نحتفى بالذكرى الـ «42» لتحرير سيناء هذا العام وسط ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، هذه الظروف تزداد ضراوة بمرور الأيام وباستفحال إسرائيل فى جبروتها وفى حربها الوحشية ضد قطاع غزة الفلسطينى ، فى وقت يظل خطر اجتياح جيش الاحتلال لمدينة رفح الفلسطينية قائماً حتى اللحظة، وسط انحياز أمريكى وغربى ، وصمت دول العالم، إلا من صوت مصر وتحرك القيادة السياسية والدبلوماسية المصرية، التى حذرت وما زلت تحذر من الاجتياح ، ومن قتل وتجويع الفلسطينيين فى القطاع، ومن تفاقم الصراع وامتداده لأطراف أخرى فى المنطقة.
هذه الصورة المعقدة لا تتوقف عند العدوان الإسرائيلى على غزة، ولا تقتصر على ادعاءات المواجهة بين تل أبيب وطهران ، وإنما تمتد تأثيراتها السلبية إلى الملاحة وحركة السفن فى باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس، كما تزداد خطورتها مع تفاقم الازمة بالسودان وغياب الاستقرار فى ليبيا ، فضلا عن استمرار الحرب الروسية- الأوكرانية والأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عنها. ويبدو من الوهلة الأولى أن هذه الصراعات والأزمات تم «هندستها» وصناعتها، لتطويق الشرق الأوسط ووضع المنطقة فى حالة توتر وعدم استقرار، يمكن من خلالها تحقيق أغراض إسرائيل التوسعية وإنهاء القضية الفلسطينية، فى خطوات متتالية تضر بمصر والعرب وتصب فى مصلحة الدول الكبري. . ليست مبالغة فى أن هذه الظروف الإقليمية والدولية المعقدة تزيد من أهمية الاحتفال بذكرى تحرير سيناء هذا العام، والتطرق إلى الدروس المستفادة من تحرير هذه البقعة الغالية من أرض مصر بالحرب والسلام وفى ظل الحقائق التالية:
> لقد كشفت حرب أكتوبر 1973 عبقرية مصر فى إعادة بناء القوات المسلحة وتسليحها خلال سنوات قليلة بعد حرب 1967 وهو ما اعتبرته المدارس العسكرية الدولية إنجازاً بكل المقاييس.
> كشف نصر أكتوبر 73 أيضاً عن قدرة مصر على تحقيق عنصر المفاجأة واستخدام الأسلحة الحديثة والمعقدة فى ميدان القتال وأنها تفوقت على إسرائيل» تكنولوجيا» فى معارك الصورايخ والحرب الإلكترونية.
> أثبتت معارك تحرير سيناء أن لدى المصريين ثقة كبيرة فى الانتقال من القتال الثابت إلى القتال المتحرك ضد المدرعات الإسرائيلية، وقد شكل ذلك مفاجأة صادمة للجانب الإسرائيلي.
> ما أظهرته القوات الجوية المصرية من كفاءة فى السيطرة على سماء المعركة ، وما أظهرته قوات الدفاع الجوى من قدرة على توفير الحماية للقوات البرية فى محيط مسرح العمليات بسيناء، ساهم فى تحقيق النصر وتحرير قطاع كبير من سيناء.
> كانت قوة النصر بعد حرب أكتوبر، هى قوة الدفع لصانعى السياسة المصرية فأصبحوا فى مركز أقوى فى التعامل على الساحة الدولية واستطعنا أن نحقق كل أهدافنا ونجبر إسرائيل على اتفاق سلام يتفق ومباديء القانون الدولي.
> ساهمت انتصارات أكتوبر وما صاحبها من تفوق مجتمعى ودبلوماسى فى ترسيخ «روح أكتوبر» والتى يتم استدعاؤها وقت اللزوم وعندما يشعر المصريون بالخطر على بلادهم.
الخلاصة هنا أن تحرير سيناء بالحرب والسلام وبتفعيل القانون الدولى وهزيمة الإرهاب تم إنهاءعزلة هذه القطعة الغالية من أرض مصر وتنميتها كما أن تحرير سيناء سيظل نبراساً للأجيال الجديدة ولكل باحث فى التاريخ، بأن قدرات المصريين تزداد جسارة وقت الشدائد والأزمات.. وهو ما نتلمسه ونشعر به الآن.