كأنها «برقيات عاجلة».. إن شاءالله سبحانه وتعالى «غداً» عيد الأضحى المبارك.. واليوم عرفة.. اليوم عرفات الله.. هنا مهوى الأفئدة.. هنا تسكب العبرات.. هنا المشهد المهيب.. ورد فى أحد الأحاديث النبوية الشريفة التى رواها الصحابة رضى الله سبحانه وتعالى عنهم.. أن رسول الله حبيبنا وسيدنا محمد الصادق المصدوق الذى لا ينطق عن الهوى.. صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: «ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة.. ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا فيباهى بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادى جاءونى شعثا غبرا ضاجين.. جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتى ولم يروا عقابي.. فلم يُرَ يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة».. وورد عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال أيضًا: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير».. اليوم عرفة.. اليوم فلسطين.
قبل أيام.. جاءتنى رسالة عبر الهاتف.. من هناك.. من أرض المحشر.. أرض الأقصي.. الأقصى المبارك.. أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى حبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .. جاءتنى رسالة من فلسطين.. انتابنى شعور «غير مسبوق» عندما عرفت من الرسالة الكتابية عبر «واتس آب» أنها قادمة من فلسطين.. من فلسطين وهى مرسلة لى بالتحديد.. ازداد «شعورى هذا» بعدما أكملت قراءة الرسالة وعرفت أن الذى بعث بها هى الإذاعية الفلسطينية اللامعة براء عماد وهى تريد تحديد موعد لإجراء حوار إذاعى معى عبر الهاتف عن القضية الفلسطينية لإذاعة «صوت فلسطين».. قالت لى الإذاعية الفلسطينية براء عماد إنها تقدم برنامجا فى إذاعة صوت فلسطين بعنوان «فلسطين قضيتي» تستضيف فيه الإعلاميين العرب الداعمين والمنتمين للقضية الفلسطينية ليتحدثوا عن كتاباتهم عن فلسطين ودعمهم لقضية العرب الأولي.
على الفور.. قلت للإذاعية الفلسطينية إن هذا شرف لى ولأى صحفى أو إعلامى عربى أن يتحدث إلى «صوت فلسطين».. خاصة فى هذه اللحظة التاريخية التى تمر خلالها القضية الفلسطينية بواحدة من أدق وأصعب مراحلها.. وتم الإتفاق على إجراء الحوار.. وفى الموعد المحدد تم الحوار والحمدلله.. كان من بين ما استوقفنى سواء خلال الرسالة التى أرسلت بها الإذاعية الفلسطينية براء عماد أو خلال تقديمها لى فى مقدمة الحوار أو حتى قبل إجراء الحوار.. كان من بين ما استوقفنى أن الإذاعية الفلسطينية لم تذكر اسم مصر إلا وقرنته بكلمة «العزيزة» أو مصر الحبيبة.. وأظن أن هذا الشعور هو شعور فلسطينى عام متأصل ومتجذر فى «العمق» الفلسطيني.. شعور له أسبابه ومسبباته وأسانيده «وحيثياته».. سبق لى أن تحدثت فى العديد من الحوارات واللقاءات الإذاعية والتليفزيونية المحلية والعربية من قبل.. لكنى لم يحدث أنى شعرت بما شعرت به خلال هذا الحوار الذى أجرته معى إذاعة صوت فلسطين.. إحساس يفوق الوصف.. ها هو «صوتي» يعبر إلى الأرض المباركة.. الأرض المقدسة.. أرض المسرى والقبلة الأولي.. يلامس آذان الأبطال الصابرين الصامدين المرابطين.. «صوتي» يعبر إلى فلسطين المحتلة عبر «صوت فلسطين».. إنه بالفعل شعور لا يوصف.
سألنى صديقى يوما.. لماذا كل كتاباتك ومقالاتك عن فلسطين؟!.. أجبته بأننى عندما أكتب عن فلسطين.. فلسطين الشعب والقضية فإننى أكتب عن مصر.. بل أكتب عن الأمة جميعها.. فلسطين هى الأمن وهى السلام.. هى الدرة وهى التاج.. هى الرمز وهى العنوان.. هى الرباط وهى الدعاء.. هى العدة وهى العتاد..هى الألف وهى الياء.. عندما أدافع عن فلسطين فأنا أقوم بعملية دفاع «مبكر» عن مصر وعن الأمة العربية أيضًا.. مشروع إسرائيل الكبير لن يقف عند غزة ولا الضفة الغربية.. ولن يقف عند فلسطين.. مشروع إسرائيل الكبير هو «المشروع القديم».. إسرائيل الكبري.. إن إسرائيل إذا أنجزت هدفها فى فلسطين.. وهذا لن يحدث بإذن الله سبحانه وتعالي.. إذا أنجزت إسرائيل هدفها فى فلسطين فإن خطرها سيهدد الجميع من الخليج إلى المحيط.. نعم عندما أكتب مدافعا عن فلسطين فإننى بالفعل أكتب دفاعا عن مصر وعن الأمة.
خلال الساعات القليلة الماضية كشفت إسرائيل عن أحدث مخططاتها الصهيونية التوسعية الإجرامية للوصول إلى مشروع «إسرائيل الكبري».. المخطط الجديد يحمل اسم «الحارس الجديد».. والهدف منه هو قيام سلطات الاحتلال بإجراءات جديدة لتأمين حدودها مع الدول المجاورة!!.. هذا المخطط الصهيونى أعلنت جانبًا كبيرًا من تفاصيله صحيفة «إسرائيل هيوم» وتناقلته عنها كثير من وسائل الإعلام العالمية.. «الحارس الجديد» وفقا لما قالته الصحيفة الإسرائيلية.. عبارة عن خطة تسعى من خلالها دولة الاحتلال لربط تأمين حدودها بعمليات الاستيطان والتعليم الدينى التلمودى والتجنيد العقائدى !!
تهدف الخطة أو المخطط الصهيونى إلى تعزيز المستوطنات القائمة وتوسيعها وكذلك إقامة مستوطنات جديدة فى مناطق نائية قرب الحدود الإسرائيلية مع دول الجوار إلى جانب إنشاء مدارس دينية تلمودية وكليات عسكرية وقرى طلابية ومزارع يعمل بها الشباب ..كل ذلك يتم إقامته فى المناطق الحدودية.. والهدف منه بناء «خط جديد» تعتبره «تل أبيب» أنه سيكون خط الدفاع الأول عن إسرائيل فى حال وقوع هجوم على دولة الاحتلال من أى دولة من دول الجوار.. فالمتواجدون فى هذه المدارس والكليات والمزارع والقرى والذين سيكونون مدربين تدريبًا خاصًا.. هؤلاء وفقا للخطة أو المخطط الصهيونى سيتعاملون مع أى هجوم على إسرائيل لحين وصول قوات الجيش!!
ووفقا لما ذكرته صحيفة «إسرائيل هيوم» أيضا فإن حكومة بنيامين نتنياهو اتخذت قبل أسابيع قرارا يصب فى اتجاه تنفيذ خطة أو مخطط «الحارس الجديد».. تضمن هذا القرار الموافقة على إقامة ما يسمى مراكز «الشبيبة المقاتلة» وعدد من الكليات العسكرية والمزارع والمدارس الدينية التلمودية.. وذلك فى عدد من المناطق الكائنة بالقرب من الحدود التى تفصل إسرائيل والدول المجاورة لها.. نعم خطة «الحارس الجديد» الصهيونية.. تعد إعلانًا إسرائيليًا رسميًا جديدًا عن سلوكها الإجرامى لتأمين دولة الاحتلال والسعى نحو توسعها فى المرحلة القادمة!!.
أمام تعقيدات المشهد الإقليمى والعالمى العام.. أجدنى متحفزا لأن أستدعى من جديد بعض الرسائل التى بعث بها «قبل عقود»الجغرافى الفذ الراحل الدكتور جمال حمدان فيما يتعلق بفلسطين ومصر.. ففى كتابه «سيناء فى الإستراتيجية والسياسة والجغرافيا» يقول جمال حمدان عن الارتباط الوثيق بين الأمن القومى المصرى والأمن القومى الفلسطيني.. إن من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الأول.. ومن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء.. ومن يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير.. ومن يسيطر على خط دفاع مصر الأخير يهدد الوادي.. إنها علاقة «وجودية» تلك التى تربط مصر بفلسطين عبر سيناء.. لخصها جمال حمدان فيما أسماه «المعادلات الإستراتيجية الأربع».. ومن هذه المعادلات يمكننا أن نستنتج أن من يسيطر على «فلسطين» يمكنه أن يهدد «وادى النيل».
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.