مارست إسرائيل لعبتها المكشوفة الخاصة بضرب المنشآت النووية لإيران، بعد انتهاء مهلة الـ 60 يومًا للمفاوضات دون الوصول إلى اتفاق يضمن تجريدها من إمكانيات تصنيع قنبلة نووية.
وهذه اللعبة المكشوفة سبق تطبيقها فى أزمنة مختلفة مع العراق وسوريا، لمنع الوصول إلى مرحلة متقدمة فى امتلاك تكنولوجيا نووية، وقصرها فقط على دولة إسرائيل تحت حماية الولايات المتحدة الأمريكية وتأييدها المطلق، ومباركة الدول الغربية التى تنقاد وراء الولايات المتحدة فى كل قراراتها.
وأغلقت إسرائيل عيونها وآذانها عن مطالبة القاهرة بإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، لتكون إسرائيل هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تمتلك منفردةً هذا النوع من السلاح، وتهدد المنطقة وشعوبها بحروب مدمرة، وتنتزع قسرًا أراضى كثيرة من لبنان وسوريا وغزة والضفة الغربية، وتضرب بعرض الحائط المعاهدات والاتفاقيات الدولية المبرمة من قبل.
وها هى إسرائيل تشن هجومًا كبيرًا على إيران وتقتل حوالى 9 من علمائها النوويين وكبار قادة الجيش، لإجبار إيران على الخضوع لإملاءات أمريكا وإسرائيل، أو تدميرها اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا واجتماعيًا، فلا تقوم لها قائمة بعد اليوم.
بدأت الضربة الصهيونية بضرب الحوثيين فى اليمن بضربة مكثفة لشل قدرتهم على مساعدة إيران، قبل مهاجمة المنشآت النووية بيوم واحد. وتزامن ذلك أيضًا مع قيام أمريكا بإخلاء موظفيها من العراق، وإصدار تحذير بحظر سفر الأمريكيين إلى الشرق الأوسط. وانطلقت الطائرات الإسرائيلية فجر الجمعة الماضية تنفذ خططها العسكرية الموضوعة مسبقًا، وقد كان لها ما أرادت، وها هى تستنفر الولايات المتحدة الأمريكية لجرّها إلى ضرب إيران، حتى ولو ترتب على ذلك الدخول فى حرب عالمية ثالثة تشارك فيها دول المنطقة.
إن ما يحدث الآن من استجابة لرغبات وطموحات إسرائيل فى إقامة دولتها الكبرى المزعومة وتطويع مجلس الأمن للاستجابة لمطالبها، يضرب المؤسسات الأممية فى مقتل، ويجعل من النظام العالمى الحالى نظامًا فاشلاً موجّهًا لصالح دولة عظمى واحدة وربيبتها إسرائيل.
إن الأمر يحتاج إلى قيام نظام عالمى جديد أكثر عدالة، ينعم فيه الجميع بالأمن والسلام والعدالة، وتكون فيه قرارات المحكمة الجنائية الدولية ملزمة، ولا يُفرض على أعضائها ملاحقات من أى نوع.
وفى تقديرى، فإن حرب إيران وإسرائيل سوف تنتهى بإخضاع إيران للاستجابة لشروط أمريكا وإسرائيل غير العادلة، وهذه هى سمات «مجتمع الغابة»، الذى يكون فيه البقاء للأقوى، فى عالم غير متعدد الأقطاب، ويضرب بعرض الحائط الرأى العام العالمى الذى تمرّد على ما يحدث من تجاوزات، وشهد حرب الجوع وحروب الإبادة فى غزة، وطرد أصحاب الأراضى الحقيقيين من أوطانهم فى غزة والضفة الغربية لصالح المستوطنين الصهاينة.
حفظ الله مصر من شرور الأعداء، قيادةً وشعبًا، وحمى أراضيها وحدودها من أطماع أعداء الأمس واليوم، ومتع شعبها بحسن الإدراك وفهم ما يُحاك ضدها فى كل زمان ومكان، بعد أن تبيّن لنا بعدُ نظر القيادة السياسية فى تنويع مصادر السلاح وامتلاك سيفٍ ودرعٍ قادرين على ردع المعتدى.