فى فوضى 2011 طفت على السطح سلوكيات وأخلاقيات أقل ما توصف به انها رديئة.. ربما جاءت من عقود الإهمال بالتربية وشيوع الاستهلاكية أو غياب رؤية بناء مجتمع قوى أو تفشى المشاكل والأزمات والمعاناة وثقافة التكدس والزحام.. وعدم وجود رؤية للدولة آنذاك فى مجابهة حملات الغزو الثقافى الذى لا يناسب مجتمعاتنا.. فغياب المحتوى والمضمون فى رؤية للوعى وبناء الشخصية المصرية جعلها عرضة لتأثيرات كارثية من ثقافات دخيلة وغريبة وشاذة.
مع وجود تداعيات الأزمات والصراعات العالمية والإقليمية تعود وتيرة هذه السلوكيات والممارسات إلى سيرتها الأولى وان بدت بأشكال مختلفة.. السلوكيات متباينة أقل عنفا وبجاحة لكنها تتعلق باحتياجات الناس وتمس حياتهم ومتطلباتهم.. فمع الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها القاسية.. برزت سلوكيات وأنماط من الاحتكار والتكويش والتخزين والمغالاة وحجب السلع وتسقيعها من أجل خفض العرض والتحكم فى الأسعار تحت شعار «يالا نفسي» والانتهازية والإنانية شعار هذه الفئات التى تعانى من مرض نقص التربية الصحيحة.. وغياب بناء الشخصية القادمة من عقود طويلة لكنها سلوكيات تهدد أمن المجتمع وسلامته.. ولابد من البحث عن علاج ربما لا يجدى مع الحالات التى تمكن منها المرض.. ليس أنسب العلاجات هو الردع والضرب بيد من حديد وفى ذات الوقت الاهتمام بالأجيال الجديدة من الأطفال والشباب وتلك مسئولية مجتمعية شاملة سواء فى الأسرة أو المدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة أو عمليات ضبط السلوك المجتمعى أو غرس ثقافة التكامل والتراحم ويقظة الضمير والاحساس بالآخرين على قاعدة مهمة وهى الوطنية.. فالخوف على الوطن من مغبة السلوكيات والممارسات الرديئة هو نوع من الوعى الحقيقي.. والذى يصب فى مصلحة الفرد نفسه لأنه مستفيد.
الحقيقة ان الأسرة فى ظل حالة الانفتاح والتكنولوجيا والإنترنت والسوشيال ميديا تفقد السيطرة بشكل ليس بالهين ويصعب فصل الأبناء عما يسمى الآن «بالموبايل» الذى يحمل كل شيء.. ولم يؤثر فقط على السلوكيات ولكن أيضا على مستويات التحصيل الدراسى والعلمى حيث يستنزف معظم الوقت وأصبح بديلاً للأسرة وهذا فى حد ذاته كارثة يصعب التعامل معها إلا ما رحم ربي.
تأتى مؤسسات التربية والتنشئة التى مازالت تقبع خلف الأبواب التقليدية والنمطية.. لا تساير الفكر ولم تبتكر أساليب ووسائل سريعة وسهلة الوصول إلى العقل.. وما أقوله عن اعجابى بحلقات الشيخ على جمعة مع الصغار فى حوارات مفتوحة وبلغة بسيطة وتلقائية نموذج للخروج على التقليدية والنمطية ويحقق أهدافا بالغة الأهمية خاصة فى حالة ترسيخ الحوار وتقبل الآخر..
هناك سلوكيات كثيرة غريبة ومزعجة تستطيع ان ترصدها سواء أحاديث النميمة والنفاق وعدم الوفاء للآخرين وذوى الوجهين وفقدان وتيرة الحماس و(الاناماليه) والاتكالية والسلبية وعدم التدقيق فى الحلال والحرام واهدار الوقت خلال فترات العمل والانتهازية والإنانية وتطبيق مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» رغم ان الرزق والمناصب محسوم أمرها وانها بيد الله وحده.. وأيضاً الغش ليس التجارى فقط ولكن حتى الغش فى الامتحانات ومجرد قبوله لدى الطالب أو التلميذ وولى الأمر كارثة وهناك من تكون فرص الغش متاحة لكنه يرفض الاستفادة منها لأن هناك تربية ومبادئ تنبع من الذات والضمير.. لا يمكن التنازل عنها.. أيضاً الفساد والتعدى على المال العام والالتفاف على القانون واعتبار ذلك شطارة وفهلوة.. تستطيع ان ترصد المزيد من السلوكيات والممارسات الغريبة والأخلاق المتدنية.. وهو ما يفرض علينا ان نكون جادين فى تبنى مشروع قومى لايجاد منظومة للأخلاق والقيم ونعمل على غرسها فى الأجيال الجديدة.. تتضافر فيها مؤسسات الإعلام والمؤسسات الدينية والتعليمية.. (المدرسة والجامعة) والرياضية.. بالإضافة إلى الحرص على تقديم الدعم للأسر وتوعية المقبلين على الزواج والمتابعة خلال سنوات الزواج وإذا احسنا تطوير التعليم نضمن خريجين من الشباب وكذلك من الأزواج يمكنهم تربية الأبناء بشكل صحيح وغرس القدرة على العطاء والتكامل والتراحم والايثار وانكار الذات والضمير اليقظ واحترام الناس وهى صفات وقيم موجودة فى الأديان السماوية.. لذلك يجب النظر إلى المناهج الدراسية واعتبار مواد الوعى والأخلاق والقيم والدين مواد أساسية لا غنى عنها ولها درجات رسوب ونجاح.
علاج الآفات والأمراض المجتمعية عملية شاقة خاصة أنها ترسخت على مدار عقود.. لذلك علينا بالبداية بجدية ورؤية وإرادة خاصة مع الأجيال الجديدة ولتتحول رؤيتنا إلى أسلوب حياة فى الإعلام والدراما والسينما والأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة.. فالأمن والأخلاق وهو ما يحرص عليه الرئيس عبدالفتاح السيسى ودائم الحديث عنه وربما يكون من المناسب بعد صياغة رؤية المواجهة والإصلاح طرحها على الحوار الوطني.