أمس الأول ظللت مشدودا طوال ما يقرب من 100 دقيقة وأنا أتابع كلاسيكو الأرض كما يطلقون عليه والذى جمع ريال مدريد وبرشلونة فى البرنابيو والجماهير الغفيرة التى ظلت أفواها مفتوحة طوال عمر اللقاء تصاحبها الصيحات من الهجمات المتبادلة والأهداف والفرص التى شاهدتها المباراة.
فلم تمض المباراة على وتيرة واحدة بل شهدت تقلبات وأعاصير كروية طول الوقت عندما بدأ أبناء كتالونيا افتتاح التسجيل لكن سرعان ماجاء الرد من أولاد العاصمة مدريد. عاد برشلونة ليتقدم من جديد لكن هنا جاء الرد قاسيا عندما انتفض ريال مدريد وأحرز التعادل. كانت الضربة القاضية قبل النهاية بدقائق معدودة ليصبح على مقربة من الفوز بدرع الدورى الأسبانى قبل أسابيع قليلة على الانتهاء ليؤكد ريال مدريد علو كعبه هذا الموسم بعد فوزه على برشلونة فى الذهاب والعودة.
لم يكن اللقاء عاديا بكل المقاييس بل شهد كل فنون الكرة والاحتراف المثالى وأبرزه اختفاء الحديث عن العمر الكروى حيث كسر مودريتش هذه القاعدة. أطاح بها فى البحر كونه يقترب من الأربعين عاماً ويقدم عطاءً كرويا قد يفوق ابن العشرين.
وقبل هذا اللقاء بأيام قليلة تابعنا اللقاء المرعب الذى جمع ريال مدريد بمان سيتى الإنجليزى ببطولة أوروبا والأداء الراقى والجهد المبذول من الفريقين طوال عمر المباراة.
هى ليست كرة عجيبة لكنها نتاج طبيعى لاستخدام العلم والتنظيم والإدارة وأسلوب الحياة التى يغلفها الإحتراف لكن الشيء غير الطبيعى يتمثل فيما يحدث عندنا من فقر كروى وأنيميا حادة تصيب كرتنا نتيجة العشوائية واختفاء العلم الفنى والإدارى ليكون الناتج كرة باهتة عديمة اللون والطعم والرائحة.
ويبقى السؤال المهم الذى يطرح نفسه ونطرحه فى كل مرة.. إلى متى ستظل كرتنا هكذا بلا هوية وهل ارتضيناها بهذا الشكل ورفعنا الراية البيضاء أم نظل على أمل انطلاقة كروية .
أقول هذا ليس من باب التشاؤم بل التفاؤل الحقيقى لأن لدينا الأمكانات لتحقيق ذلك شريطة إخلاص النية والعمل الدؤوب لأجل إحداث طفرة حقيقية بعيدا عن الظواهر التى سرعان ما تظهر وتختفي.
لدينا لاعبين محترفين فى تلك الدوريات الأوروبية بل وأكبرها وأثبت قدراتهم على التألق بل التفوق أيضا لأنهم سلكوا الطريق الصحيح فى عالم الاحتراف ثم نراهم يصابون بعدوى الهواية عندما يعودون للعب مع المنتخب لأن العشوائية تغلب ويظهر الهواء الملوث لتلك الهواية.
يجب أن نؤمن بقدراتنا على النجاح وتغيير واقعنا الرياضى المؤلم من خلال العمل بشفافية كاملة وصدق حقيقى والإيمان بأن العلم هو السبيل والطريق الصحيح لتحقيق الطموحات التى نأملها لوطننا الحبيب وكرتنا التى تعد الرئة التى يتنفسها هذا الشعب العظيم.