لا أعرف كيف بدأ اللقاء أو بالأصح لا أتذكر.. ما أذكره أننى كنت معزوما على الإفطار فى رمضان فى منزل أحد المعارف لا أتذكره أيضا ووجدتنى فى ركن من المكان أتحدث معه بود شديد رغم أنه لم يكن يعرفنى بدليل أننى قلت له إن لى صديقا يحبك جدا لدرجة أنه عقد قرانه فى ضريحك فى مسجدك فى كوبرى القبة؟؟ نظر لى بعينيه الثاقبتين ولم أخف من بريقهما الذى وصفه البعض بالمخترق للنفس والجسد معا.. لماذا؟
– لا أعرف!!
يمكن لأننى كنت قريبا منه جدا نفسيا وجسديا بما لا يشى أو يوحى برهبة أو خوف لكن بود ومعرفة قديمة.
يتواصل الحلم وأحاول خلاله مد جسور الحوار مع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وبسلاسة كأنك تتحدث مع صديق قديم تقابله مرة أخرى بعد غياب طويل.. قلت له: إن صديقى الذى عقد قرانه فى ضريحك اسمه فتحى خطاب (الكاتب الصحفى فى قناة الغد) رد على قائلا: أعرفه إنه صديقي!!
فرحت لأن الزعيم جمال عبدالناصر صديق صديقى فتحى خطاب.
يتنقل الحوار بنعومة لكننى لا أذكر تفاصيله، المهم بدأ المعازيم يتوافدون ومنهم قس شاب على وجهه ابتسامة حقيقية ويداعب طفلا معه ويتحدث إليه ضاحكا، ومن التحية المتبادلة مع الزعيم من بعيد إيحاء بصداقة وود ولقاءات متتالية.
حين أذن المؤذن للمغرب وانتقل البعض لترابيزة السفرة الممتدة وجدتنى أغبط من دعا لهذه العزومة الضخمة وهذا العدد الكبير من المعزومين الذى لا أستطيع تنظيمه أو إقامته إما لقلة ذات اليد أو خوفا من زوجتى وبخلها.. لا أعرف!!
المهم وجدتنى أتسلل بهدوء وأعود لمنزلى لتغيير ملابسي.. أسأل نفسي.. هل من الذوق العودة مرة أخرى لمكان تركته؟!
أجبت: سأعود بعد انتهاء الإفطار لاستكمال الحوار مع الزعيم، وحين رجعت وجدت المكان قد تحول إلى قاعة كبيرة ولقاء مفتوح مع الزعيم ويتحدث ويحاور الزميلة تحية عبدالوهاب (الصحفية فى روز اليوسف) وحين انتهى من رده عليها، رفعت يدى وأنا الواقف فى نهاية القاعة طالبا الكلمة، لاحظنى الزعيم حين نبهته تحية عبدالوهاب وتلقيت نظرة منه، رددت عليها بابتسامة خجلي.. استمر فى استطراده وحين انتهى من كلامه بدأ ينظر للقاعة ليجيب عن سؤال جديد ناسيا نظرته لى منذ دقائق وهنا رفعت الصديقة سمية عبدالرازق (الكاتبة الصحفية بالجمهورية) يدها وصوتها وموجهة رأسها لى وأنا فى آخر القاعة قائلة: الأستاذ يسرى السيد، فأومأ الزعيم برأسه بأنه يعرفنى قائلا: طبعا الأستاذ يسرى السيد!!
وفجأة وجدتنى على المنصة بجواره أساعده وقد أنتحى جانبا ليجهز لاب توب.. ساعدته بود وتعاون أصدقاء قدامي، على وجه ابتسامة ممزوجة بالود تعلو جسدا عملاقا يرتدى بذلة رمادية وكرافت «شيك».
كان يبدو من الأحداث أنه ترك رئاسة الجمهورية منذ فترة طويلة رضاء وأنه رغم اعتزاله الرئاسة مازال مهتما بالشأن السياسى كرئيس سابق فقط دون غرض ويحتفظ بود كبير مع من جاء بعده من الرؤساء.. المهم منحنى الزعيم الكلمة أو أخذتها بناء على تصريحه السابق.. قلت وكأننى أخطب بجواره:
– أعرف أنك زعيم عروبى ومن أشد المؤمنين بالقومية العربية ما رأيك فيما يحدث فى المنطقة وماذا تفعل لو كنت رئيسا؟!
حين هم بالإجابة، استيقظت.. ورغم حزنى على عدم سماع الإجابة فقد شعرت بنشوة وسعادة وراحة لا توصف لم أشعر بها منذ زمن طويل تاركا الزعيم يجيب، فهل تخبرنى سمية وفتحية عن الإجابة التى لم أسمعها.. ربما!!