مصر حذرت من خطورة التصعيد بالمنطقة
لن أتحدث عن أسباب ودوافع وأهداف إسرائيل فى شن هجوم كبير على إيران واستهداف مواقعها الإستراتيجية واغتيال قادتها العسكريين وهذا الانكشاف العسكرى الخطير، والاختراق الاستخباراتى والمعلوماتى من خلال تحديد والقدرة على الوصول لبنك أهداف متعدد ما بين مواقع ومنشآت عسكرية وقادة بارزين ومؤثرين ولكننى سأطرح سؤالاً مهمًا، ما هو سر هذا الانكشاف وأسبابه، ولماذا هذا الاختراق حتى ان الموساد عمل من الداخل الإيرانى سواء فى تدمير أهداف أو تحديدها، وكشف مواقع القادة العسكريين البارزين فى الجيش الإيرانى ولماذا لم تتعلم طهران من دروس الماضى وأين منظومات الدفاع الجوى الإيرانى، وآلتها العسكرية وقدراتها فى التصدى لهجوم جوى إسرائيلى وصل إلى حد السيطرة على الأجواء الإيرانية واستباحة سمائها دون مضايقات.. الحديث عن خطة خداع إستراتيجى أمريكية ــ إسرائيلية خدعت إيران أحاديث ساذجة وعفى عليها الزمن، فالدول القوية والكبيرة لها أجهزة معلومات متقدمة، ومؤسسات مخابراتية، فى ظل تكنولوجيا فائقة، وتحليل لكل صغيرة وكبيرة، وأيضا المفترض أن هناك جاهزية على مدار الثانية، وليس عجزًا وخرسًا وشللاً عن الرد والمواجهة وهذا الحديث عن خداع غير واقعى، فالمؤشرات خلال الأيام الماضية، والتحركات الإسرائيلية والإجراءات الأمريكية كانت تشير إلى أن هناك هجومًا إسرائيليًا على إيران وأيضا الحديث الذى بدأت فصوله بمحاولة واشنطن أنها لم تكن تعلم تحديدًا وأن الاتصال الذى جرى بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى وأن الأول طالب الثانى بالتوقف عن الحديث عن الهجوم على إيران وبأن ذلك يعنى عملية تغفيل وتنويم لطهران والإشارة إلى أنه ليست هناك نوايا لشن حرب على إيران أيضا حديث أقرب إلى السذاجة والسوال المهم وبعد بدء الضربة الإسرائيلية أين كانت القدرات العسكرية الإيرانية وأين كانت أجهزة المعلومات فيها، وأين الدروس المستفادة من الماضى القريب والبعيد هنا حديثى يبدأ بأن أول ما تتوقف عنده الجيوش الكبرى والمحترفة هو تحليل ما جرى وما حدث وأسباب ما جرى من استباحة وأين القدرات ومنظومات الدفاع الجوى الإيرانية وأين توفير الحماية الإستراتيجية للمواقع الحيوية وكيف عمل الموساد بأريحية على مدار الفترة الماضية، بطبيعة الحال تحليل هذه المواقف بدأ بالفعل فى خارج إيران، وفى داخلها لابد من وقفة وتحليل وتطهير.
الحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية وطبقًا لتدرج التصريحات سواء على لسان الرئيس ترامب أو وزير الخارجية تكشف فى النهاية للفصل الأخير من المسرحية أن الولايات المتحدة هى شريك أساسى وربما هى الأساس فى الهجوم على إيران سواء بالقوات والمقاتلات وأسلحة الدعم والمعلومات والمساعدة فى تحديد بنك الأهداف، والمساندة السياسية والتهديد لإيران فى حال الإقدام على عمل مضاد أو يستهدف مصالحها، بل وارسال المزيد من الأسلحة الفتاكة لإسرائيل لمواجهة إيران وقوى أخرى محتملة تدعم إيران، لكن هناك سقطات فى أحاديث الإدارة الأمريكية تكشف المشاركة الكاملة إلى جانب إسرائيل فى الضربات الجوية أو الحرب على إيران بكافة الوسائل فالأمريكان والصهاينة، ليس لهما صاحب أو صديق وأعود لمقولة الراحل الأمريكى هنرى كسينجر «أن تكون عدوًا لأمريكا فهذا أمر خطير وأن تكون صديقًا لها فهذا أمر قاتل» لذلك على العرب أن يظلوا على موقفهم الواحد، وتكاتفهم، وتكاملهم فى مواجهة الطوفان القادم، والعدو المسعور الذى لن يتوقف عن التهام الدول والأراضى.
السؤال أيضا ماذا بعد الهجوم الصاروخى الإيرانى على إسرائيل وإصابة أهداف ومواقع حيوية، وانفجارات عنيفة وهو هجوم ناجح قولاً واحدًا ونوبة صحيان وردع لما حدث نهارًا فى طهران وبأقى المدن الإيرانية من استباحة أجوائها وأراضيها، وكان ردًا مؤلمًا بالفعل لإسرائيل، يكشف أيضا حالة الاخفاق والفشل لمنظومات الدفاع الجوى الأمريكية والإسرائيلية، تحت ما يسمى بالقبة الحديدية سواء صواريخ حيتس وأرو ومقلاع داوود وأخيرًا، أهم ما فى الترسانة الأمريكية منظومة الدفاع الجوى الأمريكية ثاد، فالصواريخ الإيرانية وصلت إلى الكثير من أهدافها وضربت مواقع مهمة وحيوية وأخرى إستراتيجية ولعل اشارات الإعلام الإسرائيلى إلى أن أحد الصواريخ الإيرانية دمر هدفًا إستراتيجيًا خطيرًا فى تل أبيب وهناك حالة تكتم كبيرة على حجم الخسائر الحقيقية التى تكبدتها إسرائيل بسبب الضربات الصاروخية الإيرانية والحديث عن نجاح إيران فى اسقاط مقاتلتين إسرائيليتين وأسر أحد طياريها.
المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران لا أحد يعرف نهايتها وآخر فصولها فى فصل غياب الراعى الدبلوماسى والسياسى وعجز المجتمع الدولى عن التدخل خاصة وأن الجانب الأمريكى متورط وشريك وكيف تتوقف، وإلى أى نتائج تصل فالهدف الإسرائيلى ليس ضرب المشروع النووى الإيرانى لأنه فى ظنى وحسب تقارير أن طهران انتهت بالفعل من انتاج القنبلة النووية وهى تقارير وأحاديث بعض الخبراء والمعلقين، لكن الهدف الإسرائيلى فى ظنى أن تل أبيب تريد التخلص من النظام الإيرانى وايجاد وصناعة نظام مستأنس لا يشكل تهديدًا لجموح إسرائيل أو لا يشكل تهديدًا لباقى أطراف التحالف الصهيو ــ أمريكى الإقليمى، والحقيقة أن نجاح إسرائيل فى تحييد الاتجاه السورى فى ظل وجود إيران قبل سقوط بشار وتحييد ضرب حزب الله فى لبنان وبالتالى فإن واشنطن وتل أبيب عازمتان على تصفية خصوم إسرائيل، وبالتالى فإن المخطط الأمريكى الصهيونى لا يسعى فقط لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين ولكن أيضا السيطرة الكاملة على الشرق الأوسط وتحقيق أهداف المخطط.
وتساؤلات كثيرة فارقة وحاسمة إلى أين تنتهى الحرب الصهيو ــ أمريكية ــ الإيرانية ولصالح من؟ وإذا حسم الأمر لصالح أمريكا وإسرائيل فما هى الخطوة التالية لواشنطن وتل أبيب؟ وماذا لو نجحت إيران فى الصمود والرد والردع لإسرائيل بما يجبرها على الخضوع وإلحاق أضرار وخسائر بالغة بداخلها؟
تساؤلات كثيرة لكن بطبيعة الحال أن مصر حذرت من خطورة التصعيد المتنامى وتدمير الأمن والاستقرار بالمنطقة وخطورة ومغبة سقوط دول المنطقة دولة تلو الأخرى، وفى مصلحة من كل ذلك؟ لذلك مصر دائمًا تؤكد خطورة الحلول العسكرية لأنها تؤدى إلى مزيد من المعاناة وعدم الاستقرار والإرهاب والفوضى وأن الحلول السياسية هى أفضل طريق إلى السلام وتجنيب المنطقة تداعيات خطيرة، والأخطر من ذلك هو توالى استهداف دول المنطقة، وإسقاطها وإضعافها، لصالح إسرائيل فى عصر البلطجة والعربدة، وغياب القوانين الدولية وعجز المجتمع الدولى لذلك فإن التسلح بالقوة والقدرة والردع واليقظة والحكمة هو طوق النجاة، فالقادم صعب وقاسٍ على الجميع، فالعدو مصاب بحالة من السعار، تستوجب ايقافه ورده.