المشروعات الكبرى التى تنتظم البلاد طولاً وعرضاً بمختلف النوعيات، صناعية وزراعية وتعدينية.. لا شك كان لها مردود إيجابى على حياة المواطن، خاصة أنها هدفت ضمن ما هدفت المواطن أولاً.. ثم بعد ذلك التصدير إلى الأسواق الخارجية بغرض دعم الدخل القومى من العملات الأجنبية التى تسهم بدورها فى استيراد الاحتياجات من السلع التى لا يتوافر لها مثيل محلى.
لكن حين نتأمل المشهدين جيداً، خاصة فى مجال الإنتاج الزراعى على سبيل المثال.. نجد أموراً غاية فى الغرابة نعيشها نحن المصريين.. إذ كيف تنفذ الدولة هذا الكم الهائل من المشروعات الزراعية سواء فى شرق العوينات وتوشكى وفى سيناء.. والأهم من هذا كله المشروع النموذج «مستقبل مصر» الذى شاهدنا جزءاً يسيراً من منتجاته خلال افتتاح موسم حصاد القمح خلال الأسبوع المنصرم.. فعلى الرغم من كل ما ذكرت، فإن هناك معادلة غير مقبولة عقلاً أو منطقاً.. وملخص الأمر هو المغالاة الكبيرة التى نجدها من جانب تجار التجزئة لأسعار الفاكهة بكل أنواعها.. ورغم أننا ننتج ما يفيض على الحاجة «المحلية»، بل ويتم تصدير الكثير من الفواكه المصرية إلى الخارج.
إذن هناك حلقة «مفقودة» ما بين المنتج والتاجر.. فالسعر الذى يشترى به التاجر من صاحب المزرعة لا يتجاوز تكاليف النقل وخلافه- على ما أعتقد- 25 ٪ من الثمن الذى تباع به السلعة فيما بعد.. وبالتالى فمن يقول إنها مسألة عرض وطلب، يكون فى ذلك مجافياً للحقيقة والواقع المُعاش، لأنه بذلك يطلق العنان لهذه الفئة التى تتسم بالجشع فى فرض ما تشاء من أسعار على حساب المواطن الذى يعانى من أجل تدبير حاجيات أسرته.. ومن هنا فإن الأجهزة المعنية بالرقابة يقع على عاتقها العبء الأكبر من أجل ضبط الأسواق من جديد.. وأعتقد أنها تملك من الوسائل الكثير من الذى يمكنها من إعادة حالة الانضباط، بل والضرب بيد من حديد على يد تجار الأزمات من مجموعة المشتغلين الذين لا يتركون فرصة، إلا ويعملون من أجل تضخيم ثرواتها من دماء الشعب، وهو الأمر الذى لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون مقبولاً من جانب المسئولين.. فنحن نعيش عصراً الكل فيه سواء أمام القانون.. وبالتالى فكل من تسول له نفسه المتاجرة بأقوات المصريين لن يكون بمنأى عن المحاسبة عما اقترفت يداه من سوء، خاصة ونحن فى مرحلة بناء الجمهورية الجديدة التى يجب أن تتخلص من هذه الشرذمة التى تسىء إلى المنظومة الرائعة التى تعمل من أجل مصر حتى تكون الجمهورية الجديدة هى مضرب المثل فى كل شىء بدءاً من الاكتفاء الذاتى من كل شىء وصولاً إلى تصدير الفائض إلى الخارج وانتهاء بالسلوكيات الإيجابية التى يجب أن يتحلى بها الجميع، حكاماً ومحكومين.. وساعتها سنردد معاً فعلاً «مصر بخير».