رفض حل الدولتين مبدأ مترسخ فى تاريخ نتنياهو
بتبجح هدد وزير خارجية الإحتلال جدعون ساعر، بفرض السيادة على مستوطنات الضفة الغربية وغور الأردن، ردا على أى اعتراف بدولة فلسطين من دول كبرى بينها بريطانيا وفرنسا وقالت وسائل إعلام عبرية إن وزراء فى الحكومة أرسلوا تهديداً حاد اللهجة إلى الدول الأوروبية الرئيسية وقالوا إن أى اعتراف أحادى الجانب بالدولة الفلسطينية قد يدفع الاحتلال إلى اتخاذ تدابير أحادية الجانب أيضاً، بما فى ذلك ضم أجزاء من الضفة الغربية، كماحذر وزير الشئون الاستراتيجية الإسرائيلى رون ديرمر كلاً من وزير الخارجية الفرنسى جان نويل بارو، ووزير الخارجية البريطانى ديفيد لامى، من أنّ إسرائيل قد ترد على الاعتراف بدولة فلسطينية بضم المنطقة «ج» من الضفة الغربية وشرعنة البؤر الاستيطانية غير المصرح بها.
تصاعد التوتر بين الاحتلال الإسرائيلى وعدد من الدول الغربية، بعدما هدّد الأسبوع الماضى الرئيس الفرنسى ورئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر ونظيره الكندى مارك كارنى، باتخاذ إجراءات ملموسة ضد الاحتلال إذا لم يوقف حربه التى استأنفها على قطاع غزة، وأن يرفع القيود المفروضة على المساعدات، وقال الثلاث إنهم يعارضون أى محاولة لتوسيع المستوطنات فى الضفة الغربية، ولن يترددوا فى اتخاذ المزيد من الإجراءات، بما فى ذلك فرض عقوبات محددة الهدف ولن يقفوا متفرجين بينما يواصل الاحتلال هذه الأعمال الفظيعة وإنهم ملتزمون بالاعتراف بدولة فلسطينية.
بحسب معلوماتى يسعى ماكرون إلى أن يكون 18 يونيو، موعدا لإعلانات رسمية من عدة دول بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فى مؤتمر بنيويورك, فى حين أبلغت الولايات المتحدة إسرائيل بأنها لن تشارك فى المؤتمر، لكنها لن تمارس ضغوطا علنية على الدول الأخرى لثنيها عن المشاركة.
تعترف 149 دولة بفلسطين من أصل 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، وفى 20 يوليو 2024، قالت محكمة العدل الدولية إن استمرار وجود إسرائيل فى الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانونى، مشددة على أن للفلسطينيين الحق فى تقرير المصير، وأنه يجب إخلاء المستوطنات الإسرائيلية القائمة على الأراضى المحتلة, ووفق تقارير فلسطينية، فإن عدد المستوطنين فى الضفة بلغ بنهاية 2024 نحو 770 ألفا، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة تصنف على أنها رعوية وزراعية.. والمستوطنة هى التى تقام بموافقة الحكومة الإسرائيلية، بينما البؤر الاستيطانية يقيمها مستوطنون من دون موافقة من الحكومة.
يستند إصرار نتنياهو رئيس وزراء الإحتلال فى رفضه إقامة دولة فلسطينية، إلى دوافع عقائدية وتاريخية قديمة، بجانب أسباب سياسية وانتخابية وشخصية، فرفْضُ حل الدولتين مبدأ مُترسّخ فى مسيرة نتنياهو، سواء وهو فى السلطة أو حين كان زعيما للمعارضة، وظهر ذلك فى موقفه من اتفاق أوسلو عام 1993، فلطالما ضاعَف نتنياهو مُعارضته لأى أجراءات تؤدى فى نهاية المطاف إلى حل الدولتين ولطالما تفاخر بذلك وقال: «أنا الوحيد الذى منعت إنشاء دولة فلسطينية».
حين أحضر رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين، أوراق اتفاق أوسلو إلى الكنيست لإقراره، فى سبتمبر 1993، تصدّى له زعيم المعارضة آنذاك، بنيامين نتنياهو، متحدّثا عن الجذور التاريخية والتلمودية للشعب اليهودى مع مناطق الضفة الغربية والقدس وبيت لحم والخليل، مؤكدا أنّ أهميّة هذه المناطق لليهود تفوق تل أبيب وحيفا وبئر السبع, وحينها، اتهم نتنياهو كل من يتنازل عن القدس والضفة بالخيانة، ورغم أن الاتفاق تمّ تمريره بأغلبية، لكن أقوال نتنياهو تمّت ترجمتها لاحقا باغتيال رابين 1995، ثمّ تولّى نتنياهو رئاسة الحكومة لأول مرة عام 1996.
على الصعيد الانتخابى لم ينجح نتنياهو خلال 5 جولات انتخابية فى كسب الأغلبية منذ 2018 حتى الانتخابات الأخيرة ، لذلك اختار الهروب للأمام عبر التيار اليميني؛ باعتبار أن نقطة التقاء جمهور العلمانيين اليمينى والجمهور التلمودى هى العداء لحق الفلسطينيين فى تقرير المصير.
فى رأيى أنا الحل الحاسم يكمن فى حل الدولتين و أن هذه خطوة مهمة فى الاتجاه الصحيح نحو إعادة الاعتبار لمبادئ القانون الدولى، التى قوضتها حكومة نتنياهو, وينبغى ترجمتها بشكل عاجل إلى خطوات عملية فاعلة تضع حدا للمأساة الإنسانية المتفاقمة فى غزة, كما أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية لن يكون فعالا ما لم يقترن بإجراءات ملموسة مثل فرض عقوبات أو حظر تجارى، لتفادى أن يتحول إلى مجرد خطوة رمزية تفتقر إلى التأثير العملى.