.. حين جاء الدين الخاتم «الإسلام» تم تأسيس بنيانه على خمس قواعد أوردها الحديث الشريف.. «بُنى الإسلام على خمس.. الحديث» ومن هذه القواعد الخمس.. «إيتاء الزكاة» التى أوجبت آيات القرآن الكريم فريضتها على المسلم بأن يخرج من ماله نسبة محددة سواء كانت هذه الأموال ذهباً أو فضة زرعاً أو ثماراً عروض تجارة أو استثمارات فى أى المجالات.. لذا جاءت فريضة الزكاة فى الإسلام علاجاً ناجعاً لكثير من أمراض وأوجاع الأمة.. ولنا العظة والعبرة والقدوة فى المواقف الشريفة التى يملتئ تاريخنا الإسلامي.. ففى عهد الخليفة الراشد «الخامس» عمر بن عبدالعزيز كانت الزكاة تُجمع وتُوضع فى بيت مال المسلمين ثم يقوم أولو الأمر بصرف تلك الأموال المتحصلة فى مصارفها الشرعية التى نصت عليها الآية الكريمة فى سورة التوبة بنظام لا لبس فيه لا تأويل.. وفى إحدى السنوات لما جمعت أموال الزكاة فى عهد الخليفة «الزاهد الورع» أرادوا توزيعها على مستحقيها من فقراء المسلمين ولما انتهوا من مسألة التوزيع وجد أن هناك أموالاً ضخمة مازالت فى بيت المال.. فكانت الفكرة التالية بسداد ديون كل المتعسرين وسدت الديون عن أصحابها ومازال المال فائضاً فكان أن تم تنفيذ اقتراح بتزويج الشباب والفتيات من أموال الزكاة فى بيت مال المسلمين.. وبالفعل تم الأمر بتزويج شباب الأمة.. وأيضاً فاض المال.
.. نخرج من كل هذا إلى أن الشرع الحكيم حين أسس لفريضة الزكاة كان المقصد من وراء ذلك إشاعة لون من ألوان التعاون على البر والتقوى وبث روح المودة والمحبة بين أبناء الدين الواحد.. حيث إن الصدقة التى تُخرج من مال الغنى ليأخذها الفقير هى طُهرة لهذا المال مما قد يكون قد عَلق به من شوائب.. من هنا فإن إحياء هذه الشعيرة الإسلامية وخاصة فى هذا العصر الذى يعانى فيه الكثير من ضيق ذات اليد سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات.. أو حتى على مستوى الدول.. سوف يؤدى بنا إلى خلق صورة قديمة جديدة من التعاون الايجابى داخل المجتمع بحيث تتم إدارة أموال الزكاة بصورة تجعل منها سبباً مباشراً فى إغناء الفقراء عن طريق ضخ هذه الأموال فى مشروعات تنموية تدر عائداً ينتفع به هؤلاء.. ومع استمرار هذه المشروعات ونموها الاقتصادى سيؤدى ذلك بطبيعة الحال إلى تناقص إعداد المحتاجين لأموال الزكاة حتى نصل إلى «تصفير» عداد الفقراء داخل المجتمعات المسلمة وبذا نكون قد «استنسخنا» تجربة الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبدالعزيز حيث لم يجد فى عهده فقيراً يصرف له من بيت مال المسلمين مال الزكاة الذى يستحقه.
.. الزكاة هى الفريضة «الحاضرة» فى نصوص الكتاب والسنة «الغائبة» الآن بين أغنياء المسلمين أفراداً ودولاً لماذا لا يتم التفكير بصورة جديدة فى الحث على أدائها عن طريق وضع الخطط من جانب المتخصصين من علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف بحيث تُحصَّل الأموال ويتم توجيهها إلى المصارف الإيجابية والتى تؤدى فى نهاية الأمر إلى القضاء على داء الفقر بين أبناء المجتمع المسلم وهذا ليس بالعسير إذا خلصت النوايا.
.. وكل عام أنتم بكل الخير بمناسبة عيد الأضحى المبارك.