قدم لنا مراد فلفريد هوفمان .. سفير ألمانيا الأسبق فى الجزائر وتركيا والمغرب .. كتابه الطريق إلى مكة .. أعظم ما كتب عن الحج .. عقب الانتهاء من أداء فريضة الحج .. ولمن لا يعرف مراد فلفريد هوفمان .. فقد أعلن اعتناقه الإسلام عام 1980 وهو حاصل على الماجستير فى القانون من جامعة هارفارد .. والدكتوراة من جامعة ميونخ.. ثم تولى مناصب سفير ألمانيا وتركيا والمغرب .. ألف كتاب « يوميات ألمانى مسلم « .. قامت ألمانيا بطباعته وتوزيعه على جميع سفاراتها بالدول الإسلامية .. استمر فى منصبه كسفير لألمانيا فى المغرب وهو مسلم .. تقبلت ألمانيا إسلامه بكل ترحاب .. إلى ان أصدر كتابه « الإسلام كبديل « فى عام 1993 كبديل للنظام الغربى .. هنا تم تخييره بين الإسلام أو عمل إدارى بوزارة الخارجية الالمانية .. رفضت ألمانيا ان يكون سفيرها .. داعية إسلامى يدعو للإسلام .. واختار هوفمان العمل الادارى .. ثم استقال ليلتحق بالعمل بالمركز الإسلامى السعودى بألمانيا.. ويصبح احد ائمة المركز .. ينظم رحلات حج .. ويقف على عرفات داعيا .. والجميع يردد خلفه «آمين» يقول هوفمان .. انه كان قبل دخوله الاسلام فى زمن الظلام .. كما اطلق عليه .. كان خبيرا فى تناول الخمور ويستطيع بطرف لسانه تحديد نوع العنب المصنوع منه وطريقة تخميره .. وكان يختار طعامه بما يتناسب مع نوع النبيذ الذى سيتناوله.. ويطلب من المطعم الذى سيذهب للعشاء فيه .. فتح زجاجة النبيذ على الفور.. لأكثر وقت ممكن حتى يتأكسد النبيذ بدرجة كافية.. ويقول هوفمان .. انه أنهى ذلك من حياته إلى الابد.. وأنه استبدل زجاجة النبيذ الاحمر .. بسجادة الصلاة التى لا تفارق حقيبته.. ويقول أنه أصبح حريصاً على صلاة الجماعة فى مسجد لا لا « السيدة سكينة « بالرباط .. خاصة صلاة الجمعة .. مؤكدا انه يرى فى صلاة العيد .. قمة الديمقراطية .. حيث يسجد الملك على الأرض جنبا إلى جنب مع جميع المسلمين .. وفى عام 1985 ذهب إلى سان فرانسيسكو .. للمشاركة فى إحدى المؤتمرات .. وذهب للصلاة فى المركز الإسلامى .. وجدهم يبدأون بالإقامة .. ثم الأذان فقال لهم .. إنه وجد فى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الأذان أولا .. ثم الإقامة .. فانتبهوا لذلك .. وقدموه إماما .. احتراما وتقديرا .. لعلمه فى الدين .. وعندما سألته مذيعة التليفزيون عن سر إسلامه .. قال : إن دخوله الإسلام .. جاء عن طريق نور ألقاه الله فى صدره .. واضاف انه وجد الإجابة من خلال سورة النجم : « ألا تزر وازرة وزر أخرى « فهى تنفى وراثة الخطيئة .. كما تستبعد تدخل الفرد بين الانسان وربه وتحمل الوزر عنه.. وهو ما يعنى تحرر المسلم من جميع قيود اشكال السلطة الدينية .. هذه المقدمة أجدها ضرورية قبل ان نغوص فى كل ما جاء فى كتاب هوفمان الذى أصبح اسمه مراد بعد اسلامه.. يقول: صارت الصلاة لى عنصر تنظيم لحياتى .. لا أرغب العيش فى بلد لا اسمع فيه الأذان .. كما كان فى المغرب وتركيا .. جاءت رحلة الحج عام 1992 البداية أمام مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم .. حيث انطلقنا من جده للمدينة .. يقول: ان الوجود هنا .. حيث عاش الرسول صلى الله عليه وسلم .. اهتزت مشاعرى من الأعماق .. حتى اجهشت ببكاء حار .. وفى اليوم التالى ارتديت ملابس الإحرام .. لأداء الحج .. شاهدت الجميع يرتدى نفس الثياب .. الأغنياء والفقراء .. الأقوياء والضعفاء .. الكبار والصغار .. فلا مجال لتميز أحد على آخر .. إن ملابس الإحرام ترمز الى تساوى البشر أمام الله .. وايضا إلى يوم القيامة .. واخذ يردد وهو يطوف حول الكعبة .. اللهم اجعل الحق يقر فى نفسى .. واجعل الحق حقيقتى الشخصية .. وقال إن روحانية الطواف .. هى الحافظ لهذا التدفق الهائل .. وهذا حاج سعيد يطوف بعكازين .. يمنعه كبرياؤه وربما فقره من ان يحمله احد أو يدفعه على كرسى متحرك .. ويقول مراد هوفمان .. فى يوم عرفة .. لا شئ اطلاقا سوى مناجاة الله سبحانه .. بكل هذا الصفاء الداخلى الباهر .. وفى ثانى ايام العيد لبيت دعوة ملك السعودية .. فهد بن عبدالعزيز .. للغداء .. ضمن 150 حاجا من مختلف انحاء العالم .. جلس بجوارى الكاتب انيس منصور.. أقول : هذه روحانيات المانى مسلم عن الحج .. كما عاشها بقلبه وعيونه .. اللهم اكتب لنا حجة لبيتك الحرام .. وانصر أهل غزة على اليهود الملاعيين .. وارحم والدينا وجميع أمواتنا .. وكل عام وأنتم بخير .