ليس هناك أخطر على الوطن من انخفاض الروح المعنوية بشكل جمعي، فانخفاض أو ارتفاع الروح المعنوية للأمة مسألة أمن قومى فى المقام الأول، وهناك محاولات دءوبة من البعض لقتل الأمل وإشاعة جو من الكآبة والإحباط مستغلين الحديث الدائر عن مفردات الأزمة الاقتصادية حيث يقوم هؤلاء بدور النائحة المستأجرة التى تشارك فى المآتم بصراخها وشق ثيابها ولطم خدودها، هناك حزمة من الأسئلة والتساؤلات يشغلنى كثيراً البحث لها عن إجابات، لكن كيف نرفع الروح المعنوية للأمة؟ كيف نحارب اليأس والإحباط؟ وهل حقاً هناك من يقصد ويهدف ويخطط لإشاعة جو من التشاؤم والخوف والإحباط وعدم الثقة بين جموع الشعب فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن؟ من يتحكم إذن فى معنويات الأمة؟ بيد أننى على قناعة تامة بأن المؤامرات – أية مؤامرات – لن يكتب لها النجاح ما لم يكن هناك تقصير ومقصرون، فصناعة الروح المعنوية تقع مسئوليتها على جميع مؤسسات الدولة، حيث إن أداء مؤسسات الدولة فى مجمله هو ما يخلق مؤشر الرضا أو الضيق ومعلوم كيف يتم استغلال هذه الوسائل لبث الأكاذيب والشائعات واختلاق الأزمات والتركيز على موضوعات وأحداث بعينها دون غيرها، وهناك وسائط وأنماط متعددة ومتناقضة فى الأهداف والأدوات وكذا مصادر التمويل، المتابع للمشهد المصرى يجد أن العابثين بمعنويات الشعب المصرى كثر، فهناك من يعبث بجهل وغباء وعدم وعى وهناك من يعبث وفق خطة وأجندة لحساب آخرين كارهين لمصر وشعبها، يعتمد هؤلاء على الشائعات المحكمة التى يتم إنتاجها عبر خطوط إنتاج تبدأ من الممول وتنتهى بالمولول مروراً بمؤلف ومخترع الإشاعة ثم هؤلاء المتخصصون فى نقل وتداول الشائعات أو يمكن تسميته اصطلاحاً «لوجستيات الشائعات» لقد تحوَّلت الشائعات إلى أهم وأخطر الأسلحة والأدوات فى أيدى الجماعات المتطرفة، ولم يعد هناك سقف أو حد أو عقل يحكم أو يتحكم فيمن ينتج أو ينقل أو يدير «خط إنتاج الشائعات» تطورت الشائعات ونشطت فى كل الاتجاهات بدءاً من قسم تلويث السمعة والخوض فى الأعراض والحط من شأن الآخرين وصولاً إلى التشكيك فى نسب الأوطان! والغريب أن الناس باتت تهوى الفضائح بكل أشكالها والناس لا تستخدم عقلها وفطرتها فى تقييم ما يتم تداوله من شائعات، إن محاولات هدم ثوابت المجتمع وبث روح الفتنة والشك والريبة ومحاولة هدم القامات والنخب لم ولن تتوقف، لقد مررنا خلال هذه الأيام بمثل هذا كثيراً بدءاً من أزمة الدولار والتضخم والحروب المحيطة والمؤامرات المختلفة.
والهدف فى جميع الحالات واحد ألا وهو التأثير على الروح المعنوية للأمة، بيد أن هناك فصيلاً عريضاً من المؤثرين فى معنويات الشعب سلباً موجودون فى مؤسسات الدولة يمارسون فساداً وظيفياً وإدارياً ويتعسفون فى استخدام سلطاتهم مختبئون وراء اللوائح والقوانين العتيقة التى جعلت الدولة راعية للنظام البيروقراطى العقيم، فالناس ترى الرئيس يقفز ويجرى ويتحرك بأقصى سرعة ويستمع الناس إلى تصريحات الوزراء وكبار المسئولين التى دائماً ما تكون براقة ووردية وفى المقابل يجد الناس الواقع فى الدواوين الحكومية وفى أماكن تخليص مصالح الناس شيئاً مختلفاً تماماً، ومن هنا يأتى الإحباط ويتولد عدم الثقة مما يخلق جواً مثالياً لنمو الشائعات، أضيف إلى هؤلاء وهؤلاء بعض الشخصيات من مدرسة خالف تعرف، وعارض تشتهر سريعاً، ومن ثم تكسب كثيراً وتنتقل من منبر إلى آخر، هذا الفصيل، منهم من يصنع الأخبار ولا ينتظرها ويختلق الأحداث وفقاً لخياله والهدف هو تحقيق أكبر قدر من المتابعة ومنهم من يفسر الأحداث والأخبار وفق فهمه الذى غالباً ما يكون فهماً قاصراً ومريضاً، بيد أن هذا وذاك وأولئك وهؤلاء هم من يصنعون الإحباط ويبثون التشاؤم ويتسببون فى خفض الروح المعنوية للأمة، فهل نحن منتبهون؟ وهل هؤلاء منتهون؟