عجيبة تلك الدنيا التى يختلط فيها الحابل بالنابل فهناك من يختبئ خلف اصبعه وهو عار تماما ويظن أنه مستور ولا يرى أحد سوءاته وهناك من يضع أثمن العطور محاولا اخفاء رائحة كراهيته وحماقته، وتعجب حين ترى أحدهم يلبس حذاء أغلى منه شخصيا، ومن الممكن أن تجد أحمق يرتدى لباس الحكمة ويعيش الحالة ويتملكه شيطان الهوى فيعبث فى مواضع عفته النفسية فيتحول إلى مسخ بلا ملامح فلا موقف ولا قرار ولا رأى يعيش حالة حرب داخلية صامتة وتتأجج صراعات داخلية عنيفة بلا توقف هذا النموذج الضحل المتردد والمهزوم من الداخل يقضى نصف عمره صامتًا والنصف الآخر يدافع عن هذا الصمت وكذا تبدو أمامنا بعض الحقائب ممتلئة وأنيقة وانتفاخها الظاهر ما هو إلا حشو من أوراق القمامة التى جمعت عبر سنوات فتتوقف متأملا لتقول لله فى خلقه شئون فهناك أناس مثل الحقائب تظنهم من بعيد ذوى قيمة وعندما تقترب منهم لن تجد إلا روائح الكراهية والغل والحقد والحسد تفوح من ثناياهم وحتى من ملابسهم وعندما يتحدثون لن تسمع إلا التفاهة والضحالة والسطحية وآه من الحماقة لو امتزجت بالكبر وألف آه لو تعانق الغباء معها ستجد تفسيرًا مجازيا لقوله تعالي: و»يخلق ما لا تعلمون» وستقول بأعلى صوتك ولله فى خلقه شئون قابلت فى حياتى الكثير من هؤلاء وتعلمت منهم ألا أكون منهم أو معهم مهما كانت الظروف فى مدرستى وجامعتى قابلتهم وفى قريتى ومدينتى شاهدتهم والآن ومع اشتعال الرأس شيبا وظهور بعض من بوادر الحكمة والتى تكونت من مجالسة الكبار والعقلاء والحكماء والبسطاء وكذلك مما رأيته من سلوك الحمقى والأغبياء أقابل أحد هؤلاء الحمقى والتوافه والاغبياء فأنظر إليهم بعين الشفقة لا بعين الكراهية أدعو لهم بالهداية وصلاح الحال وعودة الضمير الغائب والتوقف عن عبادة الذات والسجود للهوى والتسبيح للشيطان أدعو لهم صادقًا مخلصًا لكننى أحتقر أفعالهم وخصالهم وما تخفى صدورهم من هنا دعوت وادعو إلى صلاح القلوب الخربة بنظرة تأملية إلى من سبقونا ورحلوا عن دنيانا فمنهم من رحل ولا أثر له ولا ذكر إلا مطاردة اللعنات لاسمه ورسمه عندما يذكر عرضا وهناك من يستمر عطر السيرة والمسيرة فعلينا أن نختار بين هؤلاء وهؤلاء فاللهم إنى أسألك أن تطهر قلوبنا وتحسن خاتمتنا.