عندما تشتد الأنواء والعواصف وتهب الرياح العاتية بدواماتها السحيقة وتحاصر الأمواج الهادرة السفينة في قلب بحر هائج وظلمة حالكة.. ينتفض كل من علي ظهرها.. علي قلب رجل واحد.. يشمرون عن سواعدهم لانقاذها يواجهون كل الأنواء والتحديات.. ينسون أنفسهم.. يبذلون ما في وسعهم لتصل السفينة إلي بر الأمان.
.. ولا أعتقد ان سفينة الوطن قد تعرضت من قبل لتحديات ورياح عاتية محملة بسموم المتآمرين وتكاتف قوي الشر وأعداء الوطن.. مثلما تتعرض له اليوم.. فمنذ 2011 تخوض الدولة المصرية حرباً لم تألفها لا في 56 ولا 67.. حرب هوية ووجود.. والعدو متشعب متعدد الهويات والأهداف.. من الداخل والخارج وكل الحدود والجبهات والسلاح ليس فقط عدة وعتاداً.. وإنما فكرياً وسياسياً واقتصادياً وعلي كل الألوان.. وأخطر أسلحة الجيلين الرابع والخامس من الحروب السوشيال ميديا ومواقع التواصل والغزو الفكري والثقافي والشائعات وبث سموم الفتنة والاحباط والتشكيك في كل شيء.. من هنا لابد لنا من تغيير الخطاب الإعلامي.. لا مجال للخلاف ولا النقد ولا هدف إلا وحدة الصف والرأي والهدف لنكون قلماً وطنياً واحداً خلف قيادتنا من أجل وطننا وأمنه وسيادته.
لدينا الآن منظومة إعلامية قادرة على فرض الرواية المصرية ومواجهة الأكاذيب، لكن مطلوب منا صحف وفضائيات ومواقع تواصل أن نكون فكراً واحداً وهدفاً واحداً.. وصفاً واحداً.. خلف الدولة المصرية لبناء الوعي الوطني.. وتوجيه الرأي العام لصالح البلاد والعباد.. ومقارعة الإعلام العالمي.. الرأي بالرأي والحجة بالحجة.. والوقائع بالدليل والبرهان.. وكشف زيف الآلة الإعلامية الغربية التي تروج جيداً وبدرجة كبيرة من الانتشار والتأثير.. ومعاييرها المزدوجة في التعامل مع قضايا المنطقة علي وجه الخصوص.. وإسقاط الأقنعة الزائفة التي تتحدث عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وهم أبعد ما يكونون عن ذلك.. فأي حرية يتحدث عنها الأمريكان وهم يساعدون ويمدون بالمال والسلاح دولة احتلال تبيد شعباً.. وتستوطن وطناً.. غطرسة وابتزازاً وغروراً وكبراً.. أي حقوق إنسان يتحدث عنها الغرب وأمام أعينهم أطفال ونساء وعجائز يموتون تحت الأنقاض وبرصاص قناصة وجنازير دبابات ودانات مدافع.. أي إنسانية يتحدث عنها الغرب بينما تمنع دولة احتلال الماء والهواء والطعام والعلاج عن صغار يموتون عطشا ونساء وعجائز يموتون جوعا وأجنة ورضع تخترق أجسادهم الغضة رصاصات قناصة.. لا يعرفون إلي الإنسانية سبيلاً ولا إلي الرحمة طريقاً.. ولا تحدثني بعدما شاهد العالم مجازر الاحتلال صامتاً لا يحرك ساكناً.. لا تحدثني عن مجلس أمن ولا أمم متحدة.. ولا نظام عالمي ولا حقوق إنسان.. إننا بلا مبالغة نعود إلي عصر الغاب.. لا بقاء فيه لضعيف ولا صوت يعلو فوق صوت القوة والسلاح.. وما تفعله دولة الاحتلال في غزة الآن.. سبق وان فعلته الدولة الأم والراعية والممولة لإسرائيل مالًا وسلاحاً وفى كل المحافل الدولية.. الولايات المتحدة الأمريكية فى فيتنام وأفغانستان والعراق.. انه مخطط تدمير وإسقاط وتفتيت الشرق الأوسط الجديد الذي روجت له أيضاً وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في بداية الألفية الجديدة. ولم نلتفت باهتمام لما روجت وقالت.. ومضي المخطط المحكم لتفتيت وتمزيق الشرق الأوسط.. من العراق إلي ليبيا وسوريا والسودان.. ومحاصرة الدولة المصرية الأبية العريقة.. من الشمال والجنوب والشرق..الأزمة الاقتصادية العالمية وحرب الدولار إلى حزام الأزمات المحكم.. كي تركع وتخضع.. لكنهم واهمون.. ولا يدركون صلابة وإرادة المصريين خلف قيادتهم الحكيمة التي قرأت المشهد مبكراً.. وأدركت حجم المخاطر والمؤامرات التي تحيط بالوطن.. وسيناريوهات الإسقاط المتعددة من سياسية واقتصادية واجتماعية.. وفتن وشائعات.. فكان إعداد العدة والعتاد.. والتنويع والتسليح.. والاكتفاء الذاتي.. والتوسع الزراعي والعمراني والاقتصادي.
ان هذه المرحلة التي يخوض فيها الوطن حرب وجود لا مجال فيها إلا لوحدة الصف والهدف.. وتوحيد الخطاب الإعلامي لبناء الرأي العام الواحد.. والتوعية الوطنية بمخاطر ما يتعرض له الوطن من تخطيط تآمري لادخال البلاد في دوامة الفوضي والدمار.
ان بناء الوعي الوطني ومواجهة المؤامرات والتحديات الجسيمة.. لا يقل عن حمل السلاح في ساحة المعركة.. فلنكن جميعاً جنوداً في معركة الوعي.