الساعة تقترب من الثالثة فجراً وأنا فى طريقى للعودة إلى القاهرة بعد أجازة قصيرة قضيتها خلال عيد الأضحى المبارك لأجد الطريق القادم من القاهرة فى اتجاه الإسماعيلية شبه متوقف أمام مرور السيارات فى مشهد غريب دفعنى لتصور أن كميناً أمنياً نصب فى انتظار صيد ثمين بعد ورود معلومات بعملية معينة.
لم أمكث كثيراً حتى أدركت أن الأمر أكبر من تصوراتى وأن الموضوع ليس صيداً بقدر ما هو دفاع عن استقرار وأمن وطن ضد محاولة بائسة لزعزعة استقراره تحت شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية التى إذا ذكرت ذكرت مصر كأول وأخلص المدافعين رغم أنف الجميع.
ما أسموه قافلة الصمود ما هو إلا مشهد عبثى لن يصنعه إلا العدو نفسه لتتحول المنطقة إلى كتلة من اللهب فى سبيل تحقيق أهدافه ومطامعه فى التمدد فى المنطقة ولا أتصور أن مدافعاً حقيقياً عن القضية سيشارك فى تلك الأعمال التى أقل ما توصف به أنها مؤامرة خارجية لتخريب الداخل المصرى وجر الدولة المصرية لأحداث لا تستهدف إلا إسقاطها فى محاولة بدأت فى يناير 2011 ومازالت مستمرة حتى اليوم ولن تنجح بإذن المولى عز وجل لتظل مصر البلد الآمن.. ولا تختلف السيناريوهات الحالية عن تلك التى سبقت أحداث يناير بنفس التفاصيل وأحياناً بنفس الأشخاص فالشعارات التى كان يرددها من يطلق عليه ناشط سياسى المدعو أحمد دومة ومن على شاكلته منذ أيام على سلم نقابة الصحفيين لا تختلف كثيراً عن تلك التى كان يرددها فى الوقفات التى سبقت أحداث يناير والتى انتهى فى واحدة منها إلى الاعتداء على أحد رجال الشرطة وبعض المجندين الذين كانوا يؤدون واجبهم العسكرى فى تأمين ميدان التحرير.
فى المحاكمة التى شهدتها محكمة عابدين فى هذا التوقيت وقف والده يدلى بتصريحات إعلامية يحاول من خلالها استعطاف الرأى العام بإدعاء أن ما فعله نجله «طيش شباب» على حد وصفه وقتها وأنه مازال صغيراً لا يدرك أفعاله وتصرفاته ملتمساً له العذر وأنه عندما كان فى سنه كان يفعل مثله لكن مع تقدم العمر أدرك واستوعب الأحداث بشكل جعل نظرته مختلفة وهو ما سيفعله ابنه عندما يتقدم به العمر وتتوسع مداركه ملتمساً له الرأفة لصغر سنه.
كنت واحدة من الذين صدقوا كلمات الأب ودونتها فى تغطيتى لمحاكمة نجله حتى شاهدت ابنه من جديد وهو يحاول إضاعة جزء من تاريخ مصر أثناء مشاركته فى حرق المجمع العلمى فى أحداث مجلس الوزراء وهو أمر لا يغتفر ورغم إدانته بشكل واضح إلا أن الدولة كانت مثل الأم التى لا تستطيع أن تكره أبناءها مهما فعلوا فجاء العفو الرئاسى عنه ليمنحه فرصة جديدة لكن هيهات أن يستغلها وعاد من جديد ليمارس أفعاله فى تأجيج المشهد.
وكما كان المشهد فى الإسماعيلية فى عام 1952 عندما رفضت قوات الشرطة إخلاء مبنى المحافظة وتسليمه للقوات البريطانية يتجدد المشهد من رجال الشرطة الذين تصدوا لزحف المأجورين وعاونهم أبناء المدينة الباسلة فى منع اقترابهم من الحدود ليتجدد التاريخ وتتواصل البطولة ضد قافلة التخريب وليس الصمود كما أسموها كشعار لمخططهم الدنئ.
إن مساندة الدولة المصرية قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية أمر لا يمكن المزايدة عليه على مر التاريخ ومهما حدث لن توافق مصر على ضغوط التهجير حماية للقضية وحق الشعب الفلسطينى فى الأرض وسيظل التاريخ يؤرخ أن مصر دولة أكبر من أى أحداث أو محاولات تخريب وبقاءها دولة قوية سيظل ليوم الدين.
ورسالتى لهؤلاء الذين تركوا أنفسهم لأفعال الشيطان وتآمروا على إسقاط أوطانهم سيظل التاريخ يلعنكم والشعب يلفظكم ولن تنالوا إلا العار طيلة حياتكم إلا إذا تطهرتم من أفعالكم وعدتهم إلى رشدكم فاستفيقوا قبل فوات الآوان علكم تفلحون.