وعلى ضفاف النيل الخالد.. وعلى أصوات أغنيات شعبية تأتى من مراكب بمختلف الأنواع تبحر فى مياه النيل.. جلسنا.. جلسنا مجموعة من المصريين والسعوديين.. جلسنا فى حديث يمتد إلى حديث.. وفى حوار تجاوز كل الأسوار.. وفى محبة كانت هى روح الحوار.. وفى ضحكات كانت تعلو وتعلو عندما يمتد الحوار إلى حديث عن خفة دم متبادلة أصبحت سائدة فى حوار «الطعمية».. و«الكبسة» وهو الحوار الذى بدأ كروياً بين جماهير كرة القدم وامتد إلى منطلقات اجتماعية وسياسية بين رواد السوشيال ميديا.
وأخواننا فى السعودية يحلو لهم التندر بالطعمية فى اشارة لأهل مصر، وظرفاء مصر يحلو لهم أيضاً أن يشيروا إلى أهاليهم وإخوانهم فى السعودية «بالكبسة» وهى أيضاً مثل الطعمية احدى الأكلات الشعبية التى ترتبط بالشعب السعودى الشقيق.
والطعمية والكبسة إيد واحدة دائماً.. وأى حديث آخر غير ذلك لا قيمة له ولا معني.. والسعودى لا يجد سعادته واطمئنانه وأجواء المحبة تحيط به كما يلمس ذلك فى مصر.. وحيث الجملة التقليدية للمصريين البسطاء فى التعبير عن ترحيبهم.. أنتم من أرض الرسول.. نورتم مصر. والمصرى فى السعودية هو صاحب بلد.. هو جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعى للسعودية.. هو فى البيوت.. فى المتاجر.. فى كل مواقع العمل يمثل النكهة الخاصة التى يعشقها الشعب السعودى الشقيق ويرحب بها دائماً.
وإذا كانت علاقة الشعبين هى الانصهار الكامل والحب الجارف والترابط فوق أرض النيل وأرض الحرمين فإن العلاقات الاستراتيجية للتعاون بين البلدين على كل المستويات وفى كل المجالات هى علاقات أزلية لا تخدم مصالح البلدين فقط بقدر ما هى الضمان والأساس والركيزة لأمن واستقرار المنطقة كلها.. ومن لا يدرك ذلك لا يمكن أن يكون مخلصاً لقضايا العرب ولا حريصاً على مستقبل العروبة.
وحين نكتب فى هذا الصدد نكتب عن قناعة بأن القاهرة والرياض يمثلان حائط الصد.. والقاهرة والرياض شركاء فى مرحلة بالغة الدقة.. والقاهرة والرياض فوق كل حوارات العبث.. وفوق كل محاولات تشويه المواقف.. القاهرة والرياض معاً وإلى الأبد.
>>>
ويأتى البعض من بعيد يعتقدون أن فى مقدورهم المزايدة على مواقف مصر تجاه قضية الأشقاء فى فلسطين.. ويأتى البعض من بعيد باعتقاد طفولى مؤداه أن تنظيم قافلة شعبية تمر عبر عدة دول ومتجهة إلى غزة يمثل كما يقولون «لحظة تاريخية فارقة فى مصير فلسطين والأمة العربية»..!
والحديث على هذا النحو هو متاجرة بقضية شعب.. ومزايدة على مواقف دول أخرى وانتهاك لسيادتها وحرمة أراضيها.. الحديث على هذا النحو هو نوع من العبث والرقص فوق أجساد الضحايا والشهداء فى غزة.. الحديث عن مسيرة تمثل اللحظة التاريخية الموعودة هو نوع من التهريج الذى لا يستحق فى أحيان كثيرة التعليق.
>>>
ولن ننسى دم الأبطال فى سيناء.. لن ننسى أن القضية قضيتنا وأننا من يتصدى ويدافع ويحارب.. وبلدى يا بلدي.. وأيام بتجرى بينا.. ولا يوم أبداً نسينا دم الأبطال فى بلدى «أرض الفيروز فى بلدي» معروف للكون مقامك فى حروبك وفى سلامك، وابنك لو مات عشانك بيموت فرحان يا بلدي.. وبلدى يا بلدى ياما شفتى كثير يا بلدي، كله بيروح لحاله واللى بيتبقى بلدي.
>>>
وضربوا إيران.. واغتالوا قادتها وعلمائها.. والولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك تقول أنها لم تشارك إسرائيل فى ضرب إيران..!!! أمريكا التى طلبت من رعاياها مغادرة المنطقة قبل الهجوم الإسرائيلي.. وأمريكا التى زودت إسرائيل بالطائرات التى نفذت الهجوم وبالمعلومات الاستخباراتية تقول أنها لم تشارك فى الهجوم «بشكل مباشر»..!!
أكيد كانوا بيستعدوا لبطولة العالم للأندية..!
>>>
ولأننا لم نعد نجد ما نقوله فى صراعات الدنيا وفى الظلم الذى يسود العالم.. مع أصوات المدافع التى لم تعد تعرف الصمت فإننا أصبحنا نعيش الحياة بقلوب ترتجف وعقول تحجرت.. وتمر بنا الحياة ما بين حلم وأمنية.. ولن يحدث إلا ما كتب الله لنا.. فقد تعلم العيون وتتمنى القلوب.. ولا ننتظر بعد ذلك إلا رب كريم يلطف بالعالم ويضع حداً لغرور الأقوياء ويرسل اشارة رحمة للضعفاء بأن الأمل مازال موجوداً.
>>>
ونعود للوراء.. لأيام الإبداع فى الكلمات والمعانى والخيال والمشاعر والموسيقي.. والشاعر عبدالوهاب محمد فى عام 1993 عندما كتب.. وللموسيقار سيد مكاوى عندما قام بالتلحين.. ولأصالة عندما تعرف عليها الجمهور بعد أن شدت بيازينة الدنيا لينا يا أغلى من الروح والعيون، بنقولكم من قلبنا لو كنا ورد انتوا الغصون، لو كنا ليل انتوا الصباح، لو كنا طير انتوا الجناح وأنتم عوضنا عن اللى راح وعن اللى مش ممكن يكون. لو تعرفوا بنحبكم ونعزكم كده قد إيه، لا تقدروا حتى التراب اللى بنمشيلكم عليه.
وكفاية فى الأغنية كلها هذه العبارة.. لو تعرفوا بنحبكم ونعزكم كده إيه.. لا تقدروا حتى التراب اللى بنمشيلكم عليه..!! ياه فين اللى نحبهم ونعزهم بالشكل ده..!
>> وأخيراً:
>> كى لا تموت مرتين لا تعود لمن خذلك.
>> وأن يفهمك أحدهم أعظم من أن يحبك
>> وللذكريات تجاعيد تماماً كالسنين، لكنها تسكن الأرواح لا الوجوه
>> وبعض الناس مهما أخذت منهم الحياة أغنياء وبعض الناس مهما أخذوا من الحياة فقراء