الاحتلال يضرب بالقانون الدولى عرض الحائط
فى أحد مشاهد فيلم الزوجة الثانية بطولة العملاق صلاح منصور، وسندريلا السينما المصرية سعاد حسنى، يقول فانوس أفندى للعمدة.. فى وصلة نفاق «يا سلام على الإنسانية يا سلام ع الحنية»، تذكرون هذه العبارة، وظهر هذا المشهد أمامى وأنا أقرأ تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن الحرب الروسيةــ الأوكرانية وأنه يسعى لإنهاء هذه الحرب من أجل إيقاف سقوط قتلى من الأطفال الأوكران وسقوط 5 آلاف من الجنود أسبوعيًا وهو أمر رق أمامه قلب السيد دونالد ترامب، والسؤال المهم ماذا عن أطفال غزة، وماذا عن موقف القطاع بالنسبة لقلب ترامب ألم ير المشاهد المأساوية والأوضاع الإنسانية الكارثية التى يعيشها الفلسطينون، وحرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلى المدعوم بلا حدود من الولايات المتحدة الأمريكية بكافة أشكال الدعم العسكرى من أسلحة وذخائر وقنابل فتاكة وقوات، واستخبارات ودعم سياسى ودبلوماسى وقانونى، ومبادرات لإجهاض أى جهود لوقف العدوان الإسرائيلى، تلبية لرغبات نتنياهو المريضة، ودعمًا لأوهامه واشباعًا لغزيرة مصاصى الدماء.
عبارة أو تصريح الرئيس ترامب عن ضرورة إيقاف الحرب الروسية ــ الأوكرانية حرصًا على أرواح الأطفال الذين يسقطون قتلى تكشف عمق الازدواجية والكيل بمكيالين فى السياسات والمواقف الأمريكية وهو ما تسبب فى أزمات وكوارث ومشاكل خطيرة وافقد المصداقية فى النظام العالمى القائم الذى تقوده الولايات المتحدة بسبب التناقض الشديد فى المواقف الأمريكية واختلالها رغم تطابق المعطيات أو وجود التشابه الكامل لكن واشنطن ترى العدل والإنسانية طبقًا للهوى والمزاج والمصالح الأمريكية، ولا تراه عندما يتعلق الأمر بدولة الاحتلال الصهيونى التى تضرب بالقانون الدولى عرض الحائط وكأنها دول فوق القانون الدولى والإنسانى ولا تخضع لمواثيق الأمم المتحدة ولا تسرى عليها ما يسرى على دول العالم.
الولايات المتحدة التى تسعى أو تزعم الرغبة فى إيقاف الحرب الروسية ــ الأوكرانية رحمة بأرواح الأطفال الذين يسقطون قتلى جراء العمليات العسكرية، غاب عنها أن عدد الأطفال الذين استشهدوا فى غزة وصل إلى ما يقرب من 19 ألف طفل وأكثر من 14 ألف امرأة ناهيك عن أطفال مفقودين تحت الانقاض، وآخرين ينتظرون الموت جوعًا أو بسبب غياب كامل للرعاية الصحية، بسبب الحصار الإسرائيلى الخانق، واستهداف مباشر ومقصود وممنهج للمستشفيات فى القطاع، وعدم السماح بدخول الوقود والأدوية، ناهيك عن أكثر من 290 طفلاً سقطوا خلال العدوان على الضفة الغربية، قولاً واحدًا لا ريب فيه أن السيد ترامب قادر على أن يلجم فاشية مصاصى الدماء نتنياهو وأعوانه من «الزومبى» فى الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، بعض الآراء أو الكثير منها تؤكد أن الولايات المتحدة التى تتحدث عن الرحمة والإنسانية بأطفال أوكرانيا هى شريك مباشر لإسرائيل فى حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى، والحقيقة أن هذا الرأى يجد ما يدعمه على أرض الواقع، فمنذ أيام حاول مجلس الأمن اتخاذ قرار لإيقاف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والشعب الفلسطينى لكن لم يكن غريبًا أو مفاجئًا «الفيتو» الأمريكى أجهض القرار، لتستمر حرب الإبادة والتطهير العرقى الصهيونية ضد الشعب الفلسطينى، فعن أى إنسانية أو رحمة يتحدث السيد ترامب، والأمريكان متورطون فى إبادة الشعب الفلسطينى ومحاولة اغتصاب حقوقه، فلم يتوقف الدعم الشامل لإسرائيل من السلاح والمال والدعم السياسى والدبلوماسى، ولكن ممارسة الغطرسة والابتزاز فى محاولات إجبار مصر والأردن على استقبال الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة فى سيناء والأردن ولم يكن ذلك فى الكواليس أو حتى على استحياء ولكن بمنتهى الخرق لكل المواثيق والمبادىء والقوانين والعدالة والإنسانية، فلا أدرى أين الإنسانية فى إجبار شعب على ترك أرضه ووطنه والتنازل عن حقوقه المشروعة من أجل تمكين المحتل ومغتصب الأرض وهو الكيان السرطانى الصهيونى، فهل هذا هو العدل والإنسانية الذى يتحدث عنهما السيد ترامب.
الولايات المتحدة تغضب وتُنزل أشد العقاب بكل من يعارض إسرائيل ويدين جرائمها أو يطبق مبادىء القانون أو حتى ينظاهر ويحتج، تعاطفًا مع مأساة الفلسطينيين، وإبادة الأطفال والنساء والحصار والتجويع والتدمير لغزة التى لم يتبق منها شىء ولا ترى فيها إلا أطلالاً وركامًا واشلاء، لذلك فإن واشنطن اتخذت عقوبات ضد المحكمة الجنائية الدولية لانها قررت تطبيق القانون وتصنيف نتنياهو ووزير دفاعه السابق كمجرمى حرب والحقيقة أنهما تجاوزا هذا التوصيف.
كارثة الولايات المتحدة أنها فقدت أدنى درجات المصداقية لدى المجتمع الدولى ولم يعد أمامها سوى استخدام الغطرسة والتهديد والوعيد لكن ليس كل الطير يؤكل لحمه، هناك دول عصية لحمها مر لا تخضع ولا تركع إلا لربها وفى مقدمتها مصر العظيمة التى امتلكت القدرة والشجاعة والثقة فى الرفض الحاسم والقاطع لمطالب واشنطن التى تتعارض مع السيادة والثوابت والمبادىء والمواقف المصرية لأن القاهرة ترى أن العدالة والمساواة غائبة عن الخطاب الأمريكى، ولطالما حذرت مصر من تنفيذ سياسات ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، وأن واشنطن هى السبب الرئيسى فى تمادى إسرائيل فى تصعيد عدوانها على غزة وأيضا توسيع رقعة الصراع وأنها باتت خطرًا حقيقيًا على الأمن الإقليمى، وتهديدًا مباشراً للأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة وأن ما تقوم به من محاولة لتهجير الفلسطينيين ودفعهم إلى الحدود المصرية، هو أمر قد يشعل الحرب الشاملة فى المنطقة والشرق الأوسط.. خاصة أن أرض وأمن مصر القومى خط أحمر، لذلك فإن الولايات المتحدة عليها أن تتوقف عن دعم وتشجيع إسرائيل على التصعيد والولايات المتحدة فى يدها مفاتيح إيقاف العدوان الإسرائيلى الوحشى على غزة لكن من الواضح بالفعل أن هناك تلاقيًا فى الأهداف والاطماع والمصالح، وأن غزة واخلاءها من الفلسطينيين هدف صهيو ــ أمريكى لذلك ليس غريبًا أن تنفذ جرائم الإبادة وقتل آلاف الأطفال بدم بارد، لذلك تعاطف ترامب مع أطفال أوكرانيا ومطالبته بوقف الحرب نحن نؤيدها ونتمناها ولكننا نرفض أزدواجية المعايير والتناقض وعدم المساواة بين أطفال أوكرانيا وأطفال فلسطين، وكأن ترامب يقول حلال القتل الإسرائيلى لأطفال فلسطين وحرام قتل الأطفال الأوكران أو الروس.