارت الأمور وأنتظم الأطفال في دراستهم وبتفوق إلي أن شعر الأب بمرور الوقت بحنينهم إلي الأم ورغبتهم الملحة في زيارتها وقضاء بعض الوقت معها وهو ما أدي لإصابته بحالة نفسية سيئة ورفضه بإصرار وعناد ومعاملتهم بقسوة دون مراعاة لطفولتهم وجسدهم الضعيف.. واستمر علي هذا الحال كلما وسوس إليه الشيطان بأن “شريكة الحياة” السابقة تريد التخلص منه بأي طريقة وأنها وراء تحريضهم علي تركه والعودة إليها ليحول حياتهم إلي جحيم بالليل والنهار دون مراعاة لآدميتهم.
تعذيب حتي الموت
وقت الحادث أسرع إليهم أثناء وجودهم مع “الجدة” المريضة للتعدي عليهم بالضرب وهو في حالة هياج وغضب إلا أن أحدهم تمكن في تلك اللحظة من الفرار هربا مذعورا ليمسك بالباقين من أولاده “حسن ومريم ” تلاميذ المرحلة الابتدائية وينقض عليهما بوحشية ضربا “بالعصا” وطعنا “بالسكين” دون أن تهتز مشاعر قلبه الصخري لدموعهما وتوسلاتهما وصرخات الجدة التي فشلت في الدفاع عنهما ليسقطا أخيرًا فاقدين النطق والحركة وتنتهي حياتهما في مشهد حزين.

صرخات الجدة
خلال دقائق تجمع الأهل والجيران علي صرخات “الجدة” المغلوب علي أمرها ليفر المتهم هاربا في ذلك الوقت ويسرع شقيقه بحمل الضحيتين للمستشفى بمدينة قويسنا لإنقاذ مايمكن انقاذه لكنه اكتشف وفاتهما متأثرين بحفلة تعذيب الأب لهما ليتم التحفظ عليهما بثلاجة حفظ الموتي تحت تصرف النيابة التي قررت انتداب الطبيب الشرعي للتشريح لبيان سبب الوفاة قبل التصريح بالدفن وتسليمهما للأهل الذين احتشدوا في مشهد مهيب حزنا علي من انتهت حياتهم غدرا بسبب جبروت الأب.. لتسقط والدتهما مغشيا عليها من هول الصدمة بعد نوبة صراخ شديد.
ضبط المتهم
فور ابلاغ العميد نبيل مسلم مأمور مركز قويسنا انتقل إلي مكان الحادث الرائد جمال عبد العظيم رئيس المباحث وقوة من الضباط للمعاينة والفحص للجريمة التي هزت أرجاء المحافظة.. وتوصلت التحريات التي أشرف عليها اللواء أحمد خيري مدير المباحث الجنائية إلي أن والد المجني عليهما وراء الحادث وتعذيبه لهما حتي الموت بسبب خلافاته مع “طليقته” والتي دفع ثمنها الضحايا حياتهما.. تم القبض علي القاتل وأعترف بتفاصيل جريمته وتحرر محضرا بالواقعة وأخطر اللواء محمود الكموني مدير أمن المحافظة واحيل المتهم للنيابة التي قررت حبسة أربعة أيام علي ذمة التحقيقات مع مراعاة التجديد له في الميعاد لحين إحالته لمحكمة الجنايات.
جريمة مماثلة
من جانب آخر شهدت قرية “أم خنان” بمركز قويسنا بمحافظة المنوفية جريمة مماثلة منذ ساعات عندما قام “عامل” لا يعرف الرحمة بتعذيب أولاده وتشويه جسدهم بوحشية بسبب قيامهم بالمبيت عند والدتهم “المطلقة”.. تم القبض علي المتهم وتحرر محضرا بالواقعة.
كان الأطفال الضحايا قد توجهوا للأم لقضاء بعض الوقت معها وبسبب ارتباطهم الشديد بها وفقدان عطفها ورعايتها منذ انفصالها عن والدهم قرروا المبيت معها علي اعتبار أنه حق لهم.. إلا أن ذلك لم يرضي الأب الذي أمسك بهم بمجرد العودة وأشبعهم ضربا “بعلقة موت” شوه بها جسدهم الضعيف.. وكادوا يفقدون فيها حياتهم لولا تدخل القدر في تلك المأساة التي أصابت الضحايا بحالة نفسية سيئة جراء التفكك الأسري الذين يدفعون ثمنة التشرد والضياع بلاذنب.