حالة غير مفهومة يعيشها الكثير من أبناء الشعب المصرى فى الوقت الراهن ففى التوقيت الذى تجد فيه شكوى متكررة من ارتفاع الأسعار المبالغ فيه للأطعمة وغيرها من السلع الاستهلاكية تجد المطاعم مكتظة بالمترددين عليها الأمر الذى يصل فى بعضها لأوقات طويلة من الانتظار كما تجد طوابير ممتدة أمام الكاشير فى الكثير منها لتجد نفسك فى حيرة كيف يكون هذا المشهد وسط هذا الكم من الشكاوى ليستقر فى يقينك أن الشكوى باتت شكلاً من أشكال الحياة مهما كانت الأسباب.
لا جدال أن تحول الشعب المصرى لواحد من الشعوب الاستهلاكية كان سبباً كبيراً فى هذه الحال التى وصلنا إليها والدليل هذا الكم من المطاعم التى تنتمى فيها الأطعمة إلى مطابخ مختلفة حيث المصرى والسورى واللبنانى والسودانى الأمر الذى امتد إلى بعض الدول الآسيوية والأوروبية بخلاف مطاعم الوجبات السريعة ورغم ارتفاع الأسعار المبالغ فيه فى هذه المطاعم لكنك تجد من يقبل عليها ويشترى رغم كونه أحد الذين يشكون غلاء الأسعار مع عدم الجودة فى كثير من الأحيان.
هنا أذكر موقفاً عايشته مع إحدى الصديقات حيث ذهبنا معنا لشراء احتياجات المنزل ووجدتها تمسك بقالب من الكيك اقترب ثمنه من المائتى جنيه وكانت تهم بشرائه فاستوقفتها لأعرف السبب الذى يجعلها تدفع هذا الثمن فى حين فى مقدورها أن تصنع أضعاف الكمية فى المنزل وبنصف الثمن وبجودة أعلى فكان ردها أنها شخصية كسولة.
نعم حالة الكسل التى تسيطر على الجميع هى سبب رئيسى فى تحولنا لشعب استهلاكى وتوقف الكثير منا عن القيام بواجباته والاعتماد على الاستهلاك حتى إنك تجد النساء فى القرى يذهبون لشراء العيش من المخابز فى حين كان العيش الفلاحى سمة رئيسية لمن يسكنون القرى فى الماضى وكانت الأفران لا تنطفئ وهى عامرة بالخيرات الأمر الذى ذهب وذهب معه الخير من بيوتنا.
علامة استفهام كبيرة لا أجد لها إجابة عن السبب الذى يدعونا لشراء سلعة نحن قادرون على إنتاجها فى منازلنا وبجودة أفضل كثيراً سوى أننا فشلنا فى إدارة أمور حياتنا بعد أن سلبتنا أجهزة هواتفنا عقولنا وأصبحت هى المتحكم الوحيد فيناً ولم نعد إزاء ذلك لدينا قدرة على إنجاز الكثير من الأشياء.
قد تكون للتكنولوجيا العديد من المزايا ولكن من المؤسف أننا لم نحصل إلا على مساوئها ففى الماضى على سبيل المثال كان البحث أمر صعباً على أبناء جيلى ويحتاج لكثير من الوقت والمجهود على عكس الآن بات متاحاً على هاتفك الذى لم يعد له دور فى حياة أطفالنا سوى اللعب ورغم ذلك كنا قادرين على القيام بالكثير من الأعباء لم يعد أطفالنا قادرين عليها الأمر الذى يضعنا فى أزمة لا بد من التفكير للخروج منها حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه.