يوضح كمين الأبرار للمقاومة الفلسطينية ضد القوات الإسرائيلية والهجوم الإيرانى الجوى بالمسيرات والصواريخ على إسرائيل وجود تغيير واضح فى تخطيط المقاومة ضد إسرائيل وظهور معادلة ردع جديدة فى الصراع ضد التوسع الإسرائيلي.
لقد بدأت ملامح ظهور معادلة الردع الجديدة بحرب السادس من أكتوبر عام 1973 حيث نجح الجيش المصرى فى تنفيذ أنجح هجوم شامل على القوات الإسرائيلية منذ نشأتها عام 1948 وتلى ذلك عملية طوفان الأقصى على غلاف غزة وقتل 1200 إسرائيلى وأسر 242 استمرار المقاومة الفلسطينية لمدة ستة شهور، وبالرغم من عدم وجود توازن بين أعداد وتسليح المقاومة الفلسطينية وأعداد وتسليح الجيش الإسرائيلي، إلا أننا نجد حدوث نجاح فى تخطيط وتنفيذ المقاومة الفلسطينية لأعمالهم الفدائية حيث نجحت فى تنفيذ كمين الأبرار ليلة الـ 27 من رمضان عام 1445هـ الجمعة 5 أبريل 2024 فى منطقة «الزنة» شرق خان يونس بقطاع غزة والرائع هو التخطيط والمراقبة لتحركات القوات الإسرائيلية لمدة 50 يوماً وتعرفهم على أسلوب القوات الإسرائيلية فى التحرك بالمعدات والآليات لإنقاذ جنودهم عند تعرضهم لنيران المقاومة، وبذلك نجحت المقاومة الفلسطينية فى إيقاع مجموعة من جنود الكوماندز الإسرائيلى فى كمين محكم فى منطقة الزنة حيث سبق زرع عبوات ناسفة محلية الصنع فى منطقة المقتلة بواسطة أفراد من المقاومة قبل تنفيذ الهجوم والتمركز فى مواقع متعددة واستهداف جنود الفصيلة المشاة وقوامهم 15 فرداً بالرشاشات والقنص المباشر والاجهاز عليهم من المسافة صفر حيث تم قتل جنديين وجرح باقى المجموعة الإسرائيلية واستمر تمركز أفراد المقاومة لحين وصول الآليات والمركبات الإسرائيلية، وأدى الكمين إلى قتل وجرح العشرات من الجنود الإسرائيليين وكعادتها لم تعترف إسرائيل إلا بقتل أربعة جنود وجرح ستة آخرين.
بالرغم من الضغط العسكرى الإسرائيلى المستمر على المقاومة الفلسطينية لمدة أكثر من ستة شهور والنقص الواضح فى أفراد وتسليح المقاومة وعدم وجود إمداد مستمر بالسلاح والذخيرة نجد وجود تخطيط وتنفيذ حربى متميز لأفراد المقاومة ممثلاً فى كمين الأبرار «كمين الزنة».
وبالنظر للهجوم الإيرانى الجوى بالمسيرات والصواريخ كروز والصواريخ فيما سمى بـ «عملية الوعد» نرى حدوث معادلة ردع جديدة مع إسرائيل حيث استمرت إسرائيل منذ نشأتها فى تنفيذ أعمال ردع وهجمات هنا وهناك دون رد من الجانب الآخر ولذلك فإن 13 أبريل عام 2024 اعتبره يوماً تاريخياً فى معادلة الصراع مع إسرائيل.
أكد هذا الهجوم على موقف الدول الأوروبية الكبرى ألمانيا وانجلترا وفرنسا والولايات المتحدة المتعاون مع إسرائيل والمضاد لحقوق الفلسطينيين حيث تلاحظ استعداد وتعاون الدول الأربع مع إسرائيل لإعداد وإرسال الأسلحة والقوات والرادارات والبوارج والمدمرات فور حدوث الهجوم الإسرائيلى على القنصلية الإيرانية فى دمشق وتأكدهم بقيام إيران بهجوم جوى انتقامى على إسرائيل.
ونرى أن إسقاط الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية تم بنسبة ٪99 بواسطة الصواريخ والطائرات والرادارات الأمريكية والإنجليزية والفرنسية ولم تصل للغلاف الجوى الإسرائيلى إلا بنسبة قليلة، حيث تم إسقاط العدد الباقى ووصول عدد قليل من الصواريخ الباليستية إلى إسرائيل.
وبالرغم من تباهى إسرائيل والولايات المتحدة وشركائهما بالنجاح فى استهداف 99٪ طبقًا لأقوال إسرائيل من الطائرات والصواريخ إلا أن ما حدث هو تغيير جديد، وأرى أن هجوم طوفان الأقصى وكمين الأبرار والعملية الإيرانية ستؤدى إلى إحداث تغيير فى نظرة إسرائيل والولايات المتحدة وحلفائهما وتجعلهم يفكرون جيداً فى الموافقة على إنشاء دولة فلسطينية والدخول فى عملية السلام ووقف إطلاق النار فى غزة.
وهنا نوضح أهمية التركيز على تطوير المصانع الحربية والصناعات الحربية بالدول العربية لمواجهة التطور العالمى فى هذا الاتجاه حيث أن الصراع ضد التمدد الإسرائيلى مستمر طالما أن القيادات الإسرائيلية والشعب الإسرائيلى مصرين على عدم إقامة دولة فلسطينية وتحقيق هدفهم الذى يسعى نحو إنشاء دولة إسرائيل ما قبل الكبرى من خلال الضم النهائى لقطاع غزة والضفة الغربية بمساعدة الولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا وألمانيا والاعتراف بها بالأمم المتحدة قبل عام 2041.
وأوضح تحفظى على اعتبار الهجوم الإيرانى مسرحية هزلية بين إسرائيل وإيران برعاية أمريكية.