هو الركن الخامس من أركان الإسلام وهو واجب على المسلم لمرة واحدة فى العمر لكل بالغ قادر ولمن استطاع إليه سبيلاً.. لذا فهو أمل يسعى إليه كل منا لما فيه من تقرب إلى الله زلفى وطمعاً فى مغفرته ولما فيه من روحانيات ما بعدها روحانية حيث الصفاء والنقاء وهذا ما يجعل غالبية القادرين على تكراره كنوع من التطوع سواء له أو لغيره ممن لقوا الله ولم يتمكنوا من أداء هذه الشعيرة فعن أبى هريرة قال إن النبى قال «يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا» فقال رجل من الصحابة «أيجب علينا كل عام يا رسول الله؟ فسكت النبى فأعاد سؤاله مرتين فقال النبى «لو قلت نعم لوجبت».
وسؤال الصحابى يعنى أن البعض يطمح فى كرم الله وعفوه لما فى هذه الشعيرة أفضال عديدة.. يقول رسولنا الكريم تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة».. ثم قال «حج مبرور» ما لم يرفث ولم يفسق يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.. تأكيداً عما ورد فى صحيح مسلم عن عائشة أم المؤمنين «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة» لأن الحج عرفة.. فطوبى لضيوف الرحمن الذى وقفوا على جبل عرفات أمس ورفعوا أكف الضراعة طمعاً فى أن يغفر الله لهم ذنوبهم ويتقبل منهم صالح الأعمال.
ولأن تلك الفريضة الخامسة أمل كل مسلم فقد حرصت ثانى عام من عملى كصحفى بجريدة الراية القطرية على أداء هذه الفريضة كانت بالنسبة لى الأولى غير مكتف بالعمرة التى أديتها أول عام حطت فيه قدماى دولة قطر وكلفتنى 500 ريال قطرى لا غير ولأنى استمتعت أيما استمتاع برؤية بيت الله الحرام فى مكة المكرمة وزيارة المسجد النبوى فى المدينة المنورة قررت أداء مناسك الحج وقد كان حيث قمت بالتعاقد مع إحدى حملات الحج والعمرة ودفعت وقتها 3500 ريال وكان ذلك عام 1995 أى ما يعادل 3200 جنيه حيث كان الريال بتسعين قرشاً مصرياً والاتفاق كان يشمل تذكرة الطيران من الدوحة إلى جدة ومنها إلى مكة والإقامة بأكبر الفنادق المجاورة بمكة مباشرة والعودة إلى الدوحة ثانية وكانت الرحلة الإيمانية مدتها ستة أيام بما يشبه الحج السريع ورغم الحجز فى الفندق إلا أننى فضلت بالاتفاق مع صاحب الحملة بالطبع الإقامة مع شقيقتى المدرسة رحمها الله فى شقتها مع زوجها الراحل وأولادها بإحدى الشوارع المؤدية إلى الحرم المكى، فهى فرصة لأن تؤدى جميعا الفريضة كأهل وأقارب حيث كان الاتفاق مع شقيقين لى أحدهما مقيم فى الرياض ويعمل مهندساً وآخر يقيم فى جدة ويعمل محاسباً على الحج جماعة بعد التجمع لدى شقيقتى المقيمة فى مكة منذ سنوات طويلة.
صراحة كانت رحلة جميلة اجتمعت فيها كل عوامل الراحة النفسية والإيمانية والدفء العائلى.. مازلت أتذكر أيامها الجميلة متمنياً تكرارها ولكن ليس كل ما يتمناه المرء مجاب فقد رحل من رحل عن عالمنا وقد غادر من غادر سواء إلى موطنه أولى إلى أمريكا لأخذ الجنسية الأمريكية فهذا هو حال الدنيا ولكنها تجربة جميلة أتمنى أن يعمل بها أو يحرص عليها الأبناء والأحفاد أو حتى الأصدقاء المهم بعد انتهاء الفريضة ذهبت إلى مكان إقامة الحملة القطرية للعودة ثانية إلى الدوحة.
الحقيقة رغم مرور كل هذه السنوات على أداء فريضة الحج إلا أن حلم الأداء ثانية مازال يراودنى متمنياً من الله تحقيق هذه الرغبة الإيمانية وتمكينى منها وإن كنت قد أديت العمرة للمرة الثانية عام 2018 عن طريق جريدتى الغراء الجمهورية حيث أدين لها بالفضل فى ذلك خاصة الكاتب الصحفى عبدالرازق توفيق رئيس التحرير السابق الذى رشحنى مع أولياء أمور أوائل طلاب الثانوية العامة لأداء العمرة إكراماً لابنى الكبير محمد لم ولن أنساها طيلة حياتى وإن كانت لن تغنينى عن فقدان ابنى رحمه الله وأسكنه فسيح جناته رغم أنها كانت رحلة إيمانية شرفت بها بصحبة بعض زملائى بالمؤسسة الذين تم ترشيحهم لتلك الرحلة المقدسة إلى أطهر بقاع الأرض قاطبة.
هنيئاً لمن كتب الله له الحج وهنيئاً لمن تقبل منه فالحج جنة لمن تعمق فى قلبه حب الله هنيئاً لمن حالفه الحظ ليحظى بهذا المحفل الربانى حيث يتجلى سبحانه لعبادة ان قبضهم خلالها ادخلهم الجنة وإن ردهم إلى ديارهم ردهم بأجر وغنيمة ومغفرة لذنوبه ولو كانت كزبد البحر شريطة أن نحرص على عدم العودة إلى ارتكاب المعاصى ثانية كبرت أم صغرت وكى يظل الثوب الأبيض كالقلب كما هو نقياً زاهداً الدنيا وما بها من مفاتن لأنها لا تساوى قطرة فيما ننتظره فى الآخرة.. اللهم تقبل من حاج وقف ببابك راجياً مستغفراً طامعاً فى كرمك ولبيك اللهم لبيك إليك عدنا وعلى عرفات التقينا وأمام الكعبة ذرفنا الدمع وبكينا وتبنا وأنبنا يا أرحم الراحمين.
وأخيراً:
> الحج ليس بالتكرار وإنما بالنية الخالصة والتوبة النصوح.
> اليوم عيد الأضحى المبارك.. أعاده الله علينا جميعا باليمن والبركات.
> ما حدث فى الاسكندرية وبعض المحافظات الساحلية قبل أيام لا يصدقه عقل.. فلا نحن فى الشتاء ولا كانت هناك مقدمات.. ولكنها إرادة الله والحمد لله سبحانه أن مرت بسلام دون خسائر بشرية.. اللهم لطفك بعبدك.
> أتمنى بحق هذه الأيام المفترجة أن تكلل المساعى بالنجاح فى وقف أبشع مشاهد المذابح فى تاريخ البشرية بحق أهالينا العزل فى قطاع غزة.
> وأتمنى أن تتاح الفرصة لأهالينا للإحساس بفرحة العيد مثل بقية خلق الله!!