ترشيد استهلاك الكهرباء أصبح ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها صيفاً أو شتاءً بسبب الظروف الاقتصادية التى حلت بالعالم كله وألقت بظلالها علينا.
وأظن ان المواطن أصبح الآن على قناعة ان عملية تخفيف الأحمال وانقطاع الكهرباء لفترة معينة خلال ساعات النهار أو الليل صار أمرا لا مفر منه ولاسيما بعد أن قررت الحكومة العودة لهذا الأمر بعد انقضاء شهر رمضان.. حتى ولو ظن البعض ان ساعات القطع غابت ولن تعود.
وقد جاءت تصريحات المتحدث الرسمى لمجلس الوزراء تحمل قدرا كبيرا من الصراحة والشفافية خلال مداخلته مع الاعلامى الشهير الذى قلل من قيمة المليار دولار التى يوفرها هذا التخفيف من الأحمال فى ظل الأولويات التى تضعها الحكومة لاستخدامات النقد الأجنبى فى توفير الغداء أو الدواء أو غيره.
ولكن لا بأس فى تقبل المواطن لهذا الأمر وتقديره للظروف الاقتصادية الضاغطة فى تشارك بين الحكومة والمواطن فى تحمل الأعباء.. ولاسيما عندما راعت الحكومة ظروف الناس فى شهر رمضان وكذلك من قبل عند تعديل مواعيد القطع مع الترم الدراسى الأول حتى لا تكون فى المساء وقت المذاكرة وأظنها سوف تفعل مع قرب الامتحانات خلال الأسابيع القادمة فلا شك ان المرونة والحوار والتشارك فى هذه الظروف أمور مهمة حتى نعبر الأزمة بإذن الله.
>>>
ولكن على المدى الطويل.. أتصور ان الاستفادة القصوى لما حبانا الله به من طاقة شمسية وساعات نهار طويلة تبدأ من شروق الشمس فى السادسة صباحا على الأقل وحتى موعد الغروب الذى يمكن التحكم فيه بزيادة ساعات النهار صار أمر ضروريا وحيويا.. وهذا ما قررته الحكومة الحالية عندما أعادت العمل بنظام التوقيت الصيفى قبل سنوات قليلة ماضية وكان البعض ينظر لهذا القرار بكثير من الدهشة لأنه يرى ان ما توفره هذه الساعة من عائد اقتصادى بخفض استهلاك الكهرباء لا يستاهل مثلما كانت تفعل حكومات أخرى سابقة.
ولكن جاءت الظروف الحالية لتؤكد أهمية هذا التوقيت الصيفى الذى تعمل به معظم دول العالم حتى الفنية والمتقدمة منها.. خاصة دول شمال أوروبا التى يمتد النهار فيها خلال فصل الصيف حتى التاسعة أو العاشرة مساء وكذلك المانيا وحتى تبدأ التوقيت الصيفى فى بداية شهر ابريل من كل عام وتلتزم كثير من المحال والمنشآت بتخفيف الاضاءة قدر الامكان للاستفادة من الاضاءة الطبيعية والتواؤم معها.
>>>
أتصور انه فى ظل هذه الأزمة واضطرارنا لتخفيف الأحمال وقطع الكهرباء فلابد من الترشيد وايجاد حلول دائمة للاستفادة من الموارد الطبيعية كالطاقة الشمسية وكذلك الإضاءة النهارية.
فنحن بحاجة إلى حلول غير تقليدية ودراسات من الحكومة والأجهزة المعنية كالبحوث الفلكية والأرصاد الجوية والطيران المدنى للنظر فى امكانية التحول الدائم للتوقيت الصيفى ليصبح طوال العام أو تسعة أشهر منه على الأقل مع استثناء شهر رمضان للتخفيف على الصائمين.. بل لا أبالغ فى اقتراحى ليكون تقديم الساعة لمدة ساعتين مثلا وهى نفس مدة تخفيف الأحمال وقطع الكهرباء.
وأعتقد اننا بحاجة لتغيير عاداتنا وسلوكياتنا وفقاً لظروفنا وفى ظل التغيرات العالمية خاصة الظروف الاقتصادية والتغير المناخي.. ولابد من البحث عن حلول غير تقليدية تتوافق مع هذه المتغيرات والعمل على تغيير عادات وممارسات يومية دخيلة على مجتمعنا الذى كان يعتمد على الاستيقاظ مبكرا مع شروق الشمس وانهاء يومه مع الغروب.
كما أتصور انه يجب إعادة النظر فى العقارات السكنية والمبانى والمنشآت للاستفادة من الاضاءة والتهوية الطبيعية فلا تكون المبانى مغلقة على حوائطها فلا ترى ضوء الشمس ولا الهواء وتعتمد على الانارة وأجهزة التكييف.. فإذا انقطعت الكهرباء لسبب أو لآخر غرقت فى الظلام وشدة الحرارة.. وذلك على عكس الكثير من المبانى التراثية القديمة فى بلدنا التى صممها المهندسون الأجانب.
>>>
باختصار ان الترشيد ضرورة حياة للدول الواعية التى تسعى للتقدم.. وهكذا يجب أن نفعل لمواجهة المتغيرات الكونية والاقتصادية العالمية.