يقول الله تعالى «انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون» والمعنى الواضح الجلى هو أنه رغم كل هذه الآيات الربانية والبراهين الكونية والدلائل البشرية إلا أنهم ينصرفون دوما عن الحق ويصرفون الناس عنه، هنا يكون الرد الإلهى المزلزل لكل المكذبين بآياته «قاتلهم الله أنى يؤفكون».
كنت أتنزه بين صفحات القرآن استنشق عبير آياته، وأتلذذ ببديع تبيانه، وقفت كثيرا عند مفردة «يؤفك» ومشتقاتها فوجدتها وردت فى قرابة سبعة عشر موقعا فى كتاب الله، ورغم اختلاف السياقات القرآنية وأسباب ومسببات النزول وكذلك تباين التفاسير.
إلا أن المعنى يبقى موضع اتفاق بين الجميع، فالأفاك هو الذى يصنع الأكاذيب ويروجها بين الناس التزاما بتوجيهات شيطانه الرجيم ونوازع نفسه المريضة، قرأت كل الآيات التى وردت فيها تلك المفردة ومشتقاتها، فوجدتها معا تكوَّن سياقا فكريا فلسفيا فضفاضا يسمح بتجول العقول لاستخلاص العبرة والعظة، ولأننى لا أسبح فى خيالات الهموم ولا أتلذذ بأحلام المدينة الفاضلة ولا يروق لى الانفصال عن الواقع المعاش، فأسعى دائما إلى ربط تلك السياقات بالواقع وعمل الإسقاط الضرورى والربط غير المخل والذى يمكن أن نخرج منه بشئ ما يغير من واقع الناس.
>>>>
وتغيير واقع الناس لا يتحقق بالتمنيات ولا بالكلمات ولكن بالعمل، والعمل يحتاج بيئة صالحة، تلك البيئة لن نجدها فى السوبر ماركت وإنما تصنعها أيادينا، ولن نتمكن من صناعة شئ – أى شئ – إلا إذا تسلحنا بالوعى والفهم والمعرفة، بيد أننى أسهبت كثيرا فيما كتبت، لكن من الضرورة أن نفكر ونتسلح بثوابت فكرية، بعدما سرحت بخيالى فى الواقع ومنمنماته، وجدت أناساً كثيرين يكذبون على الله وعلى أنفسهم بكذبهم على الناس، وجدت الإخوان وكل تنظيمات الإسلام السياسى دون استثناء يتاجرون بالدين والوطن فى بورصة يديرها الشياطين على رؤوس الأشهاد.
>>>>
هنا تيقنت للمعنى الحقيقى المقصود من كلمات
«الإفك / أفاك / يؤفكون / يؤفك» فويل لهم جميعا مما يؤفكون، لقد تابعنا الإخوان وكافة ارازلهم وهم يمارسون رذيلة الإفك، يكذبون كما يتنفسون، يبيعون دينهم على قارعة مصالحهم، وجدناهم يختلطون ويمتزجون مع أعداء الأمة من الصهاينة فى كراهية الدولة المصرية، وجدناهم يزايدون على مواقف دولتنا الوطنية فى كل محفل يتواجدون فيه، وكانت فلسطين هناك حاضرة فى كل مناسباتهم، لكن حضورها بين الإخوان غير حضورها بين الوطنيين فى مصر.
>>>>
الإخوان يستحضرون فلسطين للمتاجرة والمزايدة فقط، أنهم يفعلون كما فعل الأمويون فيرفعون قميص عثمان زورا وبهتانا إشعالا للفتنة وبحثا عن الإمارة واللعب على أوتار القلوب، الإخوان يتلاعبون بمشاعر الناس مدغدغين مشاعرهم بفلسطين، لكن احدا منهم لم نره بعيدا عن شاشة هاتفه أو حاسوبه الذى يجاهد من خلفه مغردا بسمومه الناقعة، لم نجد منهم من ضحى بنفسه أو ماله أو ولده، لكنهم قدموا وضحوا بغيرهم وهم جالسون على شواطئ إسطنبول يتسكعون.
>>>>
اليوم يخوضون محاولة جديدة للمزايدة على مصر من خلال مسيرات ومظاهرات عابرة للحدود لا تستهدف إلا المزايدة على مواقف الدولة المصرية.









