مصر هى صمام الأمان للمنطقة. هذه حقيقةٌ راسخةٌ أثبتتها الأحداثُ الجسام، وشهِدَ بها الواقعُ الذى نعيشه يومًا بعد يوم. سياسةٌ حكيمةٌ رشيدة، وجيشٌ عظيمٌ يحرس حدودَ الوطن ويصون أمنه القومى، وشرطةٌ تضبط إيقاعَ الاستقرار الداخلي- هى أركانٌ يجتمع فيها ما تفتقر إليه كثيرٌ من دول الجوار.
بينما تعيش الشرق الأوسط إحدى أخطر لحظاتها الحديثة، وتتصاعد وطأة المواجهات المُباشرة بين إيران وإسرائيل بضرباتٍ متبادلةٍ وصواريخَ عابرةٍ للحدود، يقفز التصعيدُ إلى مستوياتٍ غير مسبوقةٍ تهدد بإشعال فوضى إقليميةٍ عارمة. فى خضم هذه العاصفة الهوجاء، تبرز مصر كصرحٍ شامخٍ من الاتزان والتماسك.
رغم خطورة المشهد وما يحمله من تهديداتٍ قد تطال حدود دولٍ عدة، حافظت مصر بثباتٍ على سياساتها الراسخة: الحفاظ على استقرار المنطقة أولًا، وصون الأمن القومى المصرى من تداعيات الصراعات ثانيًا. لقد أثبتت التجاربُ المتتالية أن أمنَ مصرَ خطٌ أحمرٌ لا يقبل المساومة، ولا يسمح لأى طرفٍ- إقليميٍ كان أم دولي- بجرّها إلى مستنقعات الفوضى.
مع تصاعُد العمليات العسكرية الأخيرة، تضاعفت التحديات المُحيطة بمصر. إلا أن قوةَ الجيش المصري- الأقوى عربيًّا وإفريقيًّا- وقدرته الفائقة على تأمين حدود البلاد برًّا وبحرًا وجوًّا، جعلت من مصر حصنًا منيعًا وحاجزًا أمام أى محاولةٍ لزعزعة أمن المنطقة. لم تكن هذه القوة للعِرض، بل هى ترجمة عملية لإستراتيجية دفاعية راسخة.
برهن الشعب المصري- فى هذا التوقيت الحرج- على وعيٍ نادرٍ وإدراكٍ عميقٍ لحجم المخاطر. كان رفضه القاطع للانجرار وراء دعوات الفوضى، أو تصديقه للإشاعات التى تبثها جهاتٌ مشبوهة عبر وسائل التواصل، دليلًا على نضجٍ سياسيٍ يُشكّل مع تماسك الجبهة الداخلية خطَّ الدفاع الأول عن الدولة وأهم ركيزةٍ لمواجهة العواصف الإقليمية.
فى هذا المشهد تظل مصر الدولةَ العربيةَ الوحيدةَ القادرة على لعب دور الوسيط العاقل، من اجل إطفاء نيران الصراع، والحفاظ على دماء الشعوب ووحدة أراضيها.. تاريخها الدبلوماسى وثقلها الجيوسياسى وعلاقاتها المتوازنة تؤهلها لهذه المهمة الصعبة.
فى زمن الفوضى والصراعات العبثية، تبرز قيمة الدول القوية المستقرة ذات المؤسسات الراسخة. مصر، برصيدها الحضارى، وشعبها الأصيل، وجيشها المصطفّ، وسياستها الحكيمة التى تجمع بين الحزم والحكمة، تبقى بحق صمام الأمان الأبرز للمنطقة، وصوت العقل الذى يعلو فوق صخب المدافع ودخان الصواريخ. هى رسالة ثقةٍ للأمة: مهما اشتدت العواصف، ستظل مصر حصنًا للأمن وسندًا للاستقرار.