تناولنا فى المقال السابق أن العالم أصبح اليوم فى حاجة ماسة إلى طرق بديلة وموارد جديدة فى تمويل اقتصاداته وتأمين طاقته، وأنه فى الآونة الأخيرة ظهرت مجموعة من الاقتصادات المميزة بألوان، فيما كل لون منها يرمز إلى قطاع معين، ومنها الاقتصاد الأصفر الذى يعتبر أحد الحلول المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة، ويشتق منه الأصفر الفاقع، والذى يمثل اقتصاد المعرفة، المعتمد على استخدام التكنولوجيا والابتكار، كما أنه قد تم النظر إلى الطاقات المتجددة التى منها الطاقة الشمسية إنها أفضل الطاقات التى تساهم فى حيادية المناخ، وتحقيق الدفع لعملية الانتاج.
من هذا المنطلق نجد أن جهود مصر قد تعاظمت فى الفترة الأخيرة عبر مجموعة من الدلائل والمؤشرات تؤكد عمق النظرة الاستراتيجية للقيادة السياسية نحو تعظيم مساهمة الاقتصاد الأصفر فى عملية التنمية، حيث تم اطلاق الأطلس الشمسى وتوفير التمويل عبر برنامج نوفى الذى أطلق عام 2022 لتشغيل محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقدرة 10 ميجاوات، وتم استثمار أكثر من 2.2 مليار دولار لصالح مشروعات الطاقة الشمسية، كذلك تم تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار فى الطاقة المتجددة عبر مجموعة من المزايا سواء كانت جمركية، أو من خلال الاتاحة الأراضى لصالح هيئة الطاقة المتجددة لاقامة مشروعات خاصة بالطاقة الشمسية.ويبقى الهدف الأساسى بمشروع نظم الخلايا الشمسية الذى نعتبره أمرا يتعلق بالأمن القومى الاقتصادى ، والمرتبط بضرورة تعظيم مشروع انتاج السيليكون وتعزيز الشراكة مع المنظمات الدولية العاملة فى هذا المجال وهو ما تم على أرض الواقع سواء مع البنك الأوروبى لاعادة الاعمار، او منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، او بعض التحالفات المتقدمة مثل التحالف الهندى للطاقة الشمسية ،والصينى للطاقة المتجددة .وفى هذا الاطار فإن التوجهات السياسية الرشيدة تستند على اعتبار اقتصاد المعرفة خطوة مهمة للنظام الاقتصادى الحديث، والذى ينظم العلاقات الاقتصادية بطريقة تفضل انتاج المعرفة، وتوسيع نطاق استخداماتها، لهذا تزداد أهمية المعرفة كمصدر للثروة على جميع مستويات الاقتصاد. مع أهميتها كخطوة للانتقال من المجتمع الصناعى إلى المجتمع القائم على المعرفة، والادراك الجمعى بأن الابتكار أصبح التحدى الحاسم للقدرة التنافسية العالمية.. وكذلك ضرورة أن تحتوى الرؤية على الاستثمار فى جهود البحث والتطوير. وتخصيص الموارد لاستكشاف التقنيات والمنتجات والخدمات الجديدة. ويجب ألا نغفل ضرورة التعاون مع الشركات الناشئة والشركاء الخارجيين، والتى ستغير حتماً قواعد اللعبة بالنسبة للدولة المصرية التى تتطلع إلى الابتكار والحفاظ على ميزتها التنافسية. ما نؤكد عليه أن مصر سوف تصبح قريباً واحدة من الدول الرائدة فى مجال الطاقة الشمسية، شريطة اقتران الاقتصاد الأصفر بالشفرة الوراثية للاقتصاد الأصفر الفاقع ،وأن المعرفة، مثل DNA، هى «الوراثة» التى تحدد طبيعة وتوجه الاقتصاد،مما يدفع بالاقتصاد للأمام، واتاحة البحث عن آفاق وفرص كبرى.