العلاقات أمر معقد ويصعب فهمه ما بين الارتباط عن حب أو زواج الصالونات يضع الشباب صورة افتراضية للحياة الزوجية ومن قبلها الارتباط والخطوبة.
تكون الصورة غالبا وردية وكثيراً ما تتأثر بصور حالمة من أفلام ومسلسلات أو حوارات مع المشاهير تختصر علاقات العمر فى جمل رومانسية أو دروس مثالية.
عندما يدخل الشباب فى الجد، يكتشفون أن تصوراتهم عن العلاقة المأمولة لا تتحقق كما يعتقدون.
يطلق الشباب على هذه الأفكار أو التوقعات relationship goals أو أهداف للعلاقة المنتظرة، مقولة أو صورة تختزل العلاقة القائمة أو القادمة مع رفيق العمر الحالى أو المنتظر.
تتغير الأهداف أو التوقعات حسب الشخصية فالعملية غير الرومانسية وأيضا حسب المحطة التى تقف عندها العلاقة، فتفاصيل التعارف تختلف عن حقائق الارتباط واختبارات الخطوبة غير متطلبات الزواج.
ومع ذلك يتسع مفهوم relationship goals ويتكرر فى منشورات الشباب على السوشيال ميديا لتطرحه الصديقة نورهان شكرى باعتباره مصطلحاً جديداً وافداً من قاموس الفيس بوك ويستحق النقاش من توقعات الشباب إلى نصائح الخبراء.
احذروا التريند
بدأنا بسؤال الشباب عن تفسيرهم للمصطلح الجديد وما أهداف العلاقة التى يرجون الوصول إليها بسلام والوصول بها إلى بر الأمان؟!
يوسف منصور «26 سنة» بكالوريوس إعلام، أعزب:
البعض يشارك صوراً أو مقولات أو حتى أخباراً عن علاقات للمشاهير أو فى الدراما باعتبارها الهدف الأسمى الذى يحلم به الشباب، بينما هى اخبار غير حقيقية أو حكايات كلها مبالغة أو تمثيل تستهدف التريند.
لأن السوشيال ميديا أصبحت مصدراً للأخبار ولتكوين الأفكار عن العالم كثير منها سلبى، لذلك يستخدمها البعض فى الترويج لعلاقات غير واقعية أو مختزلة.
العلاقات الحقيقية والسوية ليس مكانها الانترنت ولا يمكن تلخيصها فى أهداف واستراتيجيات الحياة ليست مباراة كرة قدم تسير وفقا للقوانين، وأعتقد أن هذه المصطلحات ترفع سقف التوقعات وربما تدمر علاقات قابلة للنجاح بسبب المقارنة.
كل علاقة لها ظروفها وأهم أسسها الحب والمودة والإخلاص والتضحيات من الطرفين، دون قواعد جامدة أو مقارنات ظالمة.
صورة سطحية
منة الله خالد «28 سنة» معدة ومقدمة برامج، عزباء:
لكل منا توقعات أو معايير نطمح لتحقيقها فى العلاقات العاطفية وغالباً ما يكون مصدرها أمثلة مثالية نراها على وسائل التواصل عند وصف لحظات أو مواقف رومانسية بين الزوجين وكثرة التعرض لهذه المنشورات يجعلنا نرسم صورة سطحية أو غير واقعية تعتمد على الشكل أكثر من الجوهر.. كأن العلاقات خالية من المشكلات.
يحتاج الأمر كثيراً من الوعى لإدراك أن النظرات الرومانسية والكلمات الشعرية لا تغنى عن العمل الحقيقى المطلوب للحفاظ على علاقة متينة.
عن نفسى أضع أهدافاً لعلاقاتى مثل الاحترام والثقة المتبادلة، والقدرة على التواصل الصادق والفعال ولابد من الانسجام بين طرفى العلاقة مع مرونة لتقبل الاختلافات أكثر من المثالية التى يروج لها العالم الافتراضي.
كل خطوة بحساب
شيماء عادل «37 سنة» مونتيرة، متزوجة:
العلاقات ليست عشوائية وعلى الإنسان أن يحدد ماذا يريد فى الحياة ويختار الشريك المناسب وأعتقد أن ظهور هذا المصطلح عبر بوابة السوشيال ميديا يؤكد أن هذا الجيل يفكر بشكل مختلف ويحسب كل خطوة لأن أهداف العلاقات تختلف باختلاف الاشخاص ومن المهم أن تتلاقى الأفكار والتصورات عن العلاقة وكل الأهداف قابلة للتحقيق مع الشخص المناسب.
فكرة الأهداف ليست خاطئة فى حد ذاتها لأن كل العلاقات سواء عاطفية أو أسرية أو حتى علاقات العمل تحركها أهداف حسب نوع العلاقة، فمثلا العلاقات العاطفية تقوم على الاحترام والتفاهم والاحساس بالأمان والدعم والمشاركة والاتفاق من البداية على هذه الأهداف واستيعابها والقدرة على تحقيقها سويا يقود إلى علاقة ناجحة.
أساسيات للبناء
أحمد محمد على «28 سنة» ليسانس حقوق، مرتبط:
أعتقد أن العلاقات العاطفية ليس لها قوانين ثابتة، وإنما أساسيات سليمة نبنى عليها العلاقة لتنمو وتتطور إلى السعادة واختصارها فى أهداف بعينها يحولها إلى خطة وأهداف وليست حباً ومشاعر، وأعتقد أن ما نراه على السوشيال ميديا ويحتفى به الشباب هو الجانب الحلو من العلاقة لأن أى علاقة تمر بمشاكل وخلافات والعلاقة القوية تستمر وتستكمل البناء حتى إن مرت بأزمات لكن تصدير الصورة المثالية وحدها يجعل الناس تبحث عن علاقات بالجاهز، ولا يضعون البنيان بتأنى لذلك أفضل وصف هذه التوقعات بالأسس أو الأساسيات التى تجمع الطرفين على قيمهم المشتركة وتربيتهم المتقاربة مع تقبل الحلو والمر فيهما وفى ظروف العلاقة نفسها.
البحث عن معايير
حملنا إجابات الشباب إلى د.وفاء متولى موجه أول التربية النفسية بإدارة الدقى التعليمية، التى ترى المصطلح القادم من السوشيال ميديا ذا وجهين، إيجابى وسلبي.. إيجابى لأن هذه الاستشهادات من لقاءات المشاهير أو حكايات الدراما قد تمثل عنصراً تحفيزياً للشباب، خصوصاً لهؤلاء الذين لا يجيدون التعبير عن مشاعرهم أو احتياجاتهم، فيجدون ما يمثلهم أو معياراً يتشبثون به باعتباره المعيار الأمثل للحكم على نجاح العلاقة فى ظل افتقادهم للمعايير السليمة لبناء أو إنهاء العلاقات.
على الجانب الآخر، تحذر من سلبيات الافراط فى التوقعات لأن ما يشاركه الشباب لقطة منفصلة عن الأبعاد الأساسية للحياة تعبر عن لحظة نفسية أو زمنية معينة، فهو يشاهد المشاهير بعد التحقق ولا يرى رحلة الحرمان التى مروا بها، وبالتالى يصنع مقارنات مجحفة قد تقوده إلى الإحباط أو عدم التوافق النفسى مع محيطه سواء فى العمل أو العلاقات.
توضح الخبيرة النفسية أن relationship goals هى البديل الشبابى لفكرة «الأصول والعادات والتقاليد» التى كان يستخدمها الأجيال السابقة ومنها الكرم والعطاء والحفاظ على أسرار العلاقة الزوجية والإصلاح بحكم من أهله وأهلها وغيرها من المعايير.
تؤكد د.وفاء أن من حق كل شاب أو شابة أن يحدد هدفه من الارتباط.. هل تكوين الأسرة أو إنجاب الأطفال أو تحقيق مكانة اجتماعية إلخ.
المهم، الصراحة والوضوح بين الطرفين وعدم ازدواجية الأهداف وصولاً للأهداف المشتركة وهذا يقلل الكثير من الخسائر ويتفادى الكثير من التعقيدات.
أما التطلعات أو التوقعات قبل خوض العلاقة قد تحمل تصورات صحية أو غير واقعية، لذلك من المهم ألا ينجرف الشباب فى سقف التوقعات بما لا يتناسب مع الواقع وأن يفكر فى الإمكانات ليس بمعناها المادى فقط، بل أيضا الأفكار والمعتقدات والقناعات للطرفين.
تنصح وفاء بوضع قاعدة الحد الأدني، بحيث يصل كل شاب أو شابة إلى معاييرهم للحد الأدنى الذى يقبلون به فى العلاقات سواء الحد الأدنى من التفاهم والأفكار المتبادلة والماديات وتعريف الحد الأدنى نسبى يختلف من شخص لآخر.
لذلك نصائحها للشباب فى مرحلة الارتباط الاتفاق على معايير واضحة يصلون إليها بعد الكثير من الحوار والتفاهم وتوصى بالحصول على دورات الإرشاد الزواجى وتربية الأطفال قبل الزواج ليس من قبيل الموضة ولكن على سبيل الضرورة لتقليل فجوة قائمة بين التوقعات والواقع وأيضا لافتقاد الشباب أساليب التنشئة الإيجابية وغياب القدوة..وتختتم أن أهداف العلاقة ربما يكون مصطلحاً قادماً من الواقع الافتراضي، لكنه أيضا يعكس تعطش الشباب لمعايير الصواب والخطأ ورغبتهم فى تكوين معاييرهم الخاصة لعلاقة ناجحة أو فعالة وهو أمر مسموح به بعيدا عن الإفراط والتفريط.