أكد الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي والممثل عن الدول العربية وجزر المالديف، ووزير المالية المصري السابق، أن تعزيز المرونة الاقتصادية أصبح ضرورة حتمية في ظل التحولات الجيوسياسية غير المسبوقة التي يشهدها العالم. وأشار إلى أن العالم يقف عند لحظة فارقة تتشابك فيها الجغرافيا السياسية والاقتصاد بشكل لم يسبق له مثيل.
جاء ذلك خلال الكلمة الرئيسية التي ألقاها معيط في القمة العربية الاقتصادية والمصرفية 2025، التي عُقدت في العاصمة الفرنسية باريس تحت شعار “المرونة الاقتصادية في ظل التغيرات الجيوسياسية”. وقد شهدت القمة مشاركة رفيعة المستوى من صناع السياسات، والخبراء، وقادة المؤسسات المالية من أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا.
تأثير الأزمات الجيوسياسية على الاقتصاد العالمي
أوضح معيط أن الأزمات الجيوسياسية، من النزاعات الإقليمية المتصاعدة إلى الحروب التجارية، قد اختبرت قدرة الاقتصادات على الصمود. لافتًا إلى أن هذه التحولات تعطل سلاسل الإمداد، وتغير أنماط التجارة، وتؤثر على أسعار السلع الأساسية وأسواق المال. وأضاف أن توترات الشرق الأوسط، إلى جانب التوترات في أوكرانيا، أدت إلى تقلبات حادة في أسواق الطاقة وأسعار السلع، فضلاً عن تأثير بعض الإجراءات مثل الرسوم الجمركية الأميركية على استقرار الأسواق العالمية ونمو الاقتصاد العالمي.
محاور أساسية لبناء المرونة الاقتصادية
طرح معيط خمسة محاور رئيسية لبناء المرونة الاقتصادية، وهي:
- تعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي: يتم ذلك بتبني سياسات مالية ونقدية رشيدة ومستدامة، والاستثمار في البنية التحتية، ودعم الابتكار والمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تُعد عماد التوظيف والمرونة الاقتصادية.
- تنويع التجارة والاستثمارات: عبر تنويع الشركاء التجاريين ووجهات الاستثمارات بين أوروبا والمنطقة العربية وأفريقيا للحد من آثار الاضطرابات الجيوسياسية.
- تعزيز التعاون الإقليمي: من خلال بناء تحالفات اقتصادية إقليمية قادرة على توفير حماية ضد الصدمات الخارجية وخلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا وتوقعًا.
- تشجيع التنمية المستدامة: خاصة في دول الشرق الأوسط وأفريقيا الأكثر تأثرًا بتغير المناخ، من خلال تبني حلول الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة والتكنولوجيا الخضراء لتقليل المخاطر وتعزيز الاستدامة طويلة الأمد.
- تقوية الأنظمة المالية: عبر وضع أطر تنظيمية فعّالة وسياسات مالية مدروسة وتطوير أدوات مالية قادرة على امتصاص الصدمات.
دور صناع السياسات والتعاون المستمر
وأشار معيط إلى أن صناع السياسات والمؤسسات على المستويات المحلية والإقليمية والدولية يلعبون دورًا محوريًا في دعم المرونة الاقتصادية من خلال إيجاد بيئة تشجع على الابتكار والاستثمار وتضمن العدالة الاجتماعية. ودعا إلى نهج استباقي في صنع السياسات يوازن بين التحديات والفرص.
اختتم معيط كلمته مؤكدًا أن المرونة الاقتصادية في مواجهة التغيرات الجيوسياسية ليست هدفًا نهائيًا، بل هي مسار مستمر يتطلب العمل الجماعي والابتكار. ودعا الحضور إلى التعاون من أجل بناء اقتصادات أكثر مرونة، شمولية، واستدامة.