نحن نحتفل هذه الأيام بالذكرى الثانية والأربعين لتحرير أرض سيناء الغالية وتحديداً فى الخامس والعشرين من شهر أبريل الجاري، والتى جاءت بعد انتصار أكتوبر المجيد وتجاوز الموانع والصعاب الكثيرة وفى القلب منها عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين، تستعد مصر لمرحلة جديدة من العبور وتجاوز الصعاب وقهر الظروف والتحديات، لكنه العبور غرباً هذه المرة، حيث تتم دراسة شق قناة جديدة فى الصحراء الغربية وتحديداً بمنطقة منخفض القطارة بهدف تحويلها إلى منطقة مستدامة صالحة للعيش، علاوة على استصلاح وزراعة الأراضى الشاسعة بتلك المنطقة المهمة.
ففى خطوة طموحة لمواجهة التحديات الديموغرافية المتنامية فى مصر، تدرس الحكومة مشروعًا جديدًا لتحويل المناطق الصحراوية إلى مساحات صالحة للسكن والزراعة والاستيطان العمراني.. حيث أشارت تقارير صحفية إلى هذا المشروع الذى يهدف إلى إنشاء بنية تحتية تحول منطقة منخفض القطارة فى الصحراء إلى بيئة مستدامة ومناسبة للعيش والاستيطان، وهو ما وصفه البعض بقناة السويس المصغرة فى الصحراء الغربية.
وفقاً لتقرير نشرته مؤخراًً صحيفة» إكسبرس» البريطانية، فإن المشروع يتضمن شق قناة مائية تمتد على مسافة 55 كيلو متراً فى منطقة منخفض القطارة بتكلفة تبلغ حوالى 1.5 مليار جنيه استرليني، ومن المتوقع أن توفر هذه القناة إمدادات المياه اللازمة لتحويل الصحراء إلى أراضٍ صالحة للعيش والزراعة.
وفقاً لتقرير الصحيفة الإنجليزية فإنه بمجرد الانتهاء من المشروع، من المتوقع أن تغمر المياه منخفض القطارة لتشكل بحيرة ضخمة تبلغ مساحتها 20 ألف كيلو متر مربع، ومن المتوقع أن يؤدى تبخر المياه من هذه البحيرة المستحدثة إلى زيادة مستويات الرطوبة وكميات الأمطار فى المنطقة المحيطة، مما يعزز إمكانية تحويل الأراضى القاحلة إلى أراضٍ زراعية خصبة إضافة إلى توفير فرص اقتصادية مهمة من خلال توليد الطاقة الكهرومائية من تدفق المياه.. حيث يعتبر هذا التوليد المستدام للطاقة جزءًا أساسيًا من إستراتيجية مصر لتحقيق التنمية المستدامة وتوفير الموارد الطبيعية.
حول التحديات التى من المتوقع أن تواجه المشروع توضح التقارير أنه مع كل هذه المزايا المحتملة، يثير المشروع أيضًا عدة مخاوف بشأن التأثير البيئى المحتمل والتحديات التى قد تنشأ خلال تنفيذه، وبالنظر إلى أن نسبة صغيرة جدًا من الأراضى فى مصر تعتبر صالحة للسكن، فإن تحويل المناطق الصحراوية يمثل تحدياً هائلاً.
مع توجه مصر نحو استيعاب زيادة السكان، يهدف المشروع إلى إنشاء نظام بيئى متكامل يدعم التنمية والنمو المستدام ويعكس هذا التحول الطموح رؤية مصر لمستقبل مستدام ومزدهر.. حيث يشكل هذا المشروع مثالاً رائدًا على التخطيط الإستراتيجى للتنمية المستدامة فى المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تنفذ فيه الدولة المصرية مشروعاً عملاقاً لاستصلاح وزراعة ٢,٢ مليون فدان بالصحراء الغربية أيضاً وهو ما يعرف بمشروع الدلتا الجديدة أو مستقبل مصر، فى إطار خطة الدولة لاستصلاح وزراعة أكثر من عشرة ملايين فدان تم بالفعل تنفيذ %50 منها وسيتم الانتهاء من باقى المساحة خلال ثلاث سنوات تقريباً وهو ما يعادل المساحة المنزرعة طوال 200 عام.