تنبأنا فى المقالين السابقين أن العالم أصبح فى حاجة ماسة إلى طرق بديلة، وموارد جديدة فى تمويل اقتصاداته وتأمين طاقته، وأن جهود مصر قد تعاظمت فى الفترة الأخيرة لتعظيم مساهمة الاقتصاد الأصفر فى عملية التمويل كبديل حقيقى للاقتصاد البنى، ولا شك أن المعرفة والإدراك الجمعى بأن الابتكار هو التحدى الحاسم فى الفترة القادمة لاكتشاف التقنيات والمنتجات الجديدة لمواجهة أى تحديات أو أخطار مستقبلية، ونحن الآن نواجه أحد أهم هذه التحديات والأخطار، حيث تسبب التصعيد العسكرى بين إسرائيل وإيران، فى موجة متلاطمة من التشاؤم وعدم اليقين، وحتى اليوم وهو اليوم الثامن للحرب بين إسرائيل وإيران.
تقدر تكلفة الصواريخ والطائرات الإيرانية المستخدمة ضد إسرائيل بنحو 4 إلى 5 مليارات دولار، فضلاً عن تقديرات تتراوح من 8 إلى 10 مليارات دولار لإصلاح وإعادة بناء منشآت إيرانية، وعلى الجانب الإسرائيلى تتضمن تكلفة الدفاعات نحو مليار دولار لكل ليلة حتى الآن توازى 8 مليار دولار، فضلاً عن الخسائر فى البنية التحتية والتى لن تقل عن 15 مليار دولار ، وهو الأمر الذى يوضح حجم الخسائر الكبير فى هذه الهجمات.
ومن هنا، يمكن القول إن الصراع بين إسرائيل وإيران، سيكون له آثار اقتصادية كبيرة على العالم بشكل عام، وعلى منطقة الشرق الأوسط ومصر بشكل خاص. فمن المرجح، أن ترتفع أسعار النفط، لذا فإن التصعيد العسكرى بين إيران وإسرائيل، ينبئ بتراجع معدلات النمو الاقتصادى فى مختلف دول العالم. واضطراب سلاسل التوريد العالمية، خاصة مع إضافة رسوم حرب تمثل 0.05 ٪ إلى 0.07 ٪ من قيمة السفينة فى منطقة الخليج، وعبور قناة السويس، لتقفز أقساط حرب النزاع إلى 1- 2 ٪ من قيمة السفينة لكل رحلة، لتتراوح بين مئات الآلاف وملايين الدولارات للتكلفة التشغيلية لكل رحلة تجارية.وهذه الأزمات تزيد من الضغوط على سوق الدولار. ندرك تماماً بأن إستمرار تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، قد يؤدى إلى أن تواجه معظم دول العالم والإقليم وفى القلب منها مصر، عدداً من التحديات، قد تجعلنا مضطرين إلى الانتقال لنطاق أوسع من تقبل حد أدنى من آثار تلك المخاطر، وأهم تلك المخاوف هى ارتفاع أسعار النفط عالمياً، لذا تحتاج مصر إلى تأمين مصادر بديلة للطاقة، وهو ما تناولته سابقاً بضرورة التأكيد على استغلال مصر لمواردها من قطاع الاقتصاد الأصفر.ونرى أنه رغم أن هذه الظروف والتى تبدو فى ظاهرها قصيرة الأجل، ولكنها قد تتحول إلى عوامل ضغط ممتدة إذا طال أمد التصعيد أو دخلت أطراف جديدة على خط المواجهة، لذلك فمن المهم أن تتحرك الحكومة بسرعة، ليس فقط لتخفيف المخاطر، بل لاستثمار الفرص.